يبدو أن «جريدة قالوا» التي لا تعتمد إلا على القيل والقال في نشر الأكاذيب قد أدخل عليها محترفوها تقنيات جديدة تعوض «قالوا» في نشر أخبارها وتحديد مصادرها في دائرة المصدر الموثوق به والحاشية والعين وأقرب المقرّبين وشاهد العيان لإدخال المعلومة ب«الكورنو» في الرؤوس الكبيرة الفارغة إذ بات من يأتيك بالخبر الذي لا يصدقه أحد يؤكد لك وللناس أجمعين أن الخبر من مصدر موثوق به، أو جاء حالا ساخنا من العين أو من الحاشية أو من أقرب المقرّبين من الحدث أو من شاهد عيان من الثقات فينتشر الخبر انتشار النار في الهشيم في شهر أوسو ويصبح قائم الذات في قناعات المساكين قياما ثابتا أثبت من ثبات إهرامات مصر في مكانها حتى وإن جاءتهم مليارات حجج الإثبات الدامغة على أن ذاك الخبر كاذب وجاء به فاسق لا غاية له إلا أن يصيب القوم بجهالة. وهو ما يحيلني على نكتة تداولتها العامة في السبعينات من القرن الماضي تقول: تقابل صديقان حميمان فرّق بينهما الزمن مدة طويلة الى أن سنحت الصدفة بلقائهما فتقابلا وتعانقا طويلا وأمطرا بعضيهما بالقبل والسؤال عن الأحوال والصحة ومآسي الجري وراء الخبزة في الغربة. وبعد أن ركنا الى الراحة وملء الصدر بفرحة اللقاء السعيد بعد الفرقة الطويلة ابتعد أحدهما عن الآخر في ريبة وحيرة واستغراب شديد من وجود صاحبه أمامه وبادره بالسؤال لا أصدق إطلاقا أنك على قيد الحياة. لقد قيل لي إنك متّ من زمان بعيد فأجابه ها أنا حيّ أرزق أمامك لحما ودما وعظاما ونفسا وحركة فردّ عليه لا أصدقك أبدا فسأله لماذا لا تصدق أنني حيّ يا صاحبي العزيز؟ فأجابه قائلا: قيل لي إنك متّ إذن فأنت ميّت و«اللّي قال لي ما يكذبش» وتركه وذهب في سبيله. ربّ نكتة أبلغ من كتاب عن وضعنا الحالي في الشارع وقبله في الاذاعات والتلفزات وما لفّ لفّه حولهما .. هكذا يقول الواقع اليومي و«اللّي قال لي ما يكذبش».