عاجل/ جامعة صفاقس تتحصّل على الاعتماد في دراسات الطب    عاجل/ إجتماع أوروبي في بروكسيل يناقش تعليق التجارة وفرض عقوبات على اسرائيل    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    كاس افريقيا للاندية الفائزة بالكؤوس لكرة اليد: الترجي الرياضي يفوز على وداد سمارة المغربي 34-26 ويتاهل الى المربع الذهبي    تعيين خبراء لتدقيق التقرير المالي للنادي الإفريقي    القيروان: أسعار أضاحي العيد بين 700 و1200 دينار    السينما التونسية تحصد أربع جوائز في اختتام الدورة التاسعة لمهرجان العودة السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    حيّ هلال: حجز 310 صفائح 'زطلة' و100 غرام كوكايين لدى زوجيْن    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكاس للسيدات: تأهل الجمعية النسائية بالساحل الى الدور نصف النهائي    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    عاجل/ بريطانيا تستدعي سفيرة اسرائيل لديها وتتّخذ هذا الإجراء    سعر الأضاحي يصل 1400 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    كرة اليد: مكتب جديد للرابطة النسائية برئاسة محمد علي الزياني    اتهام ابنتي نور الشريف بالاستيلاء على مليون جنيه    تونس: صابة قياسية في الفستق    في قضية رجل الأعمال يوسف الميموني: تمديد الإيقاف التحفظي بمحام    توننداكس يزيد ب10،25 بالمائة نهاية الثلاثي الأوّل من 2025    عاجل/ نتنياهو يهاجم هؤولاء الرؤساء..وهذا هو السبب..    بالفيديو تعرف على المشهد الذي أبكى عادل إمام وتفاصيله    تشامبرز: لن نعترف بأي قرارات جديدة من هيئة دخيل قبل استشارة فريق عملي    خلال ندوة رفيعة المستوى بجنيف.. تونس تبرز تجربتها في المشاركة المجتمعية في السياسات الصحّية    مشروع تنظيم صالون البناء في مصراتة بتنظيم مشترك بين غرفة التجارة بصفاقس ونظيرتها الليبية.    10 سنوات سجنا لمروج كوكايين بحي النصر والمنازه    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    هذا موعد عودة درجات الحرارة الى المعدلات العادية..    أمطار أفريل: الشمال والوسط يُسجّلان معدلات قياسية    في عيد الأم: 6 هدايا بسيطة... بقلوب كبيرة!    جريمة قتل مروعة/ فصل رأسه عن جسده: شاب ينهي حياة والده شيخ 95 سنة..!    مصر: سقوط طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    نقابة التاكسي الفردي: نسبة نجاح الإضراب تجاوزت 95% وتعليق مؤقت في انتظار نتائج التفاوض    ساحة باردو: تحويل جزئي لحركة المرور ودعوة مستعملي الطريق إلى الحذر    في هذه الولاية..وفرة في الأضاحي وأسعار أقل ب150 دينار مقارنة بالسنة الماضية    انطلاق عملية التسجيل وإعادة التسجيل في رياض الأطفال البلدية التابعة لبلدية تونس للسنة التربوية 2026-2025    بشرى سارة: انخفاض أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    طرابلس: العثور على 58 جثة مجهولة الهوية في مستشفى    إطلاق خط جوي جديد دبلن – النفيضة    اليوم في الجلسة العامّة: البرلمان يحسم في تنظيم العقود ومنع المناولة    السجن ثم السفارة: المصادقة على تعيين أب صهر ترامب سفيرًا بفرنسا وموناكو...مالقصة؟    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    رئيس الجمهورية: الثورة التشريعية لا يمكن أن تتحقق الا بثورة في إدارة المرافق العمومية    طقس اليوم: ظهور خلايا رعدية محلية مرفوقة بأمطار    طهران: تونس تدعو دول منظمة التعاون الاسلامي إلى إقامة شراكة متضامنة ومستدامة في مجال البحث العلمي    النائب رؤوف الفقيري: السجن لكل من يُمعن في التشغيل الهش... ومشروع القانون يقطع مع عقود المناولة نهائيًا    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    نابولي وإنتر دون مدربيهما في الجولة الختامية من الكاتشيو    الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    خلال الحفل السنوي بفرنسا...تتويج تونسي في مهرجان «كان» السينمائي    المهدية... في اختتام شهر التراث.. «الجبة» واللّباس «المهدوي» في قائمة «اليونسكو»    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    الخطوط التونسيّة تؤمن 44 رحلة لنقل 5500 حاج خلال موسم الحج    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









عاطف بن حسين ل «الشروق»: ما ينقص الثقافة والمسرح الرجل المناسب في المكان المناسب
نشر في الشروق يوم 12 - 04 - 2011

مسرحية «أنتوكس» هو العمل المسرحي الجديد الذي أطلّ به الممثل عاطف بن حسين مؤخرا ولم تكن إطلالته أكثر إثارة من إطلالته في برنامج «شارع الحرية» حيث كلفه تعبيره عن رأيه في الحبيب بورقيبة تهديدات خلفت له أسفا برتبة استياء، حول تفاصيل العودة المسرحية وتبعات آرائه دارت محاور هذا الحوار الذي جمع «الشروق» بهذا المبدع بمدينة سوسة بعد عرض من تنظيم جمعية الصم بالمدينة والذي لم يتخل فيه عن جرأته وصراحته المعهودة واعتزازه بثوابته وهذه التفاصيل.
ماذا أردت أن تقول بمسرحية «أنتوكس»؟
في البداية أودّ أن أوجّه تحية ل «الشروق» وكل قرائها، انطلقنا في التحضير لهذه المسرحية منذ شهر سبتمبر الفارط والفكرة راودتنا منذ شهر جوان واعتبرها مسرحية مخضرمة لأنها عاشت قبل الثورة وانتهت كتابتها بعدها ولأول مرة أعرضها أمام الجمهور دون المرور عبر لجنة التوجيه المسرحي وهذا مكسب مهم طالما طالبنا به لإلغاء فكرة الرقابة والتوجيه في حد ذاته وأنا بدوري بصدد الاستمتاع في هذه المسرحية بالحرية كلما صعدت على الركح وأشعر أن الثورة ستخلق وسائل تعبير جديدة ستقرّبنا أكثر من الجمهور ومن فكره وتصوراته وأطوار هذه المسرحية تعتبر غريبة لأننا كنا خائفين قبل الثورة من مسألة الحذف والرقابة وكنا دائما نختار ما سنعرضه امام اللجنة وما سنعرضه أمام الجمهور وجدنا بالصدفة أشياء تناسب حوادث الثورة فتركناها واضطررنا الى تغيير اشياء اخرى لمواكبة الأحداث وتعتبر هذه المسرحية تحديا وتعبيرا عن خوفنا من أن لا تتحقق مكاسب الثورة ونحن كمسرحيين خائفون من السياسيين ومن السياسة خائفون لو ترجع المشاهد التي كنا فيه في «انتوكس» «دعوة الى تغيير العقلية بأن لا ينظر المواطن الى السلطة بنفس المنظار في السنوات السابقة وأيضا كي لا تعود السلطة الى ممارستها القمعية والاستبدادية.
ألا ترى أن هذه المسرحية في أكثر من موضع تبعث نوعا من الشك في نفس المتفرج يمس ربما ما يعتبر من مكاسب الثورة ذاتها وتجعله يتخلى عن بعض المسلمات؟
نعم بالتأكيد هذه قراءة صحيحة فنحن نحب الحيرة والشك الذي يولّد أشياء صحيحة فالثورة تحققت والرئيس الفار فرّ ولم تعد هناك سرقات يهمنا مستقبل تونس الذي ممكن أن يفتك منا الحلم الذي نعيشه اليوم النابع من التخلّص من المافيا التي كانت تكبلنا ونخاف أن يكون الوضع مهيئا لرجوع مافيا جديدة وهذا امر سهل في ظل مواطن حالم يعتبر أن الثورة حدثت وانتهى الأمر فالعمل لازال متواصلا والمواطن مطالب باليقظة ولا العيش على الذكريات والأحلام، فسهل جدا أن نجدهم يؤسسون ذكرى 14 جانفي وانشاء شارع البوعزيزي وساحة الشهداء وتنتهي الحكاية عند الذكريات فنحن نريد التحيين بأن المستقبل أهم فحتى نكون أوفياء للشهداء ولمن قبلهم لابد من تأسيس دولة مثل التي حلموا بها ومثلما يحلم بها الجميع ديمقراطية عادلة لماذا سيدي بوزيد لا تصبح مثل سوسة والقصرين مثل صفاقس وقفصة مثل تونس العاصمة وغيرها.
من خلال عدة لقاءات كنت تدافع عن فكرة «المسرحية» بمفهومها الجماعي وكانت لك احترازات على المسرح الفردي الذي لم يفعّل مفهومه الحقيقي في تونس ولكن نجدك اليوم تجسّم هذا المسرح؟
يبقى هذا العمل في نهاية المطاف مسرحية ولكن لو خيّروني بينه وبين المسرح الجماعي لاخترت الثاني و«أنتوكس» هي جزء من مشروع متكامل ستتبعه مسرحية أخرى بعنوان «مسبق الدفع» سيمثل فيها فؤاد لتيم وسأقوم باخراجها وبعد ذلك سأصطحب فؤاد في التمثيل بمسرحية ثالثة فهي لعبة في نهاية المطاف فأنا لست ميالا بطبعي الى هذه النوعية المسرحية ولكن عندما أجد الظروف الملائمة لا أرى مانعا واحتضان شركة انتاج لثلاثة أعمال متتالية ليس بالشيء الهيّن وعندما وجدت من يؤمن بالمشروع المسرحي اقتحمت هذه المغامرة قصد التجريب رغم التخوّفات التي لازلت أشعر بها بحكم عدم تعوّدي على التواجد بمفردي على الركح تجاه الجمهور فهي تجربة «حلوة» لا تخلو من صعوبات حرصنا على عدم استسهال هذه المسرحية فلا زالت تتطلب المزيد من العمل فهي بصدد النضج شيئا فشيئا فموضوعها ليس فلسفيا هي مسرحية لا غير دائما أحرص على الفكرة والطرح الذي يجب ان أكون وفيا له سواء كانت مسرحية فردية أو جماعية.
كان لك موقف ضد الظهور التلفزي وشاءت الاقدار أن تكون الشاشة الصغيرة سببا في شهرتك فهل تغير موقفك بمجرد هذه الشهرة؟
صحيح قضيت عشر سنوات لم أدخل الى التلفزة وكان لي موقف صارم رغم أنني تلقيت عدة عروض لم أكن ضد التلفزة ولكن ضد جهاز الانتاج التلفزي وضد تقزيم الممثل بتلك الطريقة حتى كانت التجربة مع سامي الفهري التي وجدت فيها كل الاحترام للممثل مما جعلني ارجع الى التلفزة وهناك من لم يكتشفني الا في مسلسل «مكتوب» رغم تجربتي المسرحية السابقة بحكم أنني خريج المعهد العالي للفن المسرحي منذ 1998 وأعمل أستاذ مسرح بالمعهد إضافة الى تجاربي المحترفة ورجوعي الى التلفزة كانت الفرصة الحقيقية التي مكنت الجمهور العريض من معرفتي.
هناك من يعتبر سامي الفهري محسوبا على «الطرابلسية» وعاطف محسوبا على سامي فهل ذلك يشرع علاقتك بهؤلاء؟
محسوب (يكررها مرتين) «تي محسوب» (يضحك) أنا ديما يحسبونني: سبع سنوات في «التياترو» اعتبرونني محسوبا على توفيق الجبالي ثم علمت مع سامي جعلونني محسوبا عليه ثم اعتبرونني محسوبا على «ألكزار».
لكن كان «الفضل» لسامي الفهري في ظهورك التلفزي؟
نعم أعترف بذلك فقد أعطاني الفرصة مثلما وفرها للعديد، فقد عملنا مع سامي أكثر من مئتين وخمسين مثلا.
وكنت الممثل المدلّل لسامي؟
لا، ولكن كنت الأكثر إيمانا بالمشروع ربما يرجع ذلك الى طابع الصدق الذي أحرص على تفعيله في عملي، فلم أتخاذل مع أي أحد قمت بواجبي كما ينبغي والعلاقة الخاصة نتاج العمل المخلص، فلا قرابة دموية تجمعني بسامي الفهري ولست شريكا له حتى يعاملني معاملة خاصة، فالعديد من الممثلين كانوا مقربين من سامي بحكم اجتهادهم وانضباطهم وطبيعي بمثل هذه الصفات أن يكونوا مقرّبين له فأنا فنان أبقى حرا، من يحسبني على فلان يعتبر من الذين يصطادون في الماء العكر وأقسم بأني لم أقابل أحدا من الطرابلسية ومن له دليل على ذلك فليتقدم به فأنا أستاذ تربية مسرحية مدخولي عادي لا أملك منزلا فلو كانت لي علاقة مشبوهة لكانت لي أملاك مشبوهة أيضا لوجدتني أنتظر في لجنة للمحاسبة ومرحبا بهم لو أنهم يشكون في شيء. كل الناس يعرفون أني مواطن عادي.
هل تعتبر أن علاقة سامي الفهري بالطرابلسية أضرّته في الصميم؟
سامي هو شريك بلحسن الطرابلسي، ولم يكن له خيار بأن يرفض سمّ لي شخصا في تونس كان يرفض التعامل مع بلحسن أو مع أحد أقارب الرئيس الفار، هكذا كانت سياسة الدولة المرتكزة على أساليب استغلال المشاريع الناجحة.
هل تعتبر أن سامي تورّط في ذلك؟
مما لا شك فيه لقد تورط فعلا فبلحسن الطرابلسي لم يكن مبدعا ولا مشاركا في حصص سامي، بل كان يتواجد في مكتبه ينتظر الأرباح مثلما كان يتعامل مع العديد من الشركات وهذا يعلمه كل التونسيين ولا أعرف طبيعة العلاقة التي تربط سامي ببلحسن.
سبق دعوتك الى برنامج «شارع الحرية» قبل الثورة من طرف سمير الوافي ولكن لم تتم الحصة بسبب ظهور بعض الاحترازات على السطح لانتمائك الى شركة «كاكتيس» وأنت نفسك تراجعت عن قبولك الدعوة وحضرت في هذا البرنامج مؤخرا وكلفك هذا الحضور غاليا بسبب تعبيرك عن رأيك في الحبيب بورقيبة، كيف تفسر كل ذلك؟
قبل كل شيء، لو وجدت احترازات على حضوري في قناة حنبعل لم تكن من طرفي ولا من طرف سامي الفهري، لقد تلقيت دعوة من طرف سمير الوافي وهو صديقي وأعزّه وأحترم عمله كثيرا وأحييه على ما كتبه عني مؤخرا في خصوص ما حدث لي في المنستير ومن أكثر المقالات التي أعجبتني حول حرية التعبير ولم نتفق في الموعد لأني كنت خارج تونس العاصمة في تلك المدة، وبالتالي وجدت صعوبة كبرى في التنقل، وفي خصوص حضوري مؤخرا في هذا البرنامج فذلك يرجع الى مبدئي في الاستجابة لكل من يدعوني، فالعديد من أصدقائي يلومونني على ذلك ولكن أنا لا أرى مانعا في الحضور في مختلف البرامج دون تمييز وكلفني حضوري في العديد من المرات ثمنا باهظا.
ممكن يرجع ذلك الى طبعي الانفعالي وصراحتي الجريئة وفي «شارع الحرية» قلت رأيي في بورقيبة وأتحمل مسؤوليتي في ذلك ورأيي واضح فأنا أرفض الزعامة والأبوّة لأي شخص كان كمواطن، كفرد تونسي حرّ فأنا ابن أبي وأمي ولست ابن لأحد مثلما أربي ابني أن يكون لي وحدي وابن تونس يحب مدرسته ومعلمه والشارع.
هذا موقفي وهذه تربيتي التي نشأت عليها ولا أرى مبرّرا لمحاسبتي على ما صرحت به بمثل ذلك العنف مما يحيلنا على خطر محدق وأنت نفسك تعرضت الى عنف بسبب مهمتك الصحفية فهناك حالة من الفوضى والصمت من طرف الناس والمسؤولين والأحزاب المعارضة التي كنا نتوسم فيها الكثير من الخير ليساندوا الفنان والثقافة لكن للأسف ظهر بالكاشف أنهم لا يملكون أي برنامج ثقافي ولا يعرفون حتى الفنانين لا أدري ماذا سيحدث في المستقبل.
كيف تصف ما حدث لك في المنستير؟
ما حدث في كل الحالات يعتبر خطأ، وأخذ أكثر من حجمه، فالفراغ العاطفي والروحي والأمني يولد أشياء مثل هذه، فوجدوا إنسانا معروفا فأرادوا أن يفرغوا فيه شحناتهم، فكل واحد كانت له خلفية هناك من أتى ليغسل تاريخه الوسخ والآخر يريد أن يؤسس لشيء جديد الى جانب أشخاص يكرهونني وآخرين يحبونني حبا عنيفا فيختفون وراء «الفايس بوك» لتفريغ مختلف هذه الشحنات. ففي المنستير تهجم علي أفراد متعصبون لفكرة ردّوا الفعل بطريقة عنيفة فأنا لست مسؤولا سياسيا وليست لي توجهات سياسية وأنا بطبعي معارض لأي سياسة ويمكن لك أن ترجع لمختلف أحاديثي الصحفية وتلاحظ ذلك، فأنا ابن معارض وسأبقى كذلك مهما كانت السلطة لأن هذا دور الفنان الذي يبحث عن مشاكل السلطة ليفضحها فأنا أريد أن يكون المواطن حرّا أكثر ما يمكن وعندما عبرت على رأيي حدثت تلك الشوشرة.
لو عبرت عن رأيك هذا في فترة لاحقة، هل تتوقع نفس ردّة الفعل؟
لا أتوقع ذلك، فالفئة التي هاجمتني فيهم من لا يعرف بورقيبة أصلا أعتقد أنها حملة وراءها غايات سياسية فأنا مع ردّ الاعتبار الى بورقيبة ولكن ليس بمثل تلك الطريقة على حساب حرية الرأي وتصبح «بروباقندا» وحملات اشهارية لبيع أفكار مزيفة قتصريحي كان في وقت حساس جدا، فهناك كتاب للباجي القايد سبسي بصدد البيع في المكاتب وهناك ملامح عودة الى البورقيبية لا أدري من الذي يقف وراءها ومن المسؤول عنها اضافة الى الاحتفالات بذكرى وفاته، فالعديد لا يعرف متى توفي بورقيبة فتاريخ الوفاة كان قبل 6 أفريل حيث وقع الاحتفاظ به قبل دفنه لتأمين جنازته أنا مع العودة الى الفكر البورقيبي ولكن ضد تأليه الاشخاص وشخصنة الافراد فرسالة تخرجي في نصفها كانت تتمحور حول علاقة بورقيبة بالثقافة وهذه المعلومة لا يعرفها العديد حتى من طرف المحتجين ذاتهم.
تصاريح أخرى أثارت بلبلة نوع ما صدرت من طرف ليلى الشابي وسلمى بكار حول ما حدث لهم في «بن قردان» عن الاحكام رغم ان اعضاء لجنة حماية الثورة ببن قردان كشفوا الحقيقة هل ترى ان الفنان يجب ان يركّز على الابداع وعلى فنّه ويتجنّب مثل هذه التصاريح القابلة للتأويل والتي قد تهمّش دوره الفني؟
بقدر ما كانت لنا قيمة مسرحية في العالم العربي بقدر ما كنا مهمشين في الداخل رغم الشعار الكبير الذي كان يرفعه الرئيس الفار «لا لتهميش الثقافة ولا لثقافة التهميش» في وقت كان كل شيء مهمشا كان الفنان بلا قيمة، مهرجانات بلا قيمة فكل شيء كان على الورق والكل يمضي ويقرّ بأن الثقافة سليمة وكل شيء «لا باس» وهكذا تغلق كل الملفات، اليوم الفنان بطبعه متسرع نوعا ما يريد ان يتمتع بالحرية بسرعة ويرفض ان يقمعه أحد، سمعت بتلك التصاريح مثل اي مواطن تونسي ولا أملك المعطيات الكافية للحكم وأنا ضد العنف بأنواعه فالفنان دائما يتكلم بعفوية وكل خوفي من ان تنتشر الدكتاتورية فنحن شعب عانينا من الكبت والقمع وليس من السهل الآن التكيف مع الاوضاع فلابد من التعلم والتدرب على الحرية كل من جهته ولابد ان يمر الفنان الى العمل والابداع بالامكانات المتاحة رغم أننا نعيش في فوضى وفي ظل العلاقة الضبابية بيننا وبين وزارة الثقافة ولا نعرف حتى القرارات التي اتخذتها والاحسن والاجدر ان يذهب كل فنان لتقديم تعبيرة فنية وهذا سلاحه الحقيقي الذي لا يجب ان يتخلى عليه ويذهب الى أشياء أخرى.
كفنان ما هو موقفك من عمل وزارة الثقافة رغم الصعوبات المحيطة وخاصة في ظل الاحتفاظ بمندوبين من بقايا التوجهات الثقافية السابقة؟
الاكيد ستحدث عملية غربلة فما كان ينقصنا في الثقافة والمسرح فكرة الرجل المناسب في المكان المناسب فكلنا يعرف كيف تعطى المناصب وكيف كانت تتم التعيينات ولابد من تغيير هذه العقلية فالشخص الذي تسند اليه مهمة في القطاع الثقافي يجب ان يعلم انها مسؤولية خطيرة في تلك الجهة فالمندوب الجهوي الذي يعين في اي ولاية كانت يجب ان يعلم ان تسيير الثقافة في تلك الجهة موكول اليه وانه مسؤول عن وضعه الفكري والذهني لذلك لابد من العودة الى فكرة الرجل المناسب في المكان المناسب دون مصالح شخصية او محسوبية او انتماءات حزبية فوزارة الثقافة الآن أمامها مختلف الكفاءات وسيرتهم الذاتية وقادرة على التغيير ووضع كل في مكانه فنحن عانينا في السابق من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث كنا نتمنى ان تكون وزارة الشؤون الثقافية تسيّر الثقافة ولكن اليوم أظنّ أنها أصبحت مخصّصة للعناية بالآثار نتمنى أن يقع التأسيس لوزارة الثقافة والمحافظة على الثقافة ونلتمس من الوزير الحالي أن يهتم بالثقافة التي نحتاجها اليوم فلا بدّ للمواطن أن ترجع له الثقافة وتقع العناية بمختلف المؤسسات الثقافية وترجع الى العمل الحقيقي والرجوع الى فكرة النوادي وهناك العديد من المشاكل من السهل حلّها خاصة في ما يتعلق بتنظيم دور الثقافة مثلا.
تحدّثت عن التهميش في المجال الثقافي هل ترى أنك قد ساهمت في ذلك بمشاركتك في بعض الأعمال الدرامية التلفزية؟
بالعكس لقد ذكرت لك أني منذ أن لاحظت ابتذالا في التلفزة انقطعت ورجعت عندما وجدت الاحترام والكرامة التي تعتبر أهم شيء للممثل.
المقصود هو قيمة العمل ولا قيمة المعاملات؟
ردّة فعل المشاهد كانت طيبة.
وموقفك من هذه الأعمال كفنان؟
كفنان راض عن عملي ولي نقدي الخاص لذاتي الذي يجعلني أتقدم فالعمل في حدّ ذاته مناسباتي فعندما ألاحظ أن تلك العائلة التي تشاهد العمل في شهر رمضان سعيدة بما قُدّم هذا كاف وهو في نهاية المطاف مسلسل لمّة عائلية لا يمكن أن أقدم لهم «أرتو» أو «براشت» وحاولنا أن يكون في تلك المسلسلات شيء من الذوق وأقصد مسلسل «مكتوب» في جزءيه الذي كان خال من الاستسهال فأنا لم أنخرط في لعبة الرداءة وهذا مكسبي الوحيد الى حدّ الآن لأني أحاول دائما أن لا أكون رديئا على الأقل.
الأستاذ يوسف البحري بصدد طبع كتاب حول تجربتك المسرحية ماذا يعني لك ذلك؟
سيتناول فيه بالتحليل مسرحية يراها مهمة وله الحق في ذلك وهي «نسخة مطابقة للأصل» وسيتطرّق في جزء آخر الى مسيرتي المسرحية هي مسرحية نحن بصدد التفكير في إحيائها وقد تابع الأستاذ يوسف مختلف أعمالي وأعتبره من النقّاد المهمين بما يملكه من أدوات القراءة المسرحية لا أستطيع إلا أن أحيّيه وأشكره لأننا عانينا كثيرا من التهميش كجيل جديد عشنا في عهد الرئيس الفار لم تكن وراءنا دراسات نقدية فالفاضلان الجعايبي والجزيري كان وراءهما نقاد كبار ووضعت تجربتهما في الميزان وأصبحت من التجارب العالمية بفضل العملية النقدية التي كانت تتابع الأعمال الفنية وهنا تكمن العلاقة الجدلية بين الفن والنقد أما جيلنا فقد خصّصت له بعض المقالات الصحفية العابرة ولم نجد من يفكّك تجربتنا ويحلّلها بالقدر الكافي حتى جاءت تجربة يوسف البحري والكتاب في انتظار ناشر ومن خلال ذلك الكتاب سيتطرّق الى تجربة جيل كامل وهذا ما ينقصنا وكلما عرضنا في بعض الدول العربية يتساءلون عن غياب الاهتمام بنا على مستوى الدراسات النقدية المعمقة وأتمنى أن يحرّك عمل يوسف آخرين.
على الطريقة الاوروبية او الامريكية التي تعتمد في حملاتهم الانتخابية على الوجوه الفنية المشهورة فهل من الممكن ان تتواجد في احد الاحزاب اثناء الانتخابات؟
(يضحك) «وا& ما عنديش اجابة» أنا لا أحب التحزب بمعنى أني لا أنتمي الى اي حزب ولكني مع اي حزب يدعم الحرية والديمقراطية مع كل حزب له مشروع ثقافي وأدعو كل الاحزاب ان يكون لها مشروع ثقافي واعتقد أننا لم نصل الى هذه الدرجة ففي أوروبا يقع ضم الفنان في حملاتهم الانتخابية بحكم العقلية المتوفرة والمناسبة.
راجع لعقلية أصحاب الاحزاب أم الفنانين؟
عدد الفنانين في تونس قليل والاحزاب مازالت بعيدة على ذلك، تصوّر أبسط الاشياء بعد حادثة المنستير لم يتصل بي اي حزب حتى لابداء رأيه فيما حدث او يدعوني للتوضيح لأن ما حدث شيء خطير فنحن تعدونا لمدة ثلاثة وعشرين سنة على تهميش الوجه المعروف وفي المقابل الوجه المسيطر هو بن علي وزوجته وتلفزة كاملة مسخرة لهما فلم يكن هناك مجال للممثل الذي بكلمة واحدة قادر على تحريك السواكن لابد ان يتفطنوا الى قيمة الفنان والكل شاهد «انجيلينا جولي» جاءت الى «بني ڤردان» كسفيرة للنوايا الحسنة فهل من الممكن ان أذهب الى أمريكا لزيارة احدى مناطقها؟ فالفنان التونسي مازال مهمشا فلي عدة احترازات على علاقة الفن بالسياسة.
من وجهة نظرك الشخصية اي حزب تراه قادر على أخذنا الى بر الامان؟
(يفكر طويلا) سأتكلم بشجاعة «ما فماش علاش» لقد رأينا أشخاصا ولم نر أحزابا كمواطن تونسي أتابع الاحزاب من خلال التلفزة فكل المطالب اجتماعية وهذا مطلب أساسي ولكن اين بقية الاهتمامات فالرئيس الفار كان يحكم بالورق يكتبون له خطابات رنانة فيقولها ويصفق له الجميع الآن الشعب التونسي لا يعترف بحكاية الاوراق فلابد من التفكير في الاشياء الاخرى الهامة مثل الثقافة والبنية التحتية وغيرها وفي الحقيقة نحن مازلنا ننتظر هذا الحزب الذي يمكن ان يستجيب الى مختلف حاجيات المواطن فالعمل يمثل عشر اهتمامات المواطن لابد من التفكير في التسعة اعشار الاخرى.
سمعنا عدة مطالب من طرف المسرحيين ولكن لم نسمع بمطلب طالبت به انت في العديد من المرات وهو الحاق أساتذة التربية المسرحية بوزارة الثقافة؟
نعم هذا طلبي منذ سنوات لكن لا أدري لماذا لم يتم طرحه لأن هذا المشروع خاطئ بحكم اننا نتبع الثقافة ولا يمكن ان نكون تابعين لوزارة التربية فوزارة الثقافة قادرة على التنسيق بين أن نكون أساتذة وأيضا مبدعين فلنا مجالنا في المسارح أيضا مثل قاعة الدروس كذلك تسيير المعهد العالي للفن المسرحي لا يمكن أن يتبع وزارة التعليم العالي وهذا يعتبر نوع من أنواع التهميش والى حدّ الآن توجد مطالب في هذه المسألة والى متى سننتظر أن تحقق الحكومة جملة مطالبنا.
هي في النهاية حكومة مؤقتة؟
هناك مطالب استعجالية لا تحتمل التأجيل تتعلق بحياة الممثل فهناك من لم يملك قوت يومه فكل حكومة يجب أن تضع في اعتبارها أنها مؤقتة لذلك عندما أرى وزيرا في التلفزة يتكلم أحتار وأقول متى يلزم مكتبه ويعكف على حل المشاكل الاستعجالية فلم أكن أتصور أن الفقر ببلادنا بمثل تلك الدرجة فلو كنت في هذه الحكومة وأرى تلك الصور المزرية من خلال شاشة التلفزة أذهب من الغد لحلّ مشاكلهم.
الى جانب «أنتوكس» ما هو جديدك؟
تصوير فيلم مع نصر الدين السهيلي وبصدد تحضير مفاجأة كبرى سأترك للجمهور فرصة اكتشافها تتمثل في مسلسل تلفزي أخيّر أن يبقى مفاجأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.