... بأغلبية كبيرة صادقت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي على مرسوم انتخاب المجلس التأسيسي مما يعد خطوة متقدمة جدا على درب تحقيق الديمقراطية في تونس. وإذا كان القانون الانتخابي الخاص بالمجلس التأسيسي نابع من «الشرعية الثورية» إلا أن الكثير من التحفظات رافقت هذا القانون في نظر رجل الشارع العادي ورجل السياسة. وبعيدا عن الحماس الثوري فإن القانون الانتخابي الخاص بالمجلس التأسيسي والذي اعتمد على نظام القائمات الانتخابية رأى فيه عديدون اقصاء للأفراد. فتونس عرفت طيلة نصف قرن انتخابات القائمات الانتخابية ولم نعرف البتة تجربة الانتخابات التي تتيح للافراد حق الترشح خارج القائمات الانتخابية. ثم أنه من حق الافراد كمستقلين أو كمتحزبين الترشح بصفة فردية في دوائرهم الانتخابية ومن حق المواطن أن يختار من يمثله على أساس الافراد وليس على أساس القائمة الانتخابية. فالقائمات الانتخابية يمكن أن تضمّ بعض الاسماء غير المرغوب فيها كما أن القائمات الانتخابية لا يمكن لها أن تمنح المواطن فرصته الحقيقية في الاختيار... إن من حق الشعب أن يُستمع لصوته في ما يهم القانون الانتخابي خاصة أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة هي هيئة غير منتخبة بل تم تعيين أعضائها بمقتضى مرسوم... إن نظام القائمات في انتخابات المجلس التأسيسي سيحرم الكثير من الأفراد ممن لهم الاشعاع والتجربة من الترشح بصفة فردية وسيجبرهم على تشكيل قائمات بالضرورة. صحيح أن كل نظام انتخابي في هذا العالم له سلبياته ولا يُوجد نظام انتخابي مثالي لكن كان من الممكن الوصول الى نظام انتخابي يكون في مستوى الزخم الثوري الذي يعيشه الوطن. نعم ان الشعب التونسي كان يتطلع الى نظام انتخابي مثالي وهذا من حقه...