سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأستاذ بيتر سلّوم مدير برامج الهيئة الدولية للأبحاث (IREX) ل «الشروق»: أخشى على الإعلام التونسي تكرار دور الإعلام اللبناني خلال الحرب الأهلية في لبنان
نبّه مدير البرامج بالهيئة الدولية للأبحاث الاستاذ بيتر سلوم من الاعلام السلبي في تونس في هذه المرحلة، مذكرا بالنزاعات والفتن التي خلفها الاعلام اللبناني ولا يزال في لبنان. وقال بيتر سلوم إن دور الاعلام في تونس خلال هذه المرحلة يجب أن يكون بنّاء وفي خدمة التنمية، وليس هدّاما يعمل على إثارة النزاعات والفرقة. وكان بيتر سلوم الذي شارك منذ أسبوع في ندوة حول الاعلام والانتخابات نظمها مركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطية بمدينة سوسة، قد تحدّث عن آداء الاعلام في تونس بعد ثورة 14 جانفي، ولاحظ ان الدوافع والأطراف التي قادت الى الثورة، غائبة في وسائل الاعلام التونسية. أجرى الحوار: محسن عبد الرحمان حول هذا الموضوع وقضايا أخرى مثل دور الاعلام في هذه المرحلة ودور الاعلام في التنمية، كان ل «الشروق» حديث مع الاستاذ اللبناني بيتر سلوم مدير البرامج بالهيئة الدولية للأبحاث. تحدّثت في الندوة التي نظمها مركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطية منذ أسبوع في سوسة، عن أداء الاعلام التونسي في هذه المرحلة، ما هو تقييمك لهذا الأداء؟ في الحقيقة لم يكن موضوع المداخلة التي قدّمتها في الندوة عن آداء الاعلام التونسي، وانما عن الاعلام والانتخابات. أما عن حديثي بخصوص آداء وسائل الاعلام التونسية، فكان مجرّد ملاحظات أردت ن افتتح بها مداخلتي، إذ حاولت منذ وصولي الى تونس قبيل عقد الندوة أن أطّلع على أكبر عدد ممكن من الصحف والمجلاّت ولاحظت ان الدوافع والأطراف التي قادت الى ثورة 14 جانفي 2011، تكاد تكون غائبة ففي اعتقادي أن الشباب والعاطلين عن العمل هم الذين أشعلوا فتيل الثورة. كما أن غياب التنمية في المناطق الداخلية كان وراء احتجاج الفئات المهمشة. وهذه الفئات والمناطق غائبة الآن في وسائل الاعلام التونسية. وما رأيك في آداء القنوات التلفزية؟ شاهدت بعض الحوارات القليلة ولاحظت كذلك أن الجدل فيها لم يكن بناء لأنه يتناول مواضيع غير هامة وفيها ترهيب وتخويف للناس من المستقبل والحاضر وهذا موجود خصوصا في خطاب الضيوف ودور الصحفي هو أن يطرح قضايا ومواضيع مجدية وبناءة كما يجب أن تكون إدارته للحوار بناءة لأن الكلام السلبي لا ينفع في مثل هذه المرحلة مثله مثل إثارة النزاعات والانقسامات. الصحافة هي أداة للتنمية وليست أداة للنزاعات وتصفية الحسابات ان ما أخشاه على الاعلام التونسي في هذه المرحلة هو أن يتحول الى وسيلة لإثارة النزاعات والفتن مثلما حصل في لبنان منذ سنوات حين تحول الاعلام الى مصدر لإثارة الفتن وإحداث الانقسامات فكان دوره هذا هداما ومشتتا لوحدة اللبنانيين والى غاية اليوم مازال الاعلام اللبناني محل انتقاد بسبب هذا الدور السلبي. هل تعتقد أن آداء الاعلام في تونس في هذه المرحلة سيئ وتنقصه المهنية؟ أنا لم أقل شيئا ولا أريد أن انتقد أداء الاعلام في تونس لأن كل اعلام في العالم هو في تطور دائم ومستمر شأنه شأن كل القطاعات والمجالات الأخرى وفي تونس يجب أن يكون الاعلام مواكبا للتطورات الجارية في كل القطاعات الأخرى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وماذا ينقص الاعلام التونسي الآن في نظرك؟ الصحافة التونسية لا تغطي كامل تراب البلاد كما لا تغطي الاحياء الشعبية وقد لاحظت أن هذه الأحياء مثلها مثل المناطق الداخلية غائبة في وسائل الاعلام وان وجدت فهي لا تذكر غالبا الا بالسلب كالجريمة وأحداث الشغب وكلها صور قاتمة ألا توجد علامات مضيئة في هذه الأحياء والمناطق؟ ألا يوجد شباب ومواطنون فيها خلاقون ويعملون بكد وابداع من أجل مصلحة البلاد، أنا شخصيا زرت ساحة القصبة حيث كانت تعتصم مجموعة من الشباب، وزرت كذلك حيا شعبيا وتحدثت مع عدد من الشبان المقيمين فيه. ولاحظت أن بعض الشباب في القصبة، وكانوا ميسورين يرتدون أزياء من ماركات عالمية معروفة لا يعرفون حتى لماذا هم معتصمون أما شباب الأحياء الشعبية فكانوا في أغلبهم متفائلين ويتحدثون بعقل أملهم في الحصول على عمل من أجل العيش الكريم والمساهمة في بناء اقتصاد البلاد، ألا يستحق هذا الشباب نافذة في الصحافة ومنبرا يعبرون فيه عن آرائهم وأحلامهم؟ وماذا لاحظت أيضا في آداء الاعلام التونسي، باستثناء غياب هذه المناطق والفئات الاجتماعية؟ الاعلام التونسي وخصوصا الصحافة المكتوبة تركز أكثر على الخبر في حين أن الصحافة ليست خبرا فحسب وانما تحليلا وبناء ودعوة الى التغيير الايجابي، وقد لاحظت أن هناك تشابها بين الصحف في نقل الخبر، اضافة الى أن أغلب الأخبار هي عبارة عن نقل بيانات صحفية معدة مسبقا من قبل مصدريها، سواء كانت أحزاب أو جمعيات، الاعلام ليس نقلا لأخبار الاحزاب والجمعيات فحسب وانما نقل لمشاغل الناس بدرجة أولى، وما لاحظته في الصحف التونسية هو كثافة حضور أخبار الأحزاب على حساب مشاغل المواطنين. الاعلام هو صوت من لا صوت له، وليس صوتا للأحزاب والمسؤولين لأن هؤلاء لهم وسائلهم ومنابرهم، أما المواطن فليس لديه سوى الصحافة. وما هو دور الاعلام في تونس في هذه المرحلة؟ أولا لا يمكن أن توجد ديمقراطية بلا إعلام حر، ودور الاعلام بالتالي هو نشر ثقافة الديمقراطية بين المواطنين بمعنى ثقافة قبول الرأي الاخر والتعددية. وعلى الاعلام ان يكون له دور في التنمية، وذلك من خلال توعية المواطن وتثقيفه وتعريفه بحقوقه وتشريكه في التعبير، إن دور الاعلام في تونس اليوم، كبير ويتجاوز حتى حدود تونس الى كامل المنطقة العربية التي تنتظر اعلاما جديدا ومتطورا يعكس ثورة 14 جانفي 2011. كل الشعوب العربية اليوم تنتظر اعلاما تونسيا متطورا فالشعب الذي قام بثورة تاريخية لابد أن يقدّم للعرب اعلاما نموذجيا من حيث الحداثة والتطوّر. لا يجب على الاعلام التونسي أن يصيب القارئ بالاحباط والرهبة والخوف، وذلك بالتركيز على القضايا والصور والمشاهد المأساوية والسوداوية بالبلاد. المواطن التونسي اليوم، في أمس الحاجة الى أمل، فلا بد للاعلام أن يساعده على تحقيق هذا الامل وبناء حلم جميل. كما يجب على الاعلام ان يكون معتدلا. من أنشطة الهيئة الدولية للابحاث تنظيم دورات تكوينية للصحفيين هل تنوون اقامة دورة تكوينية للصحفيين التونسيين؟ هذا ما ندرسه الآن علما وأننا شركنا عددا من الصحفيين التونسيين في دورات تكوينية خارج تونس. كما نبحث عن بعث مكتب للمنظمة في تونس قد يكون فاتحة أنشطته، تنظيم دورة تكوينية للصحفيين التونسيين في الاعلام الانتخابي. ويعود تأسيس المنظمة الى سنة 1968 قمنا خلالها بتدريب اكثر من 50 صحفيا في مجالات مختلفة.