واشنطن (الشروق) محمد سعيد: قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إن الرئيس باراك أوباما سيحدد في خطاب رئيسي سيلقيه في غضون أسابيع مقبلة سياسة الولاياتالمتحدة تجاه المنطقة. مشيرة إلى أن مسعى جديدا من أجل إحلال سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيكون عنصرا محوريا. وفي خطاب ألقته الليلة قبل الماضية في حفل عشاء أقامه المنتدى العالمي الأمريكي الإسلامي الذي تنظمه في واشنطن وزارة الخارجية القطرية ومعهد سابان أوضحت كلينتون أن «الرئيس سيتحدث بمزيد من التفصيل عن السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الاسابيع المقبلة». وأضافت «نحن ندرك بأن مصالح الولاياتالمتحدة وقيمها الأساسية لم تتغير بما في ذلك التزامنا بدعم حقوق الإنسان وتسوية الصراعات المستمرة منذ وقت طويل والتصدي لتهديدات إيران وهزيمة القاعدة وحلفائها المتطرفين.. وهذا يشمل تجديد السعي إلى إحلال سلام شامل بين العرب وإسرائيل». ويذكر ان محادثات التسوية المباشرة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية التي أطلقها أوباما في شهر سبتمبر من العام الماضي لم تصل لشيء حيث توقفت في ذات الشهر، ويتعرض أوباما لضغوط للحث على مبادرة جديدة أو مواجهة احتمال أن يسعى الفلسطينيون لنيل اعتراف من الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطينية. ربيع عربي واعتبرت كلينتون أن «الوضع القائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين لا يمكن أن يدوم مثله مثل الانظمة السياسية التي انهارت في الاشهر القليلة الماضية» وقالت إن السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الشعبين هو من خلال حل الدولتين. وأضافت قائلة «في حين أن من الحقائق البديهية أن الطرفين وحدهما من يستطيعان القيام بالاختيارات الصعبة من أجل السلام الا أنه لا بديل للقيادة الامريكية النشطة المستمرة وأنا والرئيس ملتزمان بذلك». وحثت كلينتون الدول العربية على الشروع في إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، محذرة من أنه بدون السير في هذا الطريق فإن الربيع العربي سيتحول في نهاية المطاف إلى سراب. وأشادت كلينتون بالثورات التي أطاحت بديكتاتوريات عمرها عقود في تونس ومصر، لكنها شددت على ضرورة أن يمضي البلدان في إجراء تغييرات سياسية واقتصادية لضمان انتقال سياسي يولد حكومتين ديمقراطيتين تلبيان حاجات الشعبين. وركزت على ضرورة محاربة النظامين الجديدين في تونس ومصر ما سمته «التطرف» والترويج لحقوق المرأة والأقليات الدينية. ودعت كلينتون في خطابها الذي لم تتطرق فيه أبداً إلى الوضع في ليبيا، الدول العربية إلى ضرورة أن تسير على طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي في أعقاب الانتفاضات الشعبية التي تفجرت في المنطقة وأطاحت حتى الآن برئيسي تونس ومصر. وقالت «الشتاء العربي الطويل بدأ يعرف طريقه إلى الدفء... للمرة الأولى خلال عقود توجد فرصة حقيقية لتغيير دائم». وأضافت «هذا يثير أسئلة مهمة لنا جميعا.. هل ستنهج شعوب وزعماء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نهجا جديدا أكثر شمولا للتغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة في المنطقة.. أو هل عندما نلتقي مرة أخرى في هذا المنتدى بعد عام أو خمسة أو عشرة أعوام سنشهد تلاشيا لفرص الإصلاح ونتذكر هذه اللحظة على أنها كانت مجرد سراب في الصحراء». وبالرغم من شدة اللهجة التي تميز بها الخطاب إلا أن كلينتون امتنعت لدى تطرقها إلى الأوضاع في كل من اليمن وسوريا والبحرين عن مطالبة أي من قادة الدول الثلاثة بالتنحي. غير أنها قالت إن الولاياتالمتحدة ستستمر في الضغط على حكومتي صنعاء والمنامة لإجراء تغييرات، لكنها لفتت إلى أن هذه الحكومات قد تكون جزءاً من الحل. واضافت «تربط بين الولاياتالمتحدة والبحرين صداقة عمرها عقود ونتوقع أن تعمر طويلاً في المستقبل، وقد أوضحنا ان الأمن وحده لا يحل التحديات التي تواجه البحرين». كما دعت كلينتون الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى حل المأزق السياسي مع المعارضة بطريقة سلمية. فيما رأت ضرورة قيام الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته ب«احترام حقوق الإنسان العالمية للشعب السوري، الذي يطالب عن حق بالحريات الأساسية التي حرم منها». وحذرت كلينتون من أن أمام القادة العرب وقتاً محدوداً لإجراء تغييرات يفترض أن تشمل النساء والأقليات والشبان. تعهدات جديدة كما تحدثت كلينتون عن مبادرة جديدة لمساعدة الشركات الأمريكية على العمل في المنطقة أو تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير من خلال إعفاءات ضريبية لبعض السلع المستوردة من دول عربية، وأوضحت أن واشنطن تسعى إلى تشجيع الاندماج الاقتصادي في المنطقة على المدى الطويل. مشيرة إلى أن تخفيف العوائق الجمركية في شمال إفريقيا من شأنه أن يتيح زيادة تتراوح من 7 إلى 8 في المائة في صافي الناتج الداخلي في تونس والمغرب. وقالت كلينتون إن الولاياتالمتحدة ستعمل مع شعوب وقادة المنطقة لخلق اقتصادات أكثر انفتاحاً وديناميكية وتنوعاً. موضحة أن الحكومة الأمريكية ستقدم الدعم المادي والتقني لمساعدة دول المنطقة على الانتقال إلى الديمقراطية، مشيرة إلى إنشاء صندوق ب150 مليون دولار مخصص لمساعدة مصر. وأشارت إلى ان الجهاز الأمريكي للاستثمار الخاص خارج الولاياتالمتحدة خصص ملياري دولار لدعم الاستثمارات في القطاع الخاص في المنطقة. وقالت إن مجموعة من رؤساء الشركات الأمريكية الكبرى سينظمون قمة في نهاية شهر ماي المقبل لإقامة علاقات بين المستثمرين الأمريكيين والمستثمرين العرب. موضحة أن مجموعة شركاء «من أجل بداية جيدة» التي تترأسها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، ستنظم هذه القمة لإقامة علاقات بين مستثمرين أمريكيين ومستثمرين في الديمقراطيات الانتقالية في المنطقة بهدف خلق وظائف وتنمية التجارة. غير أن كلينتون لم تكشف عن مكان انعقاد القمة.