٭ بقلم: عبد الخالق بوجناح (قاضي مستشار بدائرة المحاسبات) في الوسائل الكفيلة بدعم الاستقلال الخارجي يتعلق هذا الصنف من الاستقلال بالجانب الذي ينظم علاقة الجهاز وأفراده مع محيطهم الخارجي وخاصة الهياكل التي يقومون بمراقبتها. ويتبين من التطبيقات الجيدة التي نصت عليها الإنتوساي والأيفاك وجود اختلاف كبير بين هاتين المؤسستين، ففي حين حمّلت الإنتوساي مسؤولية دعم هذا الصنف من الاستقلالية على السلطات التنفيذية والتشريعية من خلال سن تشريع يطبق مبادئ الاستقلالية التي نصت عليها معاييرها اعتبرت الأيفاك أن هذه المسؤولية تعود بالأساس إلى الجهاز الرقابي نفسه. ويمكن تفسير هذا الاختلاف بالنقص المسجل في التشريع المتعلق بضمان استقلالية الأجهزة العليا للرقابة وأعضائها وكذلك بنوعية العلاقة التعاقدية التي تجمع بين الجهاز الرقابي الخاص والحريف حيث يمكن للأول رفض المهمة الرقابية إذا ما اعتبر أن استقلاله عن الثاني غير متوفر على عكس الجهاز الأعلى للرقابة الذي يبقى مُطالبا بأداء مهامه في كل الظروف. ويمكن تفسيره أيضا بنظام العقوبة المعتمد في صورة الإخلال بقواعد الاستقلالية حيث ينص القانون على عقوبات جزائية في حالة عدم احترام الجهاز الخاص هذه القواعد ولا توجد أحكام مماثلة بالنسبة إلى الأجهزة العليا للرقابة. في الوسائل الكفيلة بدعم الاستقلال الخارجي للجهاز الرقابي أوصت الأيفاك في هذا الخصوص بتطبيق آليات التشخيص والوقاية التي نص عليها الإطار المرجعي لميثاق أخلاقيات المهنة كما أوصت إلى جانب هذا الإطار العام بتوفير الشروط التالية : التحقق من عدم وجود (بصورة مباشرة أو غير مباشرة) مصالح مشتركة أو متضاربة مع الهيئة المراقبة وذلك من خلال اتباع إجراءات عمل: تمكن من التعرف على العلاقات المالية أو غيرها التي تجمع بين الجهاز والهيئات المراقبة تعلم الحرفاء بالوضعيات التي تكون فيها مصالحهم متضاربة مع مصالح الجهاز الرقابي أو مصالح حرفاء آخرين للجهاز والحصول على موافقتهم على الحلول المقترحة تعلم أعضاء الشبكة بهوية الهيئات التي لهم فيها مصالح توفير الإمكانات المالية والبشرية والتقنية اللازمة ومدى تلاؤمها مع حجم العمل الرقابي المزمع انجازه ويضم هذا الشرط نظام ضبط الجهاز لأتعابه. _ تشريك الهيئات الخاضعة للرقابة في متابعة استقلالية الهيكل الرقابي نفسه من خلال إعلام مجلس إدارته بالمعطيات اللازمة حول العلاقة التي تربط بين الجهاز والهيئة المراقبة وأخذ رأيهم في تقييم أهمية هذه العلاقة. اعتماد نظام ضمان جودة الأعمال الرقابية يشمل إجراءات متابعة استقلالية الجهاز وأعضائه وتعيين موظف سامٍ داخل الجهاز لمراقبة تطبيقه. مراجعة الأعمال الرقابية من طرف هيئات مستقلة توثيق هذه العمليات ومن ناحيتها تعتبر الإنتوساي أن هذا الصنف من الاستقلال يشمل بالنسبة إلى الجهاز الأعلى للرقابة الجانبَ المؤسساتي والقانوني المنظم لمهامه ويتمثل في: تحرره من نفوذ السلط التنفيذية والتشريعية وعدم الظهور في صورة أداة تحت تصرف الأحزاب السياسية. إلحاقه للإشراف المباشر لسلطة منتخبة تقوم بتعيين رئيسه وفق قواعد يضبطها القانون الذي يضبط أيضا إطار العمل والضمانات التي يجب توفيرها. حمايتِه من كل تأثير يحول دون أدائه لمهامه وفق المعايير المعمول بها سواء تعلق الأمر بالوصول إلى المعلومة أو نشرها. حريته في الحصول والتصرف في الموارد اللازمة لأداء مهامه, وتمثل ميزانية الجهاز إحدى أهم النقاط التي تراها الإنتوساي مؤثرة في علاقته مع السلطة التنفيذية حيث أن توفر الموارد اللازمة مرتبط بالوضع المالي للدولة وكذلك بسياسة الميزانية التي هي من مشمولات السلطة التنفيذية والتي يمكن لها من خلالها التحكم في إمكانيات الجهاز وتحديد نطاق تدخلاته. وتعتبر المنظمة أن لهذه الوضعية تأثيرا سلبيا على استقلال الجهاز وأن الاحتكام مباشرة إلى السلطة التشريعية يمثل وسيلة كفيلة بدعم استقلاليته.