تختلف علاقة الأجهزة العليا للرقابة على الأموال العمومية عن علاقة زميلاتها من القطاع الخاص بالطرف المراقب بطبيعة الالتزامات التي تربط بينهم. فالهيئة المراقبة ليست حريفا للجهاز الأعلى للرقابة كما هو الشأن بالنسبة إلى المراقبين الخواص ولكن في كلتا الحالتين فإن الأجهزة الرقابية مطالبة بضمان استقلالها عن ذلك الطرف. ويعتبر الأيفاك أن الجهاز الرقابي لا ينحصر في شخصية معنوية واحدة متمثلة في مكتب المراجعة بل يشمل الشبكة التي تنتمي إليها أي الهيئات الشريكة سواء باستعمال نفس الاسم الاجتماعي أو بتقاسم الموارد والمصاريف وكذلك الهيئات التي يمارس عليها المكتب تأثيرا هاما وتلك التي يمتلكها أو يتصرف فيها نفس الأشخاص الذين يمتلكون أو يتصرفون في المكتب الرقابي. واعتمدت المنظمة نفس المنهج في ما يتعلق باستقلالية الجهاز الرقابي حيث اعتبرت أن تحقيقها يتم من خلال تشخيص وتجنب أو تخفيف حدة المخاطر التي تهددها. وعرّفت الإنتوساي استقلالية الجهاز الأعلى للرقابة بعدم وجود علاقة تبعية بينه وبين الهيئات المراقبة وبعدم تداخل طرف في شؤون الطرف الآخر. وتعتبر الإنتوساي أن استقلال الجهاز واستقلال أصحاب القرار داخله يكوّنان جزءا لا يتجزأ. وقد ضبطت هذه المنظمة المبادئ التي ترتكز عليها استقلالية الجهاز الأعلى للرقابة على النحو التالي: المبدأ الأول: إطار دستوري /قانوني/ترتيبي يضبط بوضوح استقلالية الجهاز ومطبق على أرض الواقع. المبدأ الثاني: رئيس جهاز مستقل عن السلطة التنفيذية ومفوض للقيام بمهامه دون خوف، يعين ويقيل وفق إجراءات يضبطها القانون الذي يضبط أيضا جرايته ومدة تعيينه والضمانات التي يتمتع بها ضد أي ملاحقة بخصوص أعمال ناتجة عن أدائه لمهامه. المبدأ الثالث: صلاحيات كافية تشمل رقابة كل الأعمال المتعلقة بإدارة الأموال العمومية من قبض وصرف وحسابية وتقارير مالية وحرية تصرف في أداء المهام. المبدأ الرابع: وصول للمعلومة بدون قيد للإطلاع في الوقت المناسب على الوثائق والمعلومات اللازمة لأداء المهام ولا يمكن للهياكل المراقبة التحجج بسرية المعلومات إلا في الحالات التي نص عليها القانون. المبدأ الخامس: واجب الجهاز وحقه في إعداد تقارير حول أعماله المبدأ السادس: حرية الجهاز في ضبط محتوى تقاريره وتوقيتها ونشرها وتوزيعها. المبدأ السابع: توفر آليات لدى الجهاز لمتابعة التوصيات المضمنة بتقاريره المبدأ الثامن: تمتع الجهاز بحرية مالية تتمثل في توفر الموارد البشرية والمادية والنقدية المناسبة وحرية التصرف فيها والتمتع بحرية تنظيم وتسيير إدارته. وتعترف الإنتوساي أن عدة صعوبات تحول دون التطبيق المحكم لهذه المبادئ على أرض الواقع وإن توفرها بالكامل يعتبر وضعا مثاليا وإنه لا يوجد حاليا جهاز يستجيب لكل هذه الشروط. ٭ بقلم: عبد الخالق بوجناح (قاضي مستشار بدائرة المحاسبات)