تستضيف «الشروق» اليوم عبد القادر الزيتوني المنسق العام لحزب تونس الحضراء الذي حصل على تأشيرة العمل القانوني بعد الثورة وتمحورت الأسئلة حول مواقفه ورؤاه حول جملة الملفات الحزبية والوطنية. ٭ كثر الحديث هذه الأيام عن مفهوم الثورة وهل تمت فعلا وما هي تحولاتها؟ لا نريد أن نقول إن هذا الكلام أو المواقف من صنيع الثورة المضادة، لكن نؤكد أن ما جرى في تونس يوم 14 جانفي 2011 – وما تبعها في البلدان العربية – من إسقاط لرأس النظام الفاسد وتفكك البوليس السياسي وأدوات القمع هي فعلا تحولات هامة. كما أن الشروع في محاسبة وملاحقة الفساد والمفسدين هي تحولات هامة أيضا. ومن هذه التحولات السياسية العميقة بلوغ الوعي الشعبي مرحلة متقدمة من الوعي السياسي الشيء الذي دفع بالمشهد السياسي إلى عملية تغيير غير مسبوقة ومستمرة ونستطيع أن نقول إلى الثورة المستمرة من جراء الوعي المتنامي المستمر. بالنسبة إلى الفساد المالي البيئي لقد تفجرت كل القضايا والمشاكل البيئية وتوقف العمل بمحطة «جرادو» وندد أهالي «جرادو» بالفساد البيئي والمالي للنظام السابق في المجال البيئي، كما انتفض (سلميا) أهالي قابس وكل الجمعيات البيئية والتيار السياسي الايكولوجي ضد ما جرى ويجري من تعتيم على كل الأخطار البيئية جراء الصناعة الكيميائية الخطرة وما تحدثه من خلل في التوازن الحيوي البيئي في جهة قابس وخاصة البيئة البحرية. كما أن عشرات القرى في الشمال الغربي والوسط وكذلك الجنوب بدأت تنتفض من جراء ما يعانيه سكان الريف التونسي من العطش نعم العطش !!! هل تعلمون أن هناك مشروعا خطيرا يخطط له وسوف ينفذ من طرف السلطة !! وهو يتعلق بضخ المياه المستعملة، التي يدعون أنها «مصفاة» في المائدة المائية مباشرة؟ إننا سنقف ضد هذا الفساد المستمر وسنساند أهالي الريف التونسي لإيقاف هذه المخاطر ونعمل من أجل الماء لكل الناس. الآن بالنسبة إلى السياسة «السياسوية» والتي نعتقد أنها محور العاصمة وأحوازها وهي مرتبطة ببعض اللولبيات نحن نقول إن الداخل غير معنى بها. نحن نعتقد أن العنصر الهام ولا نقول الخطير لهذه التحولات هو تمكن الحركات والأحزاب الدينية أو ذات المرجعية الدينية بالساحة السياسية وانتصابها في الشارع والمساجد ووسائل الإعلام والمدارس. إذ هذا التيار السياسي الذي يعمل تحت سترة الدين إذا أراد أن يندمج فعلا في البلاد ويعمل في الساحة المدنية عليه أن يتصالح مع كامل المجتمع المدني والشباب ومع المرأة وبدون عرض عضلات ودعاية اعلامية وإهدار أموال. نحن لا ننسى سنوات الجمر في الجزائر الشقيقة – لقد دامت الحرب الأهلية عشر سنوات وخلفت 200 ألف قتيل وشهيد. إن هذا التيار التابع للمنظمة الدولية لحركة الإخوان المسلمين والتي يوجد مرشدها العام في مصر وهي منتمية الى الفكر الوهابي السلفي لا يعرف تطور الوعي السياسي الشبابي والنسوي طوال عشرات السنين والذي اعطانا تحولات عميقة أنجبت ثورة 14 جانفي الشبابية والمعرفية الحداثية. يبقى الآن الحراك السياسي المدني نحن ننبه إلى شيء هام وهو وجود أجندات أجنبية تعمل في بلادنا من أجل تهميش الأحزاب السياسية الحقيقية التي ناضلت ضد الدكتاتورية (ومحاولة تعويمها) لكي يسهل لها السيطرة على ما يجري من تحولات عميقة في تونس كان لها الأثر الكبير عربيا ودوليا. ٭ كانت لكم عضوية في هيئة تحقيق أهداف الثورة هل ترون ان الهيئة قد نجحت في تأمين الطريق للإنتقال السياسي والإصلاح الديمقراطي؟ لقد شاركنا من قبل هذه الهيئة في المجلس الثوري وكانت لنا مساهمة هامة في كل مراحل مجلس حماية الثورة لكن نشير إلى شيء هام وهو أن الوعي الشعبي الذي أشرنا إليه سابقا لم يتبعه الوعي السياسي من طرف مكونات المجلس. لقد كان أداؤه أي مجلس حماية الثورة ضعيفا ونتحمل كلنا مسؤولية هذا الضعف في الأداء، أمام مناورات السلطة زد على ذلك أن الطرف النقابي لم يتحمل مسؤولياته الكاملة وغلّب أحيانا مصالحه على كامل مكونات المجلس. لقد أضعنا وحدة العمل في المجلس وها هو الطرف النقابي يريد أن يتحرك وحده كقوة سياسية عوضا عن أصوله النقابية – وهذا ما سيدفع إلى انشقاق وتكوين قطب نقابي جديد حول المنظمة الجديدة CGTT وربما مع تيار المبادرة أو الرجوع إلى الجامعة العامة للتعليم المستقلة. إن ما جرى في صفاقس ومساندة الكاتب الجهوي لحزب النهضة علنا هو مؤشر جديد عن تفكك الاتحاد العام وعدم قدرته على ضبط أموره والتحكم في قواعده نحن مع وحدة الحركة النقابية لكن... هذه هي التحولات الكبيرة التي تعرفها البلاد. ومن نتائج هذا التأرجح وعدم الرؤية في مجلس حماية الثورة، انه بعد مناقشة المرسوم طلبنا موعدا مع رئيس الجمهورية المؤقت لتقديم مرسومنا الجديد فرفض الطلب وبدأت انتكاسة المجلس الثوري ثم المساومات مع السلطة. أما بالنسبة للهيئة فنحن نعتبرها مكسبا سياسيا هاما من أجل استقرار البلاد وفضاء للحوار مع السلطة (التي كانت دائما كالشبح لا تعرف من أين تبدأ وإلى أين تنته). نحن لا نعرف حقيقة اللولبيات التي وراءها والتي تسيرها فعلا. ٭ هل استطاعت هذه الهيئة تحقيق أهدافها وهل ستحقق أهداف الثورة ؟ هذا ما ستؤكده المرحلة القادمة، نحن نعتقد أن المرسوم الذي صادقنا عليه يبقى ضعيفا كما أن المواعيد التي حددت وخاصة 24 جويلية هي مواعيد قصيرة وضعت اعتباطا ولم تقع استشارتنا في ما يخصها. ونحن سوف نطالب بتمديد هذا الأجل إلى ما بعد الصيف وشهر رمضان ثم هناك مسألة هامة هي الثقة المتبادلة في السلطة والجهات مازالت معدومة. إن الحكومة الحالية (واللوبي الذي سيرها) لا تستطيع متابعة الانتخابات القادمة فهي لا تزال ضعيفة وغير قادرة على محاكمة رؤوس الفساد. لقد أضعفت موقفها بعدم الشفافية في عملها وأدائها وبقراراتها السريعة وغير المقنعة حتى أنها أصبحت تنعت في الداخل وفي الجهات التي تحملت أعباء الثورة بأنها «حكومة ضاحية» هكذا و«فئة ارستقراطية كانت دائما تابعة لكل النظم والأنظمة ولم يكن لها في يوم من الأيام موقف ضد الفساد ورأس الفساد» والتاريخ يشهد عليها. ثم ماذا فعلت لشبابنا المضطهد الذي غادر تونس من أجل العمل في أروبا. كيف نتعامل مع فرنسا وإيطاليا لحل كل مشاكل هذا الشباب!؟ ٭ هناك تجاذبات عديدة داخل المشهد الحزبي والسياسي أين تضعون أنفسكم ؟ كما تعلمون نحن ننتمي إلى تيار سياسي جديد وعالمي وهو أحزاب الخضر الإيكولوجي. لقد اكتسح هذا التيار الساحة الأوروبية كما جرى مؤخرا في الانتخابات الأخيرة في ألمانياوفرنسا وإذا كان من يريد إضعافنا وتهميشنا (يمينا او يسارا) فنحن سوف نناضل كما ناضلنا طيلة 7 سنوات ضد الدكتاتورية. لكن هذا التيار يستند دائما إلى اليسار (في البلدان الاسكندنافية هو يسار وسط) نحن هنا في تونس ننتمي الى اليسار ونتعامل مع كل قوى الحداثة خاصة مع الحركة النسوية المضطهدة. نحن نرفض الممارسات الطفولية فقط. غير أننا نؤكد على خصوصياتنا الايكولوجية السياسية. كل مؤسسي الحزب هم من اليسار أقطاب اليسار أيضا ولا احد يزايد علينا. هكذا الجو العام في اليسار تشنج، مبالغة في المواقف تسرع في الأحكام و «copinage» نحن نرفض التعامل هكذا. ثم هناك بعض المناورات التي نرفضها أيضا من طرف أصحاب «القبعات» المتغيرة دائما، من العمل «السياسي» إلى ماهو «مدني» والعكس صحيح أيضا هناك أفراد «زعماء» منهم من لم يعرف يوما واحدا سجنا في حياته ،ونحن لا نتعامل مع هؤلاء وهم لا يمثلون اليسار في شيء. ٭ الحزب يدافع عن البيئة ما هي حسب اعتقادكم اهم الملفات البيئية العاجلة في تونس اليوم.؟ أولا نحن حزب بيئي سياسي ندافع عن الإنسان والطبقات الضعيفة وكذلك الايكولوجية. بالنسبة إلى القضايا العاجلة كل القضايا البيئية هي قضايا عاجلة، النقل والتصحر والتغيرات المناخية والزحف العمراني والطاقة، الخ لكن نحن سوف نركز الآن على النقاط التالية : 1/ الماء كما اشرنا سابقا، الماء ... ثم الماء ... مواردنا المائية ضعيفة جدا ونحن نبذر الماء. يجب أولا ان نتراجع في الحلول الجاهزة والخطيرة كضخّ المياه المستعملة في المائدة المائية. يجب مراجعة المجلة المائية وإقرار نظام مائي لكل البلاد وهناك أيضا مسألة المياه الجوفية العميقة في الصحراء – وما يسمى «بحر الصحراء» لقد بدأ جيراننا في استغلال هذه المياه ومنهم من بدأ أيضا في تبذيرها. ماهو موقفنا من هذه الثروة التي يمكن استغلالها حتى لثلاثمائة سنة مع مراعاة تجددها وكذلك كل تأثيراتها الايكولوجية؟ يجب أيضا حل الجمعيات المائية التي كان يهيمن عليها أتباع النظام السابق. كما أن الصناعات الكيميائية هي صناعات مبذرة للماء علينا بالحل للحد من هذا التبذير. اما بالنسبة إلى ملف التلوث في جهة قابسوصفاقسوقفصة من جراء نفايات المعامل الكيميائية الفسفاطية – غبار كيميائي خانق للأهالي، أطنان الفسفوجيبس وكل ما لحق بالإنسان من أمراض سرطانية وجوائح طبيعية وإخلال بالتوازن البيئي والمنظومة البيئية الحيوية برا وبحرا. فهذه قضايا يجب تناولها حالا. 2/ ملف الفساد المالي البيئي، لقد تفجر هذا الملف أثناء التحرك الكبير لأهالي «جرادو» علينا بفتح هذا الملف حالا وان نعين لجنة وطنية للبحث في كل التجاوزات والسرقات التي عرفها هذا القطاع الذي كان مرتبطا برأس الفساد الرئيس المخلوع وأتباعه. 3/ أخيرا التنمية الخضراء والمستدامة لقد كذب النظام السابق وتناول هذه المسألة بكل جهل تقول التنمية المستدامة هي التي تؤمن النمو والشغل في البلاد في كل الجهات ولكل الأجيال بدون التضحية بمصالح الأجيال القادمة وهي التي تبدأ دائما بالأكثر فقرا. ٭ إلى أين وصلتم في هيكلة الحزب مركزيا وجهويا؟ نحن حزب أنشئ منذ 7 سنوات وبالتحديد يوم 19 افريل 2004. ومنع من طرف النظام السابق وتسلمنا تأشيرة العمل القانوني يوم 17 جانفي 2011 وكنا أول حزب استرد حقوقه بفضل ثورة 14 جانفي. بدأنا العمل المباشر يوم 28 جانفي نحن نتعرض إلى مصاعب جمة لنا مقر مؤقت ليس لنا إمكانيات مادية وأنتم تعرفون أن المال قوام الأعمال « l'argent c'est le nerf de la guerre » لقد استطعنا أن نحقق الكثير – بدأنا أولا بتعزيز المكتب الوطني ورشحنا عضوين من المؤسسين في هذا المكتب الجديد وعززنا هيئة شباب حزب تونس الخضراء. كما بدأنا بعد 28 جانفي بالاتصال بالجهات وتركيز جامعاتنا ونوى جامعاتنا. خاصة في سيدي بوزيد – صفاقس – القصرين – قفصة – بنزرت – منوبة ... ونحن سنعمل قريبا على تركيز جامعاتنا في تونس الكبرى وقابس والجهات ثم شرعنا الآن في العمل التحسيسي من أجل الانتخابات القادمة. هذا في ظرف شهرين ونصف أليس بالكثير إضافة إلى مشاركاتنا السياسية الأخرى في الداخل والخارج ضمن حركة الخضر العالمية!!