تمكن المهندس والخبير التونسي في الاعلامية بأمريكا السيد رؤوف الدريدي من ابتكار وإنجاز نظام« بيومتري »للانتخابات أي التصويت البيولوجي الرقمي الالكتروني ولقد قدم الى تونس لتقديم مشروعه وعرضه على المعنيين بالأمر فاصطدم بكمّ هائل من المعوقات على رأسها التجاهل وعدم الاصغاء إليه، وهو الذي رام أن يؤسس لعملية تصويت تكنولوجية شفافة تقطع مع عملية التصويت التقليدية التي تعتمد على الصناديق والأوراق. وحول تفاصيل هذا المشروع «التكنولوجي الثوري» كان لنا معه هذا اللقاء الخاص. كيف تقدم لنا هذا المشروع.. وما الهدف من انجازه؟ رأيت بعد الثورة المباركة أن أفيد بلدي قدر الجهد بخبرتي في الاعلامية حتى تكون الانتخابات القادمة شفافة ولا تشوبها أي شائبة، وهو ما دفعني تأكيدا وتحديدا الى ابتكار طريقة تقطع الطريق عن أية أخطاء أو عمليات تزييف أثناء الانتخابات كما كان يحدث في السابق. ويتمثل هذا الانجاز في تركيز منظومة متكاملة للتصويت الالكتروني باختراع تونسي، تستند إلى قاعدة معلومات تخزّن في عقل الكتروني فيه كل المعطيات عن هويات الناخبين وقائمات الانتخابات، وتوزع على مراكز الاقتراع حواسيب مرتبطة آليا بذلك العقل الالكتروني الذي تشرف عليه لجنة خاصة، ثم يقوم الناخب من أي مكان في الجمهورية بواجبه الانتخابي بواسطة ادخال رقم بطاقة التعريف في الحاسوب الموجود في مركز الاقتراع، فيفسح له المجال آليا إذا كانت هويته تامة الشروط وإلاّ فإن الحاسوب يعتذر له عن إتمام عملية الانتخاب إذا كان غير مسجلة هويته في بنك المعلومات أو كانت هويته مزيّفة. طبعا العملية سهلة وبسيطة، حيث يستقبلك الحاسوب بالصوت والصورة والترحيب ويضحك في الاطار حتى تقوم بواجبك الانتخابي على أحسن ما يرام ثم يشكرك إذا أتممت العملية بنجاح. علما وأن عملية الانتخاب تدوم 11 ثانية فقط، وإذا أخطأت في ادخال مثلا رقم بطاقة تعريفك، فإن أمامك 3 محاولات لا غير، ثم إذا فشلت تلغى عملية تصويتك. الجميل في هذا النظام الانتخابي الالكتروني أنه غير قابل للتزييف ولا للاختراق، ولا للعبث ولا لأي نوع من أنواع التحيّل، إنه نظام «بيوسرّي»، أي «بيولوجي رقمي»، فضلا عن أنه يوفر جهدا ووقتا وحتى المشرفون على تسييره في مكاتب الاقتراع لا يمكنهم دخوله، يمكنهم فقط الاطلاع على شاشة الحاسوب على الأرقام والمعطيات والاحصائيات التي يعطيها نظام التصويت كل نصف ساعة. أيضا يمكن أن تكون الاحصائيات النهائية والنسب تامة ومضبوطة في كامل تراب الجمهورية خلال نصف ساعة فقط بعد اغلاق جميع مكاتب ومراكز الاقتراع، ليس هذا فحسب، فمع كل عمليةتصويت تخرج جذاذة صغيرة، توضع مباشرة في صناديق مغلقة يمكن مقارنتها لاحقا إن رأت لجنة الانتخابات ذلك ضرورة ملحة! كم يتكلف هذا المشروع... وهل تمّ تطبيقه في دول أخرى؟ سمعت أن انتخابات تونس ستكلف ميزانية الدولة قرابة ال25 مليارا من صناديق وأوراق وخلافه، في حين أن هذا المشروع يتكلف ما بين 20 الى 22 مليارا ثم التجهيزات والحواسيب، علما وأن هذا النظام تم تطبيقه في ولاية فلوريدا بأمريكا و في بنغلاديش، ولم يسجل فيه أي خطإ أو تزييف أو اختراق فحصانته عالية جدا جدا، وهو سابقة أولى في عمليات التصويت. وبعد الانتهاء من الانتخابات، فنفس ذلك النظام يمكن استغلاله في جميع المعاملات التجارية أو البنكية أو الادارية الأخرى، وحتى في متابعة المجرمين والمتحيّلين والمارقين عن القانون، إنه ثورة تكنولوجية على بساطة استعمالها فائقة الدقة إنها «ثورة» و«نظام الكتروني»... لا يكذب... ولا يتجمّل ولا يزيّف الحقائق. في حين أن النظام التقليدي للانتخابات الذي يعتمد على الصناديق والأوراق والفرز اليدوي هو مضيعة للجهد والوقت والمال ويرمي بكل ذلك وبعد ذلك في «البوبال». هل عرضت هذا المشروع... على من يهمّه الأمر؟ لقد حاولت، ولكن تعجبت من الروتين الاداري ببلادنا، فبعض المسؤولين هنا يتعلّلون بضيق الوقت ويرفضون حتى مجرد الاصغاء والاطلاع على مضمون هذا المشروع. وأنا سأعود الى أمريكا حزينا، لأني لم أستطع مقابلة أي وزير لأضعه في الاطار، اطار إفادة بلدي، ولكن وما أمر «لكن» هذه!! وأنا أقول للمسؤولين... على الأقل اطلعوا على هذا المشروع حتى وإن لم تطبقوه... المهم أن يأخذوا فكرة عنه. هل شعرت بالاحباط إذن؟ لا لم أحبط، فأنا أرغب في افادة بلدي، خاصة وأنا أصيل مدينة باجة وأعشق تونس الى حدّ النخاع رغم أني متغرب في أمريكا منذ 25 سنة، وأرجو من السلط المسؤولة على الأقل اختبار هذا النظام حتى في انتخابات محدودة، مع التأكيد والاضافة بأن «بنك المعلومات البيومترية» سيكون خاصا بتونس، ولن يكون متصلا بأي نظام محسوب خارجي أو بشبكة الانترنات... وما توفيقي إلا باللّه أولا وأخيرا.