...الآن سقطت ورقة التوت وتعرت الحقيقة وتكشفت عن الكثير من الزوايا. ...الآن لم يعد هناك مجال للبحث عن مبررات. ...الآن لا بد من وضع النقاط على الحروف حول هذا الذي يحدث في ملاعبنا والا فما علينا الا ان ننتظر الكارثة. مؤشرات عديدة تؤكد ان القادم سيكون اسوأ في ملاعبنا إن لم يقع التحرك بالشكل المناسب وبالقوة المناسبة وبالحزم المناسب. إن الذي حدث في ملعب بنزرت خلال مباراة النادي البنزرتي مع النادي الصفاقسي كشف بما لا يدعو اي مجال للشك أن هناك من يريد التلاعب بمستقبل الكرة. . وان هناك من يريد ان يبث الفوضى والهلع. . ان يقدم صورة مشوشة عن بلادنا وعن كرة القدم التي هي مجال استقطاب واسع للجماهير. من الجلي والواضح ان أمن وسلامة الجماهير واللاعيين والحكام والفنيين والاداريين والاعلاميين وحتى أعوان الأمن أضحت في خطر داهم. هناك انهيار تام للمنظومة الأمنية. وهناك ترهل وهوان. الاصل في المشكل ان هناك استخفافا وان هناك طيشا وفوضى وهمجية. الأصل في المشكل ان المنظومة الأمنية المطلوبة في الملاعب وهي من شروط تنظيم المباريات الرياضية قد انهارت بعد إبعاد وابتعاد رجال الأمن عن القيام بما كان منوطا بعهدتهم في الماضي القريب و حصر الاشراف التنظيمي داخل الملاعب على ما يعرفون بLes stadiers. لقد ثبت ان هذه التجربة لم ولن تنجح الآن في ملاعبنا لأن التوقيت أصلا غير مناسب والمرحلة الأمنية التي تمر بها بلادنا غير مناسبة. والمناخ العام للبلاد سياسيا يجعل من الصعب المطالبة بالقفز فوق تقاليد وعقليات رسخت في مجالنا الرياضي وخاصة في ملاعبنا ولو أنها ليست كلها جدية بل فيها الكثير من الاخطاء ومما ينبغي إصلاحه. لم نعتمد المرحلية وذهبنا الى حل غير مناسب الآن. كان هناك فشل في تقدير حقيقة الموقف وحقيقة ومستوى تفكير وعقلية البعض المؤثر من الجماهير الرياضية. كان هناك اخفاق تام في قراءة حركة الجماهير الرياضية وسوء تقدير لردود أفعالها الانفلاتية ومدى تأثيرها على السلوك العام فوق المدارج. لا أريد أن أحشر أمر استغلال الاحتشاد الجماهيري لبث الفوضى من قبل من قد يكونون أعداء للثورة وأميل الى قراءة الموضوع من زاوية الخلل في المعالجة والاخطاء في التعاطي. التنظيم في الملاعب مسألة أمنية بالاساس ولا يمكن بين عشية وضحاها ان نقلب المعادلة. اليوم نقول إن قرار ابتعاد رجال الأمن عن تولي المهمة الأمنية التنظيمية داخل الملاعب كان قرارا في غير محله. والذين يقيمون الحجة على ابتعاد رجال الأمن عن مهمتهم بانعدام الثقة لم تعد لحجتهم مبررات ففي الأصل لا يقدر على انجاح المنظومة الأمنية الا رجال الأمن وهذه تنضوي في صميم مهامهم من حيث حماية المواطنين أينما كانوا. لقد ثبت بالحجة والدليل ان هناك استخفافا بالمنظمين الجدد وإن الكثير منهم هو ذاته في قفص الاتهام. لقد ثبت ان الجماهير الرياضية ليست مهيأة اليوم لهذا الانتقال التنظيمي الأمني. والرأي عندنا اليوم أن كرة القدم لن تنجح الا بعودة رجال الأمن الى العمل والاشراف المباشر على التنظيم لانه ثبت أن هناك من لا يرتدع وان هناك من لا يستطيع ان يعيش إلا وإلى جانبه عون أمن. من حق أهل القرار الأمني ان يدافعوا عن منظوريهم من المزايدات السياسية ومن حقهم توفير الحماية القانونية لمجال تدخلهم. والآن وقد تحررت او ينبغي لها ان تتحرر المنظومة الأمنية من القرار السياسي وتحديدا من التوظيف السياسي لمجال تدخلها بحيث استعادت او ينبغي لها ان تستعيد دورها الطلائعي في حماية البلاد والعباد ينبغي فسح المجال أمام رجال الأمن لكي يعودوا الى العمل بكامل الحرية في اطار القانون المنظم الذي يكفل حرية التحرك ويضمن حقوق الأطراف المتداخلة. ...إن مستقبل كرتنا يتطلب دقة في معالجة الملف الأمني. وان الملف الأمني لا يمكن ان ينجح الا من خلال القائمين عليه. والقائمون عليه يدركون ان البلاد تغيرت وأن الموازين تبدلت وهم قطعا قادرون على التغير وعلى مجاراة نسق التحولات في اطار مناخ قانوني يكفل الحرية ويضمن الحقوق ويقوم بالواجبات. ومن المؤكد أن أهل القرار الأمني يدركون جيدا أن العودة لا يمكن أن تكون ببعض الأساليب القديمة التي تنفر وتطرح الأسئلة والأكيد أن هناك من هم مختصون في أمن الملاعب وفي كيفية التعاطي مع جماهير الكرة وان لزم الأمر لا بد من الرسكلة ولا بد من الاستفادة من الخبرات التي نجحت في أماكن أخرى من دول الجوار الاوروبي.