لا يزال الغموض يلف عملية اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن و كيفية كشف المكان الذي توارى فيه طيلة السنوات الماضية و قد تعددت الروايات و تضاربت من دون أن تقدم حقيقة شافية و دقيقة لملابسات عملية التعقب و الاغتيال و آخر الروايات في هذا الشأن ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في عددها الصادر أمس حيث أشارت إلى أن مكالمة هاتفية جرت العام الماضي شكلت رأس الخيط الذي أوصل إلى المكان الذي تحصن فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في بلدة إبت آباد قرب العاصمة الباكستانية إسلام آباد، حيث لقي مصرعه برصاص القوات الأمريكية. ففي العام الماضي تقول الصحيفة تلقى شخص باكستاني يعرف لدى الولاياتالمتحدة باسم «أبو أحمد الكويتي» مكالمة هاتفية من صديق قديم له ، وكانت تلك هي الإشارة التي قادت في ما بعد إلى تحديد موقع بن لادن في باكستان. أول الخيط وكان أن اتصل صديق قديم ل«أبو أحمد الكويتي» سائلا إياه «أين كنت طيلة هذه الفترة؟ فلقد افتقدناك، وكيف تسير أمورك الحياتية؟ وماذا تفعل الآن؟»، ليرد عليه الأخير ردا غامضا، جاء فيه «أنا عدت للعمل مع الناس الذين كنت أعمل معهم سابقا». ثم يتوقف الحديث على الهاتف لفترة وجيزة، وكأن الصديق القديم عرف أن كلمات «أبو أحمد الكويتي» تعني أن الأخير عاد للعمل لدى الدائرة الداخلية لزعيم تنظيم القاعدة، أو ربما كان قريبا من بن لادن نفسه. ويرد الصديق القديم على أبي أحمد الكويتي بقوله «يسر الله لك». وأضافت «واشنطن بوست» أنه عندما علم مسؤولو الاستخبارات الأمريكية بهذه المحادثة التلفونية، عرفوا أنهم وصلوا إلى نقطة هامة من بحثهم الذي استمر عشر سنوات للعثور على زعيم تنظيم القاعدة. فالمكالمة هذه هي التي دلت الاستخبارات الأمريكية على المبنى ذي الأسوار العالية الذي تحصن داخله بن لادن في بلدة إبت آباد شمالي العاصمة إسلام آباد، حسب ما قاله أحد مسؤولي الاستخبارات الأمريكية في أحد اجتماعاتهم الاثنين الماضي. وأضاف مسؤولون آخرون في الاستخبارات أن فحوى المكالمة الهاتفية وبعض المعلومات الأخرى الإضافية منحت الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثقة كي يطلق حملة يكون من شأنها اعتقال أو قتل بن لادن في حصنه، وذلك بالرغم من أجواء الانقسام و الاختلاف بين مستشاري أوباما الأمنيين، خشية ألا يكون بن لادن داخل منزله لحظة الهجوم. وقالت الصحيفة إن وكالة الاستخبارات و الإدارات التابعة لها كانت تبحث عن «أبو أحمد الكويتي» منذ أربع سنوات على الأقل، وأن المكالمة التي تلقاها من صديقه القديم العام الماضي كانت هي التي أرشدت الاستخبارات إلى رقم الهاتف، وبالتالي قادهم الهاتف إلى حصن بن لادن. خطة بديلة وأما حصن زعيم القاعدة في بلدة إبت آباد الباكستانية المكون من ثلاثة طوابق فلم يكن مزودا بخدمات هاتفية أو إنترنت، وبالتالي فلم يكن بإمكان التقنيات التي يستخدمها الأمن القومي الأمريكي الوصول إليه أو اختراقه. ومما كان يثير دهشة المسؤولين الأمريكيين هو أنه كلما أراد أبو أحمد الكويتي أو آخرون ممن وجدوا في منزل بن لادن استخدام الهاتف، كانوا يقودون سياراتهم مبتعدين لساعة ونصف قبل حتى أن يضعوا البطاريات داخل الهواتف النقالة كي يبدؤوا الاتصال.. كما نسبت الصحيفة إلى إيجاز قدمه مدير«سي آي أيه» ليون بانيتا قوله إن الأقمار الاصطناعية رصدت هدفا يتحرك في حديقة الحصن بإبت آباد جيئة وذهابا وبصفة شبه يومية، وأن ذلك الهدف لم يغادر المكان لفترة طويلة، ولم يكن يعرف ما إذا كان هو بن لادن أم هو فزاعة طيور أم جسما متحركا في نفس المكان. وكانت الولاياتالمتحدة تنوي قصف المكان بطائرة بدون طيار، لكنها خشيت من عدم إصابة الهدف، أو من عدم التحقق من أن بن لادن لاقى حتفه من عدمه، أو يكون قد نجا ولاذ بالفرار، مما يضع أمريكا في حيرة وغموض ويجبرها على إعادة عملية البحث من جديد. ومن هنا قررت الاستخبارات الأمريكية القيام بالمهمة عن طريق وحدة «كومندوس» من المشاة ويقتحمون الحصن، ويشاهدون بن لادن رأي العين، وتساندهم مروحيات عسكرية، فكان ما كان.