تمكّنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أخيرا من اغتيال المطلوب الأول لديها في تنظيم «القاعدة» وفي شبكة ما تسمّيه واشنطن الارهاب الدولي أسامة بن لادن بعد أكثر من عقد كامل من التعقّب والبحث انتهى بعملية عسكرية سرية استهدفت مبنى في مدينة «إبت آباد» الباكستانية وأسفرت عن مقتل بن لادن وأحد أبنائه وأقرب أصدقائه. وأكدت حركة «طالبان» الأفغانية أمس نبأ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن وذلك حسب ما ذكرته هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي». «مراسل» أول الطريق وكشفت مصادر استخبارية أن جذور الغارة التي استهدفت بن لادن تعود الى ما قبل أربع سنوات عندما تمكّنت أجهزة الاستخبارات من رصد مراسله الشخصي مما أحدث الانفراج في قضية بن لادن. وأضافت أن مراسل بن لادن كان الخيط الذي أوصل الى قائد تنظيم «القاعدة» لا سيما وأنه كان من بين الأشخاص القلائل الذين يثق بهم بن لادن. وأشارت الى أنه كان يسكن مع أسامة بن لادن ويحميه وقبل عامين فقط استطاعت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تحديد المناطق التي يعمل فيها المراسل وشقيقه وتمكنت في ما بعد من تحديد مكان إقامتهما الذي كان في الواقع مكان إقامة بن لادن. وحسب ذات المصادر فإن رصد مكان الاقامة يعود الى أوت الماضي، حيث كان المبنى مثيرا للشكوك باعتباره كان محاطا بأسوار يزيد ارتفاعها على خمسة أمتار تعلوها أسلاك شائكة وتحرسه بوابتان أمنيتان إضافة الى جدار بسمك 21 سم يحجب شرفة في الطابق الثاني مع خلوّ المبنى من أية أجهزة اتصال متطورة مثل الهاتف أو الانترنت. وكانت من بين الأشياء الأخرى التي استرعت الأعين الأمريكية المجموعات المراقبة للمنزل والتي دأبت على إحراق النفايات بدلا من رميها في الخارج، مع الاشارة الى أنه (أي المنزل) كان جديدا ولم تمض على بنائه 5 سنوات وهو الأمر الذي أثار الشكوك بشأن طبيعة أو هوية الرجل الذي يسكن منزلا محصّنا بهذا الشكل. ووفق هذه المعطيات، قرّرت واشنطن وضع المبنى وكل ساكنيه في دائرة الاستطلاع والمراقبة الدائمة. وفي فيفري الماضي تبلورت لدى المخابرات الأمريكية «سي أي إيه» معلومات من مصادر متعددة، بعضها متأتية من أفراد أوقفوا على ذمة التحقيق بقضايا متعلقة بالارهاب، تشير الى أن أسامة بن لادن يقطن في هذا البيت بكلفة مليون دولار. وتحدثت جهات في هذا الاطار، أن أوباما عقد سلسلة من الاجتماعات المطولة مع مسؤولين أمنيين تركزت على موضوع بن لادن فحسب وتمحورت حول التأكد من وجوده في هذا المبنى والطريقة الأفضل لمهاجمته مع الابقاء على أكبر درجة من السرية والحيطة. وعلقت مصادر سياسية وأمنية أمريكية على هذه المؤشرات الأولية قائلة «لقد تأكدنا أن هناك عائلة أخرى تعيش مع مراسل بن لادن وشقيقه، عائلة تتطابق كل مواصفاتها مع مواصفات عائلة بن لادن بمن فيهم زوجته الصغرى». وأضافت «وجدنا أن المواصفات التي حدّدها خبراؤنا لمنزل بن لادن كانت متوفرة في المنزل المحصّن بهذا وصلنا الى زعيم «القاعدة» ولكن طرأ إشكال آخر، فالجدران العالية والاجراءات الأمنية التي تحيط به وقربه من اسلام أباد على بعد 60 كيلومترا منها كلها جعلت من مهمة قصف المنزل مهمة خطيرة. أوباما: أريد رأس بن لادن وفي التاسع والعشرين من أفريل الماضي أي يوم الجمعة الفارط وفي الساعة الثامنة وعشرين دقيقة صباحا بتوقيت واشنطن أصدر أوباما قرارا بتنفيذ الغارة بواسطة مروحيات قبل أن يتوجه الى «ألاباما». حينها، دخلت فرقة كومندوس أمريكية متخصّصة وقنّاصة الى باكستان لتنفيذ المهمة. وطبقا لتقرير «ستراتفور» للدراسات الاستخباراتية ومصادر أمنية أمريكية فقد بدأت العملية على الساعة الواحدة والنصف من صباح أمس الاثنين حيث سمع دويّ أربع طائرات هيلوكبتر في سماء المنطقة اتجهت نحو المبنى المحصن. وانطلقت الطائرات الأربع من مطار «غازي» العسكري شمال غرب باكستان وعلى متنها فريق من القوات الخاصة في المارنيز يسمّى «سيلز». ومع اقتراب الطائرات من سطح المبنى بادر الحراس بإطلاق النار عليها واشتبكوا مع الجنود. وتعرّضت احدى المقاتلات لقذيفة مضادة للدروع أدّت الى سقوطها واندلعت اشتباكات عنيفة بين «المارينز» والحراس شارك فيها أسامة بن لادن واستمرّت نحو 40 دقيقة. وقضى بن لادن برصاصة في رأسه، كما قتل نجله ومبعوثه. وأفادت مصادر متطابقة أن الفريق الأمريكي لم يصب أي من عناصره بجروح خطيرة. دفن في البحر وبثت قناة «جيو» التلفزيونية الباكستانية صورة لجثة أسامة بن لادن وصورا أخرى لمسرح العملية التي اغتيل فيها قائد تنظيم «القاعدة». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن جثة أسامة بن لادن نقلت الى أفغانستان ودفنت في وقت لاحق في البحر. ونقلت عن مصادر أمريكية إشارتها الى أن جثمان بن لادن دُفن في البحر عقب تجهيزه وفقا للشريعة الاسلامية، حسب زعمها. وأرجعت هذا الخيار الى عدم رغبة الأمريكيين في أن يكون لزعيم «القاعدة» قبر معروف يتدفق إليه الناس ويقصدونه. وذكرت قناة «سكاي نيوز» البريطانية أن واشنطن عرضت على السعودية دفن بن لادن في أراضيها لكن الرياض رفضت استلام جثة زعيم «القاعدة». وأجرت واشنطن اختبارا للحامض النووي لبن لادن أظهرت نتائجه لاحقا أنه يعود له . في هذه الأثناء، أعلنت مصادر باكستانية أمس أن 4 من أبناء بن لادن واثنين من زوجاته اعتقلوا. وأضافت أن صديقا مقرّبا من زعيم «القاعدة» احتجز ونقل الى مكان لم يكشف عنه بعد..