اعتبر وزير الداخلية السوداني الاسبق أحمد عبدالرحمان ان الاعلام الغربي وارادة الهيمنة الغربية هي وراء مشكلة دارفور_ وقال في لقاء مع الشروق على هامش مشاركته في اجتماع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي الذي انعقد في الدوحة_ ان زيارات المسؤولين الغربيين وخصوصا الأمريكيين لدارفور هي لاستكمال المشروع الاستعماري الذي بدأ في القرن التاسع عشر_ وأكد ان غياب العرب عن المشكلة وعن كافة الساحات العربية الساخنة هو ما أزّم الاوضاع وأوصلها إلى ما هي عليه الآن. وأكد عبد الرحمان ان الكثير من مناطق السودان تقاسم دارفور مشاكلها التنموية ومع ذلك لم يحدث ما حدث في دارفور_ واضاف ان شعوب العالم باتت اليوم بحاجة إلى نظام عالمي يحترم حقوق الإنسان ومشاركة المؤسسات الدولية. وفيما يلي نص الحوار: *هل انتم متفائلون بانعاش التيار القومي العربي بعد النكسات الكبيرة التي أصيب بها؟ ان كل ما حدث أوجد شعورا عميقا في وجدان الأمة خاصة في شبابنا للاستعداد لمزيد من التضحية لاحياء أمته من جديد ونعتقد ان الواقع والتاريخ يؤكد ان لنا ان هذه القوة الغاشمة التي تعربد في بلادنا الآن سوف تذهب وتنتهي لانه لم يخلد استعمار أو احتلال في بلادنا وهذه القوة تمر الآن بأزمة حضارية واخلاقية وازدواجية في معايير التعامل والتنكر التام لكثير من القيم التي أوجدتها بعد نضال مرير قدمت خلاله الكثير من التضحيات خاصة المؤسسات الدولية التي انشئت بعد الحرب العالمية الثانية والتي انتهت وافرغت من محتواها وبدأ العالم الان في البحث عن نظام عالمي جديد تتوافر فيه العدالة و الامن بشكل اكثر .. ان هذه الحال لا تدوم وسياسة القطب الواحد جلبت المآسي للكثير من الشعوب التي تريد الان نظاما عالميا جديدا يحترم مشاركة الغير وتحكمه معايير جديدة. *ألا ترى أن مؤسسات المجتمع المدني والمفكرين مقصرون تجاه ما يجري في العراق وليس الحكومات فقط؟ الحالة في العراق تعكس قمة الانحطاط والتدهور الذي وصلت اليه الامة العربية جمعاء فلم يتخيل احد ان العراق سيرزح في يوم ما تحت الاحتلال والاستعمار ولذلك فإن هذه الصدمة التي اصابتنا مع احتلال العراق يجب ان تشكل قوة دفع جديدة لان العرب بما لهم من تراث وقيم وتاريخ قادرون على تغيير الموازين, فالشباب العربي أوعى من اي وقت مضى والمتغيرات التي حدثت سواء من حيث التعليم او تطور الاقتصاد كبيرة بالاضافة الى الخبرات التي اكتسبت , جميعها تنبىء بوضع مغاير ومستقبل آخر وما يجري في العراق وفلسطين يشاهد الآن بفضل التطور الاعلامي في جميع انحاء العالم ولم تعد المعلومات ملكا لطرف واحد والعالم يهمه ان يتوازن وان يحترم حقوق الانسان الاساسية بما يتماشى مع الفطرة البشرية التي تنشد الحق. *هل يشكل ما يجري في السودان الآن جزءا من استراتيجية الهيمنة والاختراق في المنطقة العربية؟ ان السودان من ضمن مفاتيح الامة العربية ومن الساحات التي ظلت مستهدفة عبر عقود لأنها احد المواقع الاستراتيجية كما هي فلسطين والعراق ومن المعروف من خلال المراقبين ان السودان كان مستهدفا بعد العراق بحكم الامكانات والثروات التي يمتلكها وبحكم موقعه الجغرافي بين افريقيا والعالم العربي. *هل انت راض عن تعامل الحكومة السودانية حاليا مع ما يجري في دارفور؟ من المؤكد ان هناك قضية في دارفور وهذه القضية ليست فريدة من نوعها في السودان ..فالكثير من مناطق السودان الاخرى تقاسم دارفور نفس المشكلة من عدم التنمية المتوازنة والتخلف وهذا كان نتيجة للاهمال من الكثير من الحكومات السابقة ولا نبرىء انفسنا من ذلك لكن لا بد من القول هنا ان الجهد الذي بذل من الحكومة في تنمية دارفور من العام 1994 كان كبيرا .. فعلى سبيل المثال في مجال التعليم احتلت دارفور المرتبة الثالثة بعد الخرطوم وولاية الجزيرة متقدمة بذلك على باقي ولايات السودان الاربع والعشرين. *ما الذي جلب التدخل الخارجي في دارفور.. هل هي سياسات الحكومة ام هي نية مبيتة استغلت نشوب الازمة؟ رغم وجود بعض الاسباب الداخلية الا ان الاعلام الخارجي وارادة الهيمنة من الخارج هو ما صنع مشكلة دارفور, فما الذي يعنيه وجود القوات الفرنسية على حدود تشاد وبعد ذلك زيارة كافة وزراء الخارجية الغربيين لدارفور بمن فيهم وزير خارجية الولاياتالمتحدة ومن ثمة السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان.. ان هذا كله لا يمكن أن يكون من أجل دارفور فقط هذا كله استكمال لطموحات غربية ظهرت في القرن التاسع عشر حيث حدث الصراع بين الفرنسيين والانجليز في أعالي النيل في منطقة فاشودا والهدف هو مياه النيل وخيرات السودان الآن تعود نفس الظاهرة وتتكالب هذه القوى على دارفور وهي منطقة غنية بإمكاناتها المعدنية وخاصة البترول. *ما حقيقة ما أشيع عن وجود معدن اليورانيوم في دارفور؟ من المعروف أن دارفور غنيه باليورانيوم والحديد والنحاس وبفضل الأقمار الصناعية فإن هؤلاء يعلمون تماما بالإمكانات المتوافرة في هذه المنطقة لذلك سيكون هناك سباق بينهم للهيمنة على المنطقة.. *ما الذي يفترض بحكومة السودان فعله لتدارك مخاطر أزمة دارفور؟ إن حكومة السودان وبشهادة المجتمع الدولي قد ساهمت مساهمة كبيرة جدا في تخفيف المعاناة الإنسانية لسكان دارفور وفي استتباب الأمن وكل ما نرجوه من المجتمع الدولي اذا كان صادقا في رغبته في الأصلاح وان كان لا يسير وفقا لاجندات البعض هو أن يساهم في توفير المتطلبات الضرورية لتخفيف العبءعن مواطني دارفور, وان يعمل وفقا لميثاق هيئة الأممالمتحدة وان يعطي الفرصة للمؤسسات السودانية الوطنية والاقليمية لتتولى معالجة الاوضاع في دارفور. *ما الذي تقوله عن الدور العربي في تلك الأزمة؟ ان السودان كان فريسة للطموحات الخارجية بسبب غياب الوجود العربي لاعتبارات كثيرة جدا, وللأسف فان هذا الغياب ليس عن السودان فقط بل عن كل الساحات الساخنة الأخرى.. فالعرب وللأسف كل منهم مشغول بقضية , ولا يوجد شيء آخر يمكنه اخراجنا من هذا الموقف أو البحث الجاد عما يوحد هذه الأمة. و السودان بحكم كونه على اطراف العالم العربي ويعتبر نائيا نسبيا انطبق عليه المثل انما يأكل الذئب من الغنم القصية.. وما يستهدف السودان الآن امر خطير ونأمل المزيد من التجاوب من البلاد العربية لتفهم ما يجري في السودان والاسهام في حل الأزمة.