٭ تأليف الكاتب الألماني باول شمتز Pawl chamtez ٭ بقلم الدكتور: علي طراد تقديم المؤلف والمترجم ألف هذا الكتاب باول شمتز Pawl chamtez المستشرق الألماني الذي عاش في القاهرة وفي بلاد المشرق أكثر من ثلاثين سنة. عرف عن قرب الأسس التي انبثق عنها تطلّع البلدان الإسلاميّة نحو استردادهم أوطانهم وكرامتهم المسلوبة، وعرف أيضا المنابع الأصيلة التي تنبع منها القوّة في بلاد العالم الإسلامي. وللمؤلف عدّة تآليف تعرّف الغرب بما في العالم الإسلامي من عناصر قوّة ونفاذ؛ وأهم هذه التآليف كتابه Nubeau Der Arabishen welf وكتابه: الإسلام قوّة الغد العالميّة أمّا مترجم الكتاب إلى العربيّة فهو الدكتور محمد عبد الغنيّ شامة وهو أستاذ تاريخ الأديان المقارن بكلية أصول الدين بالجامعة الأزهريّة؛ وقد جمع الدكتور شامة بين الثقافة الأصيلة والثقافة الفلسفيّة ومنهجيّة الأدب المقارن، إذ تخرج من جامعة برلين وحصل على درجة الدّكتوراه في الفلسفة وكان تخّصصه في الملل والمعتقدات. ٭ الكتاب «هذا الكتاب هو نداء وتحذير يجب أن يلقى الإحترام الجدّي من أجل مصلحة الغرب وحدها» هكذا قال ناشر هذا الكتاب Goldman في مقدّمة طبعته بالألمانيّة. ويجدر بنا قبل تقديم الكتاب وتقييمه أن نضعه أولا في إطاره التاريخيّ، حتى يسهل التّعرف على ماهية الموضوع، ألّف باول شمتز Pawl Chamtaz كتابه قبيل الحرب العالميّة الثّانية، وعلى سبيل التحديد 1939. لكنّ الكتاب لم ينشر إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية وترجم الدّكتور شامة الكتاب بعد تخرّجه من الجامعة الألمانيّة سنة 1938. ونشرته مكتبة وهبة سنة 1947. ويشتمل الكتاب على ستّة أبواب وهي. المجال المفتوح الفكر المتجدّد الوحدة الإسلاميّة ووحدة المصير الإسلامي. أسس القوّة الناميّة في العالم الإسلامي الإسلام والقوى العظمى بين الشرق والغرب يتناول المؤلف في الباب الأول: «المجال المفتوح» الوضع في البلاد الإسلاميّة في أوائل القرن التّاسع عشر، ويكشف عن مخطّطات الغرب وتدخلاته في توجيه الحياة السياسيّة في المشرق. فيقول بالخصوص: «ولأول مرة منذ قرون – يدرك الأوروبيّون مرة أخرى- أهميّة الشرق الأدنى، كمعبرةٍ إلى الشرق الأقصى.» «ويظهر هذا في تحرك السياسة التجاريّة. فعندما رحل الفرنسيّون عن مصر، اتجهت سياسة انقلترا نحو تثبيت أقدامها في تلك المنطقة...» ويواصل المؤلف في باب «الفكر المتجدّد» سرده التاريخيّ لاحداث الحملة الصليبيّة وما تركته من دمار نفسانيّ وحقد في بلاد العالم الإسلامي للغرب. واعتبر المؤلف أن الهجوم الغربي على الشرق ابتدأ بحملة نابليون Napoleon على مصر وتلاها غزو شمال إفريقيا ثم السّيطرة على شواطئ البحر الأبيض المتوسّط وجنوب الجزيرة العربيّة والتفاهم بين انقلترا وروسيا حول إيران وأفغانستان. ثمّ تعرض باول شمتز في هذا الباب أيضا إلى مبادرات الإصلاح لمّا شعر رجال السلطة بأن مراكزهم مهدّدة بالإنهيار، لكنه يشير إلى أنّ هذا الإصلاح لم يجد نفعا وكأنّه يريد أن يعلّمنا درسا في الحضارة فيقول في صدد حديثه عن الحكومات التي اتّخذت مبادرات إصلاحيّة «اتّخذت النّظام الغربيّ نموذجا لها ونسوا أنّ الأسس التي تقوم عليها ركائز هذا التقدّم غير موجودة وأنّ لظهور الظواهر تغيير اجتماعيّ لم تتوفّر بعد في مجتمعاتهم.» وينقد المؤلف نقد الخبير المحنّك مبادرات الإصلاح التي بدأت في زمن محمود الثّاني المتوفّى سنة 1839، وكان يؤمن إيمانا قويّا بأن أوروبا لا يمكن أن تضرب أو تردّ إلى ديارها إلاّ بسلاح أوروبي، ولذلك يقول المؤلف: «فممّا لا جدال فيه، حتميّة وجود أرض خصبة لبذر هذه الحضارة وإلاّ يبست قبل أن تنبت واعتراها الذّبول إن نبتت لدى شعب لا يملك مقوّمات رعاية الحضارة وليست لديه رغبة تقبّلها» وفي الباب الثالث: «القومية الإسلاميّة ووحدة المصير الإسلامي» عني المؤلف بإبراز الدّين الإسلاميّ كعامل رئيسيّ في تجميع المسلمين لمواجهة الغرب المستعمر، وقد جاء في خصوص هذا الموضوع قوله: «إنّ الإسلام ليس عبادة جوفاء. وإنّه لم يعد تلك المبادئ التّي تعادي التّطوّر، أو الشكل البدائي للحياة الإنسانيّة البعيدة عن التّأثير في فحوى الأمور... إنّه أصبح عنصرا حيّا يؤثر في الأحداث وماردا خطيرا يجب الإحتياط له والحذر منه !!» ويبرز شمتز دور علماء الإسلام المتميّز في الحركات التحريريّة فيقول: «قرّر علماء الإسلام تأييد الحركات الوطنيّة في أوطانهم فانخرطوا فيها بالفكر الجهادي العلميّ لإضفاء صفة القدسيّة عليها ومنحها رمزيّة دينيّة عقديّة فأصبحت ترتكز على دعائم قويّة وعتيدة تمتدّ جذورها في قلب كلّ فرد مسلم في المجتمع، وقد أدّى ذلك إلى إقامة علاقة خصبة بين العناصر الدينيّة والوطنيّة». ويركّز المؤلف على تجمّع الحركات المبعثرة حول خدمة الهدف العام المشترك. العودة إلى القرآن كمصدر أساسيّ لتنظيم حياة الفرد والأمة اتخاذ الإجراءات اللاّزمة ضد المبشّرين المسيحيّين، لأنهم كانوا طلائع الإستعمار الغربي. الوقوف بجانب المسلمين في كلّ مكان. ويتعرّض المؤلف في باب «أسس القّوة الكامنة في العالم الإسلامي» إلى أن: الوضع الإستراتيجي في العالم الإسلامي الزّيادة المطّردة في عدد سكانه ما توصلت إليه الأبحاث من أن في باطن أرضه ثروة فائقة من الموادّ الخام تكفي لقيام حضارة تضارع مثيلاتها في أوروبا. هذه العناصر الثّلاثة –في نظر المؤلف تكوّن قوّة نامية في العالم الإسلاميّ. وهي تشير إلى احتمال وقوع هزّة في ميزان القوى بين الشّرق والغرب. ويذّلّل المؤلف على الإهتمام بقوّة الإنفجار السكّاني في العالم الإسلاميّ بالمناقشة الحادّة حول فتوى من مفتي مصر آنذاك فقد صرّح «بأنّ تنظيم النّسل لا يعارض نصّا قرآنيّا ولا يخالف روح التشريع الإسلامي.» ويشير المؤلف إلى موقف رئيس جمعيّة الشّبّان المسلمين الذي رفض رأي المفتي من الزّاوية السياسيّة. وعلّل رفضه بأنّ الثراء في المواليد دعامة المستقبل السّياسيّ للشرق الإسلامي بل لكلّ المسلمين على وجه الأرض.