٭ تأليف الكاتب الألماني باول شمتز Pawl chamtez الباب الخامس: «الإسلام والقوى العظمى» في هذا الباب يتحدّث المؤلف عن صراع الجبابرة في سبيل السّيطرة على الشّرق الإسلاميّ، في صورة الصّديق المخلص أحيانا، والمستعمر الغازي أحيانا أخرى. من ذلك: موقف روسيا البلشفيّة موقف الصّديق لتركيا وإيران وتأسيسها سنة 1918 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة ومنحها إيّاه الرعاية والعناية والتمكين الماديّ. موقف انقلترا المثالي طورا لليهوديّة العالميّة فركزتها تحقيقا لوعد بلفور، وتوصلها إلى صبغة تتساوى فيها مصالحها الخاصة مع الكبرياء الوطني الذي ازدادت حساسيّته في الشرق. قرار مؤتمر سان ريمو San Remo في 25 أفريل 1920 بإسناد وصاية الإنتداب على سوريا لفرنسا، وإثره قام صراع دموي انتهى سنة 1936 بالتفاوض مع سوريا من أجل تحقيق رغباتها الوطنيّة. وبعد أسابيع فقط اعترفت باريس للبنان بإبرام معاهدة مماثلة. وفي تونس، التفّ جمهور شعبيّ كبير حول الزّعماء السيّاسيين الذين أعلنوا أنّ شعارهم وبرنامجهم وكفاحهم يتركّز حول: فلتسقط فرنسا، وليسقط الحاكم العسكري الفرنسي في وحدة وطنيّة تلقائيّة؛ وكان هذا الجمهور الشّعبي صادقا في إرادته عفويّا في مطالبه فسار وراء هؤلاء السّياسيين مؤيّدا لهم وناصرا إيّاهم فحملوا لواء الحركة الوطنيّة التي كرست جهودها ضدّ فرنسا الإستعماريّة؛ وكان هؤلاء السّياسيّون يمثّلون طبقة صغيرة العدد، غير أنّ لها قدرات عقليّة واسعة وغزيرة، وقد كانت كلّها من المثقفين الذين تخرّجوا من الجامعات والمعاهد العليا داخل البلاد وخارجها. ونظّمت هذه الحركة الوطنيّة نفسها فكوّنت حزبا أطلق عليه اسم: الدّستور، ولقد صدرت الأوامر العسكريّة بحظر نشاطه وتعقّب خطواته لكنّه قاوم وكابد طويلا بفضل توجيه حكماء من الزيتونة وغير الزيتونة زادهم القيم الإسلاميّة الرّفيعة التي تأبى الظّلم والبطش والفساد في الأرض. وكم لاقت السّلطات الفرنسيّة ضربات مؤلمة خرجت واندلعت من الجوامع والمساجد التي كانت تمثل رحاب المعرفة والعلم والأخلاق والقيم والحكمة مدفوعة بهذا «الدّين العظيم والقويم المتأصل في نفوس أتباعه من علماء ومتعلّمين وكذلك العموم رافضة وثائرة ضدّ الإستعمار الغربي الذّي اكتسح أرضهم وسلب حريّاتهم» وفي الباب الأخير من الكتاب: «بين الشرق والغرب» يكشف المؤلف عن مخاوفه إزاء التفكّك الذي تعانيه أوروبا فقد قضت الحرب العالميّة على الأفكار الإنسانيّة ودفنتها في ساحة القتال فلا وجود اليوم لمبدا يجمع الدّول الغربيّة بينما يوجد في العالم الإسلامي مقومات اجتماعيّة. ويصرّح بأنّ هذا الخوف لن يعيد الحياة إلى الوحدة الأوربيّة، ما لم يكن مدلول كلمة: «أوروبا Europa» وحدة جغرافيّة. ويستنهض شمتز Chamtez الهمم الأوروبيّة قائلا «وسيعيد التاريخ وحده مبتدئا من الشرق عودا على بدء من المنطقة التي قامت فيها القوّة العالميّة الإسلاميّة في الصّدر الأول للإسلام وستظهر هذه القوّة جليّا في تماسك الإسلام ووحدته العسكريّة وستثبت هذه القّوّة وجودها إذا ما أدرك المسلمون كيّفيّة استخراجها والإستفادة منها» ويختم المؤلف كتابه بصيحة فزع يطلقها لتدوّي في أركان أوروبا فيقول «إنّ انتفاضة العالم الإسلامي صوت نذير لأروبا وهاتف يجوب آفاقها يدعو إلى التّجمع والتّساند الأوروبي لمواجهة هذا العملاق الذي بدأ يصحو وينفض النّوم من عينيه هل يسمعه أحد ؟» «هل من مجيب؟» حوصلة الكتاب يوضّح للمسلم المعاصر أيّ جوّ من الهدم الذي كان – ومازال – يمارسه المستشرقون والسّياسيون الأجانب لتحطيم الكيان الإسلامي ويريه أيضا أنّ هذا الهدم يهدف إلى إضعاف الجانب الدّيني في النفس أولا ثم إقصاء الدّين عن الحياة اليوميّة حتى يعتقد الإنسان وخاصة الإنسان الذي تنقصه المعرفة في العالم الإسلامي إن الدين للّه والحياة للإنسان. وهذا ما نقاسيه عموما في مجتمعاتنا العربيّة الإسلاميّة إلى اليوم ويوميّا وخاصّة لدى الشّباب الذي هو ضحيّة نشر اللاّئكيّة والعلمانيّة والإلحاد على أيدي الحكّام وبعض المثقّفين !!! ومؤلف هذا الكتاب كإخوانه من الرّحّالة والمستشرقين الذين التقت جحافلهم بسيول المبشّرين وبمطامح المستعمرين ليعملوا جميعا على إطفاء نور اللّه، «يريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم ويأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون.» (آية 32-سورة التوبة) والكتاب هو صيحة فزع يطلقها مستشرق خبير لاستنهاض الهمم الأوروبيّة وتنبيه النّيام منها. وتجدر الإشارة بأن أهداف الاستشراق تكاد تنحصر في: تعريف الغرب بنقاط القوّة في العالم الإسلامي، ودعوته إلى العمل في حزم لردّ خطر هذه القوّة، ووقف نموّها وتزايدها كي يبقى الغرب ذا سيطرة اقتصاديّة وسياسيّة مهيمنة لا يمكن منافستها. إبراز الإسلام كعامل رئيسي في تجميع المسلمين في مواجهة العرب كما فعل تماما باول شمتز في هذا الكتاب حتى يصبح الإسلام هدفا لنبال الغرب فيعمل على توهين العلاقات بين شعوبه ويسعى إلى كسر شوكتهم قبل أن يقووا لمواجهة استغلال الغرب للشرق. تضليل المسلمين عن مبادئ الدّين الإسلامي وخلق التخاذل الرّوحي في نفوسهم وذلك ينقد أحكام الإسلام ومبادئه وركائزه ومقوّماته والرّفع بصورة موازية من شأن المبادئ المسيحيّة وجعلها مقياسا لمبادئنا نحن العرب المسلمون حتى يسهل ابتلاعنا ومحو هويتنا فكتاب الإسلام قوّة الغد العالميّة جدير بأن يطلع عليه ويقرأه ويتأمله ويدرسه كلّ مسلم لأنه يجعله يبحث عن كنه وجوده وعمق هويّته في عالم تعصف به رياح اللاّعقيدة واللاإسلام وتتآمر في رحابه إرادات معادية لهذا الديّن الحنيف حتى تغمرنا بالطوفان والذّوبان. «وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد» (آية 8) «الّذي له، ملك السموات والأرض واللّه على كل شئ شهيد» (آية 9) «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم ولهم عذاب الحريق»( آية 10) «إنّ بطش ربّك لشديد» (آية 12 ) صدق اللّه العظيم (سورة البروج) واللّه وليّ التوفيق