الملاحظون للشأن الثقافي والمتتبعون للساحة الثقافية لاحظوا بعد 14 جانفي أن حراكا هائلا تشهده الهياكل والجمعيات الفنية المختلفة كما لاحظوا أن نبرة الاحتجاج والتهم تصاعدت حيث شهد الخطاب الثقافي على غرار بقية الخطابات تصنيفا للمتواطئين مع الواقع الفارط والحاملين المشعل هذا الجديد الوارد. جمعية الرشيدية مثلا عاشت أزمة عميقة ومازالت تداعياتها متواصلة وكادت نقابة المهن الموسيقية أن تنحل وتشتت نقابة الكتاب ولعل العنوان الكبير لهذا الحراك يختزل في أمرين، استقلالية هذه الهياكل والجمعيات ومحاربتها لما يسمونه الفساد الثقافي. ولا شك أن هذا العنوان الفضفاض قد يلخص في كل الحالات ومهما كانت التقييمات أزمات كانت تشق الشارع الثقافي، يقول بعض شهودها إنها معلنة ومعروفة حتى قبل 14 جانفي مؤكدين في هذا الصدد أن حراكها قديم وأن جذورها تمتد الى ما قبل تاريخ الثورة. «الشروق» سألت مجموعة من المعنيين بالعمل النقابي والجمعياتي طارحة للإشكالية التي أثيرت بسبب ما انجر من خصومات ومشادات في الساحة الثقافية. مقداد السهيلي: (رئيس نقابة المهن الموسيقية): فرحات حشاد لم تفرزه ثورة 14 جانفي الثورة لم تحدث شيئا والعمل النقابي ثوري بطبعه ففرحات حشاد لم تفرزه ثورة 14 جانفي ونحن نناضل منذ زمن من أجل النهوض بهذا القطاع لكن يمكن القول إن الثورة أعطت مساحة أكبر للحريات وهو ما يستوجب استغلالها في حدود المسؤولية واحترام الآخرين. نقابتنا كادت تندثر لكن استطعنا تشييدها من جديد وأعددنا ملفات جديدة ومطالب شرعية كل ذلك جاء في خضم العمل النقابي المتواصل. وبالمناسبة أريد القول رجاء الابتعاد عن الأغراض الشخصية والدخول في صلب الموضوع مباشرة. اعداد: نجوى الحيدري سامي السنوسي: (كاتب عام مساعد نقابة الكتاب): أحلامنا بدأت قبل 14 جانفي تأسيس نقابة كتاب تونس لم يكن نتيجة هذه الثورة بل تأسست رسميا في 4 جويلية 2010، وكان تأسيسها نتيجة مخاض كبير ومحطات نضالية مشرفة جاءت من أجل الدفاع عن حق الاختلاف، وأهدافها ومطالبها لم تتغير بعد 14 جانفي، فمازالت مبادؤنا قائمة على الدفاع عن استقلالية الكاتب وعن الفكر الأدبي حتى يكون الكاتب التونسي صوت الشعب. ونحن كنقابة قررنا ومنذ 14 جانفي عدم صياغة أي بلاغ لأن أغلب البيانات جاءت بحثا عن التموقع من جديد في المقابل قمنا بمقابلة وزير الثقافية وقدمنا له بعض الطلبات العاجلة وأطلعناه على المشهد الثقافي المضطرب لكن لم يتغير شيء. وبقي الحضور الأدبي في الملفات الثقافية حضور بالغياب بل هو تغييب متعمد. لكن هذه النقابة بدأت بالأحلام فتحققت وحلمنا بالثورة تحقق. منجي معتوق: (أمين عام اتحاد الفنانين التشكيليين): عملنا النقابي صراع متواصل منذ العهد السابق واتحاد الفنانين التشكيليين في صراع مع المسؤولين من أجل تحقيق المطالب الأساسية لكن دون جدوى، لدينا الكثير من المسائل المطروحة وقد رفعنا الأمر الى السيد وزير الثقافة ونحن نعلم جيدا أن الوقت ليس مناسبا لايجاد حلول بهذه المشاكل التي عانى ومازال يعاني منها الفنان التشكيلي ومنها مشكلة الدعم. صفوفنا اليوم متلاحمة ونحن بعد تجميع نضالاتنا خاصة بعد هذه النقلة التي حققناها ما بعد ثورة 14 جانفي، لكن عملنا كان متواصلا حتى في العهد السابق وفي المقابل لم نجد الدعم من الدولة كالتعريف بالفنان التشكيلي التونسي من خلال ترحيله الى الخارج وتدوين ابداعاته وتمكينه من الفضاءات يعرض أعماله وللأسف الفنان التشكيلي التونسي يبدع في الظلام. وهناك تقصير كبير على مستوى النقد والكتابة والتدوين لذلك يسعى الاتحاد اليوم الى تحقيق جملة هذه النقائص. الصادق حلواس: أمين مال نقابة مهن الفنون الدرامية: عمل متواصل الحراك النقابي لم يكن وليد ثورة 14 جانفي وإنما كنا في حراك منذ سنوات وطرحنا عديد المشاكل التي يعاني منها القطاع على وزير الثقافة لكنه لم يستجب الى مطالبنا التي تمثلت بالخصوص في هيكلة المسرح التونسي والاعتراف بمكانة الفنان المسرحي والعمل على مزيد رصد مبالغ مالية بإمكانها أن تنهض بالقطاع. لكن للأسف لم يتحقق منها ولو مطلب واحد ونحن اليوم نعمل على تفعيل هذه المطالب على أرض الواقع.