حمّادي الوهايبي فنّان مسرحي درس في المعهد العالي للفن المسرحي بتونس ويدرّس حاليا في كلية الاداب والعلوم الانسانية بالقيروان وهو كاتب عام اتحاد الممثلين المحترفين ورئيس سابق لجمعية مهرجان ربيع الفنون الدولي بالقيروان الى جانب تجربته كمخرج ومنتج وممثل في أكثر من عمل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني. حول تحوّلات المشهد الثقافي بعد 14 جانفي «الشروق»إلتقته في هذا الحوار. حوار نور الدين بالطيب كيف تقيّم المشهد الثقافي اليوم بعد خمسة أشهر من الثورة؟ لم يكن المشهد الثقافي في أي يوم منفصلا عن المشهد السياسي وهذا لا ينسحب على الواقع التونسي فحسب بل أن ذلك حتمية تاريخية وأمام التداخل في المواقع أصبحت ألية انتاج المفاهيم وتحديدها معطّلة أو تعمل بشكل بطيء لأنّ أغلب السياسيين لم يستوعبوا أهمية العمق الثقافي لأي عملية تحوّل سياسي وهذا نقرأه في مختلف البرامج التي يقدّمها هذا الكم الهائل من الأحزاب من أقصى اليمين الى أقصى اليسار مرورا بوسطها فلا وجود لمشروع ثقافي حقيقي يعاضد الخيارات الاستراتيجية وفق رؤية حداثية تستجيب لمقتضيات المرحلة وتستشرف القادم إنّ أدوات التحليل والنقد التي تقوم على الحركة الفنية والفكرية هي التي يجب اعتمادها لفهم طبيعة أي حراك سياسي حتّى لا نسقط في الإنطباعية والأحكام المغلقة وأعتقد أن المطلوب الآن هو عودة المثقفين والفنانين الى ساحة الحراك السياسي ليأخذوا مواقعهم في الخارطة السياسية حتى لا يكونوا تابعين لرؤى واختيارات قد لا تكون في صالحهم . المشهد الثقافي يعرف انفلاتا ثقافيا على غرار الانفلات الأمني في بعض الجهات بعد 14 جانفي فلا يوجد تغيير حقيقي لا في المؤسسة الثقافية ولا في المشهد الثقافي بشكل عام مازال نفس الفاعلين في مواقعهم فكنّا ننتظر من الوزير القيام بتغييرات جوهرية في الإدارات المركزية لكنّه لم يفعل شيئا وحتى التحويرات التي قام بها بدت غير مفهومة وربّما كانت لحساب بعض النافذين لتصفية حسابات شخصية مع بعض الوجوه الثقافية البارزة وأنا أتساءل بمرارة عن غياب الوجوه الثقافية والإبداعية في الوزارة وإبعاد القليل منهم الذي كان موجودا في دائرة القرار . لابد من إيجاد أرضية جديدة في التعامل مع المثقفين، هناك شريحة كبيرة يمكن أن نسميهم بالمثقفين الصامتين وهؤلاء كانوا قبل 14 جانفي وبعده يساهمون مساهمة فعلية في الحراك الثقافي لكن في مستوى القرارات نجد أنهم لا يضطلعون بأي مهمّة ولم يكن لهم أي دور فعلي على المستوى الإداري في اختيار مثلا المسؤولين على المؤسسات الثقافية وهناك نوع من «الانفلات الثقافي». هناك مؤسسات ثقافية لم ينخرط المسؤولون على إدارتها في المنظومة الثقافية السياسية وكانوا يعبّرون عن تطلّعات المثقفين وتطلّعات الأنتلجنسيا الديمقراطية ومع ذلك بعد 14 جانفي وجدناهم خارج المشهد من بقي في المشهد إذن؟ بقي صاحب القرار وهو نفسه الذي كان قبل 14 جانفي يساند ويبارك، هؤلاء المساندون والمباركون والمناشدون ظلّوا في أماكنهم وعندما تقوم بزيارة الى وزارة الثقافة ستجدهم جميعا في مكاتبهم كما كانوا مع استثناءات قليلة وقليلة جدا والتي لا تسمن ولا تغني من جوع وتولّي الوزير الجديد السيد عز الدين باش شاوش وبعد العدول عن الوزيرة الأولى مفيدة التلاتلي وإن كانت نواياه حسنة حسب ما عاينته بنفسي في أحد الاجتماعات وتحديدا في اجتماعين لكن ابتعاده عن المشهد الثقافي لمدّة طويلة جعله لا يعرف التفاصيل وهناك تحالفات وتوازنات لا يعرفها ممّا اضطرّه الى الاستنجاد بمجموعة من المستشارين هم أنفسهم متورّطون في الآلية القديمة وعندما نتأمّل القرارات الثقافية التي اتّخذت في معظمها غير متناغمة مع متطلّبات الثورة ومتطلّبات المرحلة الجديدة. شخصيا كنت أتصوّر أنّ اوّل وزارة تشهد تغييرا جذريا بعد وزارة الدّاخلية هي وزارة الثقافة لأنّ الشأن الثقافي هو الذي يبلور طبيعة المجتمع بعد أي تحوّل سياسي والتغييرات التي حصلت في بعض المؤسسات الثقافية فيها ما هو صائب وفيها ما هو غير صائب بالمرّة وكان حرّي بالوزير أن يغيّر جميع المسؤولين لا أن يقتصر على البعض ويترك البعض الآخر وعندما نطالب بتغيير المسؤولين لا نعني عزلهم أو إحالتهم على البطالة ولكن تكليفهم بمهمّات أخرى وإيجاد نفس جديد في وزارة الثقافة هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى هناك استشارات حدثت قبل 14 جانفي كان يمكن الاستفادة منها لأنّ المثقفين هم الذين ساهموا في صياغة هذه الاستشارات لا شك أن هناك تحريفات ومغالطات ولكن هناك جوانب موضوعية كان من الأفضل الاستفادة منها فلابد من الاستمرارية في الجوانب الإيجابية والقطيعة غير ممكنة والشعب التونسي قدّم تضحيات حقيقية منذ 1956 بل حتّى قبل ذلك والمثقف التونسي قدّم مساهمات حقيقية في التراكم النضالي والثورة هي ثمرة كل هذه النضالات والدليل أنّ ما وقع في تونس مختلف تماما عمّا يحدث في ليبيا ومصر واليمن وسوريا وهذا يعود الى الأرضية الثقافية التي صاغتها أجيال وحرّي بنا أن لا نكون ناكري جميل وأنا ضدّ القطيعة الابستيمية التي يقدّمها البعض وكأن التاريخ يبدأ من 14 جانفي . من الظلم القول إن تاريخ تونس يبدأ يوم 14 جانفي هذه مغالطة للتاريخ فتاريخ تونس ضارب في العمق من أيام مسينيسيا وعليسة والكاهنة ومرورا بعقبة بن نافع وصولا الى الآن . لابد من استثمار التاريخ التونسي في انتاج خطاب جديد . كيف ترى الراهن المسرحي ؟ هو رجع صدى لما يحدث في الساحة الثقافية بشكل عام ولكن باعتبار أنّ هذه المسألة تعنينا بصفة مباشرة سواء أننا نباشر العمل المسرحي انتاجا أو إبداعا أو لتحمّلي مسؤولية الكتابة العامة لاتحاد الممثلين المحترفين الذي نعتبره اتحّاد المسرحيين التونسيين وهو ما نسعى الى إنجازه . هناك رضاء تام على أداء المؤسسات المسرحية بوجه عام وهذا ما تداوله رجال المسرح وخاصة الاستشارة حول قطاع المسرح فالمسرح الوطني مثلا كنّا نطالب بتغيير المدير والآن تغيّر المدير وتولّي المسؤولية أستاذنا وحيد السّعفي لكن أعتقد أن المسألة ليست مرتبطة بأشخاص ولكن بمنظومة وعقلية وتصوّرات ورؤية فإذا كانت المؤسسة ستقتصر على إنتاج عمل أو عملين وفق ما يحدّده مدير المؤسسة ولا تشغّل إلاّ ثلاثة ممثلين فقط إذا لم تتغيّر هذه المسائل بالمعنى الجذري في طبيعة المؤسسة من حيث هيكلتها وتنظيمها الإداري لابد أن يبعث مجلس استشاري تقريري حتّى لا يستحوذ المدير على كل الصلاحيات لابد أن يكون هناك من المهنيين وممثلي الهياكل المسرحية في هذا المجلس الاستشاري . أيضا المراكز الدرامية في الجهات فمنذ التسعينات تمّ حلّ الفرق الجهوية القارة على أساس تعويضها بمراكز فنون درامية لكن تبيّن أن المسألة كانت غير مدروسة بالقدر الكافي وهي اختيار شخصي لبعض المسؤولين في الوزارة انذاك وتمّ الاكتفاء بثلاثة مراكز فنون درامية دون أن يكون لها قانون أساسي الى حد الآن وهذا شيء غريب جدّا . يفترض أن تكون هناك مراكز فنون درامية في كل مراكز الولايات فهناك خرّيجو معهدي المسرح في تونس والكاف الى جانب المهنيين والممثلين المحترفين هذه المراكز يمكن أن توفّر مواطن شغل للشباب المسرحي ولبقايا الفرق القارة . أمّا بالنسبة للدّعم ففي تصوّري أنّه يجب أن تتغيّر صيغته بتعويض الدّعم المسبّق بالاقتناء بعد الإنجاز والعروض الجيّدة هي التي تحظى بأكبر عدد من العروض المقتناة فليس من المعقول أن تدعم ملفّات فنيّة لا نجد شيئا منها عند الإنجاز فهناك فوارق شاسعة بين العمل المقدّم والملف الذي تمّ دعمه وهذه الصيغة تفيد المسرحيين أكثر من الصيغ الأخرى وبهذا نربح على مستويين دعم الهيكل المنتج بأكبر عدد ممكن من العروض وهكذا تصبح الجودة مسألة حتمية وبهذا المعنى يمكن أن نتجاوز مسألة المتفرّغ وغير المتفرّغ فلا يعقل أن تنفق الدولة على التعليم العالي والتكوين في المسرح ثمّ تلقي بهم الى المزبلة؟ الذين تلقّوا تكوينا أكاديميا لهم الأولوية في العمل المسرحي هذا لا يعني أن الذين لم يدرسوا المسرح ليس لهم مكان في المشهد المسرحي بالعكس لهم مكانهم الطبيعي، عندما تختار احتراف هذه المهنة يجب أن تعرف أن لك منافسين وأنا كأستاذ مسرح ليس لي الحق في ممارسة المحاماة ولا الطب لماذا في الفن تصبح الأمور «رعوانية»؟ هناك طبعا وضعيات اجتماعية لابد من حلّها في اقرب وقت فلا يعقل أن يتقاضى ممثل محترف منذ الستينات مائتي دينار ؟ وهذا يقودنا الى فتح ملف الفرق القارة والطريقة التي أغلقت بها ولابد من محاسبة المسؤولين على تهميش وتجويع أعضاء الفرق المسرحية القارة ولابد أن تتحمّل الوزارة مسؤوليتها في التعويض لهم ودمج من هم دون الستين في المسرح الوطني ومراكز الفنون الدرامية بجرايات محترمة وليست مهينة فهؤلاء منحوا للمسرح عصارة شبابهم وهم ليسوا مسؤولين على اختيارات الدولة التي أحدثت الفرق الجهوية ثمّ ألغتها بلا تعويض أنا أعتبر أن ما حدث هو جريمة في حق الذاكرة المسرحية وفي حق مواطنين تونسيين ذنبهم الوحيد أنّهم أحبّوا المسرح وبعد سنوات طويلة اكتشفوا أنهمّ كانوا يعيشون وهما .فلابد من فتح هذا الملف بجدّية وعلى الوزير أن يتحمّل مسؤولياته في كشف كل ما حدث . في القيروان بدأنا العمل منذ التسعينات على بعث مركز فنون درامية في القيروان ولكن الى حدّ الآن لم نصل الى شيء حتىّ الوزير الحالي تحدّثنا معه ووعدنا وأبدى حماسا للمشروع ولكن كالعادة المستشارون المحيطون به يبدو أنّهم قدّموا له معطيات خاطئة فتوقّف المشروع . لابد من رؤية شاملة للمسرح في إطار وطني فالمسرح ليس مسؤولية الوزارة فقط بل مسؤولية وزارات التربية والشباب والسياحة والبلديات هل يعقل أن نجد فرقة مسرحية في مدينة ما لا تتلقّى دعما من البلدية ؟المكتبات العمومية أيضا مهمّة البلدية أيضا ومراكز الفنون الدرامية التي تحدّثت عنها ليست مسؤولية الوزارة فقط بل البلديات والمجالس الجهوية . المسألة المسرحية في تقاطع واضح مع الخيارات السياسية في تونس اليوم . كيف ترى حضور الفنّان والمثقّف بعد 14 جانفي؟ مثلما كان لنا كاتحاد ممثلين محترفين مأخذ على الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لأنّنا لم نكن ممثلين فيها وغيرها من الهياكل الثقافية وكنّا كتبنا الى السيد الوزير الاول والسيد رئيس الهيئة طالبنا فيها ان نمثّل كاتّحاد في هذه الهيئة ولكن لم نجد أي جواب، الآن شكلّوا هيئة عليا للإصلاح الإعلامي دون أن ندعى لها هل يعقل وجود هيئة عليا للإصلاح الإعلامي بدون فنّانين وبدون مسرحيين من يؤثّث المشهد الإعلامي ؟ليس الصحفيون فقط نحن أيضا طرف من خلال الانتاج الدرامي وتأثيثنا لمختلف البرامج الإخبارية والمنوعّات نحن طرف اساسي وشريك في المشهد الإعلامي بشكل عام . لست أدري متى سيفهم أهل القرار أنّ دور المثقفيّن ودور الفنّانين دور مركزي ومحوري في المشروع التحديثي الديمقراطي الذي تصبو إليه ثورة 14 جانفي فنحن مازلنا في الخطوات الأولى في سبيل الثورة وهناك من يتوهّم أن الثورة حصلت يوم 14 جانفي هذه مغالطة تاريخية لأنّ الثورة بدأت قبل 14 جانفي وهذا اليوم التاريخي هو حلقة من حلقات الفعل الثوري والشعب التونسي تنتظره محطّات ثورية حقيقية ومحطّات سياسية مهمّة مازلنا في المرحلة الأولى ولا يجب إيهام الشّعب بأن الثورة أنجزت . وطالما أن المثقّف والفنّان لم يضطلع بدوره ستبقى الثورة عرجاء لأنّها بدون فنّانين وبدون مثقفين علما وأنّه قبل 14 جانفي قمنا في اتحاد الممثلين المحترفين ونقابة المهن الدرامية بتحرّكات وأصدرنا بيانات مساندة لشعبنا في سيدي بوزيد والقصرين والحوض المنجمي وعبّرنا عن استنكارنا لكل الممارسات القمعية والأن عندما نتأمّل المشهد الإعلامي لا نجد أي حضور للمثقّف وللفنّان وكأنّ المسألة السياسية لا تعني الفنّانين ولا تعني المثقفّين . شركات الانتاج الخاصة ماهو الدّور الذي يمكن أن تلعبه في تنمية الانتاج التلفزي؟ الآن نعيش وضعا استثنائيا بالنسبة للانتاج الدرامي، التلفزة هذه السنة اضطلعت بدورها في الانتاج الدرامي وأنا أشارك في سلسلة من تأليف علي اللواتي وإخراج فرج تتحدّث عن تداعيات الثورة والمسألة المركزية في هذا الشأن هو من المسؤول عن إنتاج الأعمال الدرامية؟ يجب تشجيع شركات الانتاج بصيغة الاقتناء تكون هناك لجنة محايدة تنتقي الأعمال وبذلك نضمن استمرارية الانتاج الدرامي على مدار السنة من غير المعقول في سنة 2011 تكتفي تونس فقط بإنتاج أعمال درامية في شهر رمضان فقط كان يمكن أن نستثمر السبق الثوري التونسي للترويج الإعلامي ،نحن الذين دشّنا عصر الحريّات ولا يمكن أن تقتصر المسألة على الجانب السياسي فقط كان حري بنا في هذه السنة أن ننتج أعمالا مشتركة مع دول عربية أخرى خاصة مع شركات إنتاج خاصة كانت ستساند هذه المبادرة لكن كالعادة القائمون على الانتاج الدرامي دائما يعودون الى السلوك القديم ولم يحدث تغيير جذري في المؤسسة الإعلامية من أجل صياغة خطاب جديد وأذكر مثلا انني قدّمت عدّة مشاريع لأعمال مشتركة مع الاردن ولبنان لكنني لم أجد أذانا صاغية وحتى بعد 14 جانفي مازالت نفس السلوكيات متواصلة وكان حريّا بالمسؤولين مراجعة الملفات القديمة لانتاج أعمال جديدة تمكّن تونس من لعب دور ريادي في الانتاج الدرامي وربّما نكون المنتج الأوّل خاصة أننا في ظل توازنات جديدة هناك شبه إجماع على نجاح التجربة التونسية . السينما التونسية وما يسند من دعم لشركات الانتاج ملف يحتاج للكثير من المراجعة والتدقيق كيف تنظر الى هذه المسألة ؟ ربّما الأمر أيسر بالنسبة للادب والمسرح أما في السينما فالفساد بعينه لأننا على مدار 30 سنة المؤسسة السينمائية وتحديدا وزارة الثقافة كداعم أوّل للسينما لم تكرّس إلاّ بعض الأسماء لا غير هناك محاباة وهناك عدم فهم لطبيعة الدّعم على الانتاج السينمائي والدليل على ذلك انّه في كل دورات الدّعم أو المشاركة في مهرجان كانت تحدث لخبطة يتسبّب فيها بعض السينمائيين والإدارة ،الوزارة تنفق مبالغ طائلة لكن هذه الأموال لا توزّع بالشفافية المطلوبة هناك كما يقول المثل «ناس سنّة وناس فرض». السينما التونسية في معظم انتاجها لا تعبّر بالمرّة عن تطلّعات الشّعب التونسي وهي رجع صدى لرؤى ثقافية مرتبطة أساسا بدوائر غربية ونحن أحيانا نستحي من قول ذلك لكن تلك هي الحقيقة باستثناء حالات قليلة جدّا ومعزولة والسينما لا يمكن حلّ مشاكلها إلاّ بالرجوع الى التشريعات القانونية التي تمكّن من إيجاد آلية جديدة للدّعم على الانتاج ماذا يعنينا كشعب دعم شريط سينمائي يعرض مرّة في تونس العاصمة وعشر مرّات في أوروبا ؟ هذا ليس مطلبا جماهيريا والسينما إن لم تتحوّل الى مطلب جماهيري لا معنى لها لأنّها ركن من أركان الثقافة ويحتاجها الشّعب في كل محطّاته التاريخية وأنا أتساءل أين كانت السينما التونسية في علاقة بالأحداث الأخيرة في تونس؟ دائما نفس المخرجين ونفس الأسماء ونفس المواضيع ،هناك شبّان يحاولون هذا صحيح لكن هذا مازال محدودا ويفترض الآن أن نكون رياديين على مستوى الانتاج السينمائي من خلال ما طرحته الثورة من تحوّلات وبما أنّنا تخلّصنا من المصاريف الدعائية للنظام السّابق كان يفترض أن تنفق هذه الأموال للمبدعين والمثقفين لينتجوا أعمالهم وأفكارهم وهذا لم نلمسه الى الآن بعد خمسة أشهر من الثورة مازلنا في مرحلة الإصلاحات ونحن نحتاج الى جرأة كبيرة لقول الحقيقة . قاعات السينما أغلقت والأفلام غائبة عن المهرجانات التونسية وغير ذلك ممّا يحتاج الى المراجعة وتبقى المعضلة الكبيرة في لجنة الدّعم . هل يعقل أن يكون اتحاد الممثلين المحترفين غير ممثّل في لجنة الدّعم السينمائي ؟وهناك سينمائيون تحصّلوا على مبالغ خيالية ولم ينتجوا أفلامهم أو أنتجوا أعمالا ضحلة لا تستجيب للمعطيات المالية الأولى هؤلاء لماذا لا يحاسبون ؟ لابد من جرد علني في إطار الشفافية على كل الذين تحصّلوا على الدّعم في الورق والكتاب والموسيقى والمسرح والسينما والفنون التشكيلية حتّى يعرف الشّعب التونسي ونخبه أين ذهبت أموال الدّعم في كل القطاعات حتّى لا نظلم أحدا . كنت تنوي الاستقرار في العاصمة والالتحاق بالمعهد العالي للفن المسرحي لماذا تعطّل مشروعك؟ أنا منذ ثلاث سنوات طلبت الالتحاق بالمعهد العالي للفن المسرحي ولكن مطلبي يرفض دائما ويبدو أنّ البعض لا يريدني أن ألتحق بالمعهد لأسباب أجهلها ويبدو أن وراءها موقفا ايديولوجيا لأنّ لي ماضي نقابي في المعهد عندما كنت طالبا وهذا أعتقد أنه شيء غير مبرّر وغير نزيه وسأشرح المسألة الى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وأرجو أن ينصفني . المعهد العالي للفن المسرحي مؤسسة علمية وثقافية ومن حقي أن أدرّس فيه .