طفت من جديد مشاكل خلافية بين القضاة والمحامين، بعد أن جاب بعض المحامين أروقة المحكمة تنديدا بموقف القضاة من مشروع القانون الذي سينظم مهنة الدفاع ويعطي حصانة للمحامي الذي طالما عانى من «قمع» الفصل 46 من القانون القديم. هذا الفصل الذي دشّن به الأستاذ جمال الدين بيدة حقبة بن علي، وكانت أول محاكمة لمحام تثير موضوع الحصانة ومازال المحامون والمتابعون للشأن العدلي يتذكرون جيّدا محاكمة الأستاذ فوزي بن مراد في محكمة قرمبالية ضمن نفس الفصل. من جهتهم يخشى القضاة أن يصبحوا عاجزين عن تتبع كل من يعتدي عليهم بمن في ذلك المحامي، إذ يمكن أن يحدث الخلاف داخل قاعة الجلسة بين «جناحي» العدالة ويرى القضاة أن كلمة حصانة للمحامي يجب أن تكون موضوع نقاش بين كل مكوّنات هذا المرفق في اتجاه الدفاع من أجل استقلالية القضاء وأيضا استقلالية الدفاع. إلاّ أن احتدام «الصراع» مؤخرا بين المحامين والقضاة، خلّف اشكالا حقيقيا خرق تمثل المتقاضي عن مكوّنات مرفق العدالة، من المخطئ ومن المصيب. في الحقيقة وبعيدا عن منطق الصواب والخطإ كان على الهيئة الوطنية للمحامين حسب رأيي الشخصي أن تنتظر بعض الوقت حتى نكون أمام حكومة لها شرعية الانتخاب، وليس التلبس بمنطق الغنم التاريخي، وافتكاك مكاسب هي شرعية وموضوع مراكمة نضالية من حكومة مؤقتة تعاني من الكثير من الارتباك كما يمكن اعتبار الحكومة بشكل أو بآخر طرفا في القضية. أليس وزير العدل المؤقت الأستاذ لزهر القروي الشابي هو من ساهم بشكل كبير في صياغة هذا القانون؟ ومع ذلك من جهة ثانية فإن المحامين ناضلوا طويلا على مدى عقود تصدّوا خلالها للدكتاتورية وقدّموا مساجين في الوقت الذي كان من يناضل من السادة القضاة يعدّ على أصابع اليدين. ألم يكن الحضور كبيرا في مؤتمر 2005 عندما قاد وزير العدل الأسبق البشير التكاري وبعض القضاة انقلابا على جمعية القضاة التونسيين. وفي كل الحالات، فإن الدفع في اتجاه الفرقة وتصدّع لوحة الفسيفساء العدلية لن يخدم إلاّ من يسعى الى اجهاض الثورة، إذ من المعتقد أن العدو المشترك للقضاة والمحامين هو الظلم والفساد وهدفهم اقامة العدل وارجاع الحقوق إلى أصحابها، إذ أن خلق المعارك الهامشية وغير المؤسسة في التاريخ لا تعكس إلاّ إرادة في الشد الى الوراء واجهاض مشروع التقدم الثوري الى الأمام من أجل عدالة العدالة.