أكثر من ساعتين من الشرح والتفصيل والنقاش استغرقتهما الجلسة العامة الخارقة للعادة للجنة الاولمبية التونسية بحضور ممثلي الجامعات الرياضية وعلى امتداد هذه المدة الزمنية لم يخض أي من المتدخلين في شرعية الجامعات التي جاءت مكاتبها في أغلبها عبر سياسة التنصيب والولاءات. متابعة ياسين بن سعد الجلسة التي التأمت مساء أول أمس الجمعة تأخرت قرابة الساعة الى ان اكتمل النصاب القانوني وحضر ثلثا المنضوين (26 جامعة) وقد افتتحها محمود الهمامي أمين المال بتوطئة عامة حول التنقيحات المقترحة في بعض فصول القانون الأساسي ثم أخذ يونس الشتالي رئيس اللجنة الأولمبية الكلمة ليطلب من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء تونس ومن بينهم شهداء الجيش الوطني الذين سقطوا في معركة الروحية. الشتالي أشار الى ان التعديلات المقترحة صاغتها لجنة برئاسة محمد حسني وأخذت في اعتبارها متطلبات المرحلة الحالية. بعد ذلك استعاد الهمامي الكلمة ليقدم عرضا كاملا حول التنقيحات الجديدة والتي تهم بعض المسائل الأساسية من أبرزها الشغور في منصب رئيس اللجنة واحداث أكاديمية أولمبية وشروط الترشح لعضوية اللجنة. وقد فتح بعد ذلك باب النقاش وكانت الملاحظات التي اسمع اليها الحضور ومتنوعة وثرية ومست شكل وجوهر التعديلات والفصول الجديدة. قانون داخل القانون أشار ممثل جامعة الجيدو في بداية النقاش الى تعدد الفصول الواردة في الباب الخاص بالأكاديمية الأولمبية وهو ما يجعلها أشبه بقانون أساسي داخل القانون المنظم لعمل اللجنة الأولمبية وأكد ايضا انه من غير المعقول الجمع بين شرطي المستوى العلمي والتجربة في الهياكل للترشح الى هيئة اللجنة الاولمبية كما اعتبر انه من غير المنطقي تكليف مجلس التحكيم بالفصل في الخلافات حول الترشحات لأن ذلك يسقط إمكانية الطعن والمفروض ان يكون المجلس الدرجة الاخيرة للفصل في هذا النزاع. تداخل في المهام سامي بوصرصار تحدث باسم جامعة رفع الاثقال متسائلا عن الجدوى من احداث الاكاديمية التي تتشابه في أهدافها مع أهداف اللجنة الأولمبية، مضيفا «كأننا نفوّض مهام اعضاء منتخبين الى هيئة تضم اعضاء غير منتخبين». لحوار والشهادة كالعادة ممثل جامعة كرة القدم الهادي الحوار أخذ بعد ذلك الكلمة ليشير الى أنه من المفروض ان تنسج الجامعات على منوال اللجنة الأولمبية عبر اقرار مبدإ التصويت على الاشخاص وليس على القائمات وكالعادة طرح موضوع المستوى العلمي وسأل الحاضرين «أنا ما عنديش Maitrise... نموت؟» الحوار واصل الحديث قائلا: «نحن نتحدث عن الثورة والديمقراطية.. فلننجز اذن شيئا جديدا... لابد من ان تراعي اللجنة الاولمبية ظروف الشخصيات الرياضية ولا تقصي الكفاءات التي لا تملك شهادات جامعية. غير معترف بها من ناحيته طرح جلال زياني موضوع الأقدمية في التسيير في علاقة بالفصل 48 واعتبر ان شروط ال8 سنوات مجحف، أما جمال الحاجي الذي تحدث باسم جامعة كمال الاجسام فاحتج على اقصاء الجامعات غير المعترف بها من قبل اللجنة الاولمبية من اتخاذ القرار وحصر دورها في ابداء الملاحظات. تبويب الاستاذ صابر بوعطي أخذ الكلمة اثر ذلك نيابة عن جامعة الملاكمة وانتقد الباب الخاص بالاكاديمية في الشكل والاصل معتبرا انه كان من الفروض عدم وروده تبويبا قبل فصول أساسية تهم تنظيم اللجنة الأولمبية ودعا الى الاكتفاء بذكر المبادئ العامة لهذه الهيئة الجديدة كما ناقش الاستاذ ايضا شرط الترشح داعيا الى تجاوز اللبس في الفصل 48 واقرار استثناء لمن لا يتوفر لديهم المستوى العلمي. التصويت على الأهم تحدث رئيس جامعة السباحة علي عباس من جهته عن الفصل 63 المتعلق بموضوع الشغور واعادة توزيع المسؤوليات عبر الانتخاب وطالب بالاكتفاء بالتصويت على هذا الفصل لاعطاء الشرعية للجنة الاولمبية والتعمق لاحقا في الفصول الاخرى الجديدة والمعدلة، أما رئيسة جامعة الرقص اسمهان الشعري فأشارت الى غياب المرأة في القانون الأساسي وأثارت موضوع رئيسة جامعة الشطرنج وما واجهته من مشاكل وصعوبات وقالت في هذا السياق: «لقد هربت ساقيها أعلى من رأسها» ولم تتحرك اللجنة لمساندتها. الشتالي والتهميش تعرضت اللجنة الاولمبية الى انتقادات لاذعة نظرا لعدم وقوفها الى جانب الجامعات بعد 14 جانفي وقد تدخل يونس الشتالي للرد والقول بأنه هو نفسه تعرض الى التهميش لمدة 15 سنة! الشتالي أضاف: «كنت أرى اعضاء اللجنة سابقا يصولون ويجولون في المحافل الاولمبية بينما لم يكونوا فاعلين ناهيك وأنهم لا يجتمعون مطلقا... على امتداد 15 سنة لم يلتفت إلى أحد». وأكد الشتالي انه تحدث الى وزير الرياضة في اكثر من مناسبة حول سبل دعم الجامعات والنشاط الرياضي لكن الوزارة مشغولة حاليا بأولويات أخرى في صدارتها التشغيل. ثورة... ثورة كان تدخل السيد علي البنزرتي اثر ذلك ملفتا للانتباه فالرجل بدا ثوريا الى حد بعيد بل كأنه دعا الى ثورة تراجع جذريا العلاقة مع سلطة الاشراف فقد قال: «نحن نطالب بلجنة جديدة وليس بلجنة متاع 50 او 20 سنة ..» البنزرتي سأل اعضاء اللجنة الأولمبية.. هل بإمكانكم الآن تحمل مسؤولياتكم تجاه وزارة الرياضة.. لابد من القيام بثورة في المجال الرياضي!! سطو على الجامعة واللجنة اتهم الاستاذ محرز بوصيان رئيس جامعة التنس المدير العام للرياضة عبد المجيد السنوسي بالسطو على الجامعات الرياضية واللجنة الأولمبية التونسية. وأضاف : «نحن نشعر الآن وكأننا نعيش 13 جانفي ولا يوجد واقع جديد في البلاد». «الشروق» رصدت في الكواليس تلويح بوصيان بالطعن بالتدليس في عريضة سحب الثقة من مكتب جامعته ورفع شكوى الى القضاء. الركوب على الثورة تعددت التعاليق في الجلسة العامة حول ما قيل وخصوصا حول «ثورية» بعض التدخلات وقد همس البعض طارحا سؤالا جوهريا: اذا كانت اللجنة الأولمبية قد بحثت عبر التنقيحات المقترحة تكريس شرعيتها وتعزيز البعد الديمقراطي فكيف لم يتحدث اي أحد من رؤساء الجامعات الحاضرين عن ضرورة استقالة كل المكاتب الجامعية واجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة تعطي للجميع الشرعية المفقودة.. أليست المكاتب الحالية منصبة من قبل السلطة السابقة.. إذا كان البلد ذاهبا الى انتخابات تشريعية فكيف لا يذهب هؤلاء ايضا الى عملية اقتراع؟! وجه رياضي معروف تساءل ايضا في كواليس الجلسة العامة، كيف لشخص دفع 6 مليارات لتمويل القرية الانتخابية للرئيس السابق وليس لتنمية الاقتصاد الوطني بالتواجد والنشاط وكأن شيئا لم يكن؟ التصويت بعد أخذ ورد استقر الرأي في الجلسة العامة على حصر التصويت حول 3 فصول رئيسية وقد كانت البداية بالفصل 63 الذي يهم الشغور (34 لفائدته و4 ضده) والفصل 48 الذي يخص شروط الترشح للجنة الاولمبية (بالاجماع) وحظي الفصل 8 المتعلق بالاكاديمية بإجماع الحاضرين أيضا علما بأنه سيتم التصويت على التعديلات الاخرى لاحقا وهذه فكرة عن الفصول الجديدة. الفصل 63 : في صورة شغور خطة رئيس اللجنة الوطنية الاولمبية تقوم الهيئة المديرة بإعادة انتخاب رئيس جديد طبقا لما هو منصوص عليه بالفصلين 61 و62 ويقع الاتفاق على اعادة توزيع المسؤوليات بين كافة الاعضاء بصفة ديمقراطية وشفافة وذلك بدعوتهم للتعبير عن ارادتهم وممارسة حق الاختيار بين المترشحين لكل خطة بصفة سرية. الفصل 48 : تم النزول بشرط التسيير في جمعية او هيكل رياضي من 8 الى 4 سنوات وتم الاكتفاء بعبارة او شارك في الالعاب الاولمبية وحذف ما يليها (وتحصل على مرتبة لا تتعدى العشرة الاوائل في اختصاصه). الجلسة التقييمية مباشرة اثر الجلسة العامة انعقدت الجلسة التقييمية وتم عرض التقريرين الادبي المالي وبعد النقاش تمت المصادقة عليهما. الخلاصة مازالت الرياضة التونسية غارقة للأسف في العقلية القديمة التي تقوم على التمسك بالمناصب واحتكار الظهور ومازالت ثقافة نكران الذات الحلقة المفقودة بل إن الخطير هو أننا وقفنا على بداية شرخ عميق في علاقة اللجنة الاولمبية ووزارة الرياضة.. هذا ما فهمناه من بعض المواقف التي لم تستوعب استقلالية اللجنة الاولمبية عن السلطة العمومية. الرياضة تبدو في حاجة ايضا الى ثورة حقيقية ولا ندري هل ستكون فعلا على طريقة السيد علي البنزرتي؟!!!