مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناطق باسم الوطنيين الديمقراطيين ل «الشروق»: المشكل ليس في موعد الانتخابات بل في القيادة السياسية للبلاد
نشر في الشروق يوم 29 - 05 - 2011

السيّد جمال الأزهر هو أستاذ تعليم ثانوي عُرف نقابيا في نقابة التعليم الثانوي فمناضلا يساريا وهو الناطق الرسمي باسم الوطنيين الديمقراطيين(الوطد) تنظيم سياسي الذي يعتبر أن تونس لم تحرز بعد على استقلالها الاقتصادي والسياسي وبالتالي فهي من الناحية السياسية مستعمرة بشكل غير مباشر من قبل القوى الامبريالية الفرنسية والأمريكية بالخصوص، ويعتبر هذا الفصيل اليساري أنّ الاستعمار لم يعد بواسطة الجيوش بل عن طريق ما يسمى بالاستثمار المالي والاقتصادي، ويعتبر التيار الوطني الديمقراطي من التيارات السياسية القليلة المنقسمة على ذاتها، اذ يضمّ اضافة الى الوطد، حركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمل الوطني الديمقراطي ... فرغم الوحدة الايديوليجية أحيانا فإنّ الاختلاف بين مكوّنات ما يعرف بالعائلة الوطنيّة ظلّ قائما، فلماذا اذن هذه الاختلافات؟ هل هو نتاج صراعات شخصية أمّ أنّ مسافات فكرية تفصلهم عن بعضهم بعضا؟ ما هو رأيهم في تأجيل موعد الانتخابات وماهو موقفهم من الحكومة؟ ماهي علاقتهم باتحاد الشغل؟ كيف تتعاملون مع الاسلاميين ؟ كلّ هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على السيّد جمال لزهر فكان الحوار التالي:
ما هو موقفكم من تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي من جويلية الى أكتوبر؟
المشكل ليس في موعد 24 جويلية أو 16 أكتوبر بقدر ما هي في القيادة السياسية للبلاد التي لا تخدم الشعب، والتي ستؤثر بالسلب بوسائل مختلفة على نتائج الانتخابات المجلس التأسيسي هو مطلب شعبي وقع الإقرار به من قبل الحكومة الحالية تحت ضغط حركة المد الثوري الجماهيري الذي عاشته البلاد منذ 17 ديسمبر الماضي. ولكن الإقرار به لا يكفي لكي يكون مجلسا ممثلا فعلا للشعب. فالشروط المادية لقيام ديمقراطية شعبية حقيقية لم تتوفر بعد في تونس لأن الشعب لم يصل بعد إلى السلطة السياسية. فالحكومة الحالية هي حكومة الطبقات الرجعية المالكة لوسائل الإنتاج والثروة الاجتماعية ومردود العمل، وهي أقرت بالمجلس التأسيسي ليس خدمة للشعب بل من أجل جعل هذا المجلس في خدمة الطبقات الرجعية التي تمثلها وهي ستلتجئ إلى مختلف المناورات والمؤامرات وستغدق الأموال الطائلة من أجل شراء الأصوات والذمم لتضمن وصول ممثلي الطبقات الغنية المرتبطة بالخارج إلى كراسي المجلس التأسيسي المرتقب. ومن المعلومات التي تؤكد ذلك ما أشار إليه وزير الداخلية الأسبق في تصريحه الأخير حول الحافلات والأموال المخصصة للغرض. فالدولة الحالية هي إذن دولة الطبقات الرجعية وهي ستعمل على تكوين مجلس تأسيسي يضم ممثلي الطبقات الرجعية ويخدم مصالحها ومصالح الدول الامبريالية ومؤسساتها الاحتكارية. ففي ظل النظام الرجعي القائم لا يصح الحديث عن انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة مثلما تطبل لذلك وسائل الدعاية الرسمية والقوى الانتهازية السائرة في ركابها. ولذلك لا يمكن اعتبار انتخابات 24 جويلة أو 16 أكتوبر لمهمة رئيسية يجب التركيز عليها في الفترة القادمة، أو المهمة التي يتوقف على انجازها مصير تونس لمئات السنين، فوجهة النظر هذه تدافع عنها القوى اليمينية الليبرالية والظلامية وكذلك القوى الإصلاحية بمختلف تلويناتها وهي تندرج ضمن التوجه الهادف إلى التخلي عن الشرعية الثورية لفائدة ما يسمى بالشرعية البرلمانية والتداول السلمي على السلطة والتنافس الديمقراطي في ظل النظام الرجعي القائم وهو وهم تزرعه تلك القوى لتمييع الوعي السياسي الثوري للجماهير وتخريب حركة الصراع الطبقي والنضال الوطني. إن المهمة الرئيسية التي يجب التركيز عليها في حقل الدعاية والتحريض هي مواصلة النضال الثوري من أجل تحرير تونس من الاستعمار والرجعية المحلية، أي انجاز المسألة الوطنية، إنها الشرط الضروري لأي تحويل ديمقراطي شعبي جذري للمجتمع، وان التخلي عن هذا الهدف يعني بالضرورة الدفاع عن السياسة الإصلاحية، والإصلاحية هي تمرير لسياسة البرجوازية والامبريالية في صفوف العمال والشعب عموما، هي تأبيد لعبودية الجماهير لأعدائها الطبقيين والامبرياليين. إن انتخابات المجلس التأسيسي ليست سوى محطة من المحطات التي تعيشها البلاد يجب على القوى الثورية والتقدمية إعطاءها حجمها دون تضخيم أو تقزيم، كما يجب التعامل معها في اتجاه المقاطعة أو المشاركة حسب موازين القوى في حركة الصراع الطبقي والنضال الوطني وحسب خصوصية الظروف والشروط الموضوعية والذاتية التي ستقع فيها. أما اعتبارها المحطة الرئيسية التي يجب أن تنصب فيها كل الجهود وتحديد موقف المشاركة فيها أو التأجيل بشكل مطلق أي دون قيد أو شرط وتحويل وجهة الصراع من النضال ضد الحكومة والهيئة العليا المنصبة والقوى الظلامية والاستعمار في شكله الجديد إلى صراع من أجل المواقع داخل المجلس التأسيسي أو آجال الانتخابات وحيازة الحقائب الوزارية والبرلمان ورئاسة الدولة في مرحلة لاحقة ومن أجل تحسين الدستور والقوانين المتعلقة بالحريات فهذه سياسة تعتبر بشكل واع أو عفوي أن المسألة الوطنية قد أنجزت وأن المرحلة التي نمر بها اليوم في تونس هي المرحلة الديمقراطية وبالتالي لابد من الانتقال من الشرعية الثورية إلى العمل داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية وهي سياسة تضلل الجماهير وتجرها إلى طريق مسدود. ولذلك لابد من خوض النضال دون هوادة ضد هذا التوجه الذي يعادي جوهريا مصلحة العمال وعموم الشعب.
في رأيكم من يحكم تونس؟
إن اتفاقية 20 مارس 1956 السيئة الذكر لم تجسد أبدا استقلال تونس، إنها غيرت فحسب شكل التواجد الاستعماري الفرنسي لتونس من استعمار مباشر إلى استعمار غير مباشر. فتحت ضربات المقاومة الوطنية في تونس والجزائر والمغرب والفييتنام وفي غيرها من المستعمرات الفرنسية اضطرت الامبريالية الفرنسية إلى سحب جيوشها من تونس بعد أن نصبت نظاما مرتبطا عضويا بها بقيادة بورقيبة الذي قام وزمرته وبدعم فرنسي بدور هام في تخريب الحركة الوطنية ، وقام بن علي من بعده بالدور نفسه. وبذلك تمكن الاستعمار الفرنسي من المحافظة على تواجده وبالتالي على مصالحه داخل القطر. إن من يحكم تونس اليوم هي المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية النهابة ومن ورائها الدول الامبريالية وفي مقدمتها دولتي فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية . فالحكم لا يتم اليوم بواسطة العسكر بل بالسيطرة المالية والاقتصادية وعن طريق السفارات. فعدد المؤسسات الأجنبية الأوروبية والأمريكية في تونس هام جدا، إنها تسيطر على السوق التونسية على حساب المؤسسات المحلية الصغرى والمتوسطة منها بالخصوص التي تعاني من الاحتكار القاتل وتسير يوما بعد آخر نحو الإفلاس والاندثار. كما أن الزيارات التي قام بها خلال الانتفاضة كل من فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليبرمان وهيلاري كلينتون ووفود الاتحاد الأوروبي والآن جوبي وزير الخارجية الفرنسي وغيرهم من الاستعماريين لتونس من أجل تشكيل الحكومات المنصبة المتتالية ودعمها هو دليل آخر على أن صناع القرار السياسي المتحكم في مصير شعبنا لا يوجدون في تونس بل في فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية. فتونس إذن هي بلد خاضع كليا من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية للدوائر الاحتكارية الامبريالية العالمية.
ما هو تقييمكم لأداء الحكومة المؤقتة الى حد الآن؟
ماذا يمكن أن ننتظر من حكومة منصبة مرتبطة عضويا بالخارج؟ لا شيء سوى القمع و الإيقافات والمحاكمات بتهم ملفقة. ذلك ما فعلته وما تزال منذ تنصيبها في سدة الحكم وبالخصوص أيام 5 و 6 و 7 و 8 و 9 ماي 2011 مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا والشهداء على غرار المناضل محمود التومي في مدينة سليمان. فهل يمكن أن تكون الحكومة الحالية تخدم مصلحة الشعب وهي ترفض وعاجزة في الوقت نفسه كليا عن حل مشاكله، وهي تقمعه بأساليب لاتقل بطشا من تلك التي يستعملها العميل بن علي، وهي تراهن على الخارج من خلال اللهث وراء تسديد ما يسمى بديون تونس وفتح الأبواب على مصراعيها أمام ما يسمى بالاستثمار الأجنبي( في الواقع النهب الأجنبي). كيف يمكن لحكومة كهذه أن تكون في خدمة الشعب وهي لا تفي بتعهداتها. لقد أقرت بحل البوليس السياسي و»التجمع الدستوري الديمقراطي» وبحرية الصحافة والإعلام وباستقلالية القضاء ولكن الواقع أكد وما يزال السياسة الديماغوجية لهذه الحكومة المعادية لمصالح الشعب. فالبوليس السياسي ينشط بأكثر كثافة وبطرق أرقى من السابق ولا غرابة في ذلك باعتبار أن هذا الجهاز القمعي هو احد أدواة المحافظة على وجود هذه الحكومة والنظام القائم برمته، والتجمع مكنته الحكومة من التفريخ ليظهر من جديد في شكل عدد من الأحزاب الجديدة تحصلت على تأشيرة النشاط القانوني،بل لقد دافعت الحكومة على التجمعيين من خلال رفضها للفصل 15 من القانون الانتخابي، والإعلام المرئي والمكتوب لا يزال عموما خاضعا لسيطرة الحكومة وموظفا لخدمة مواقفها وسياساتها، والقضاء لا يزال فاقدا لمصداقيته واستقلاله كما عاهدناه سابقا وحتى هامش الحريات الذي فرضته الجماهير الشعبية سرعان ما أصبح عرضة للانتهاكات يوما بعد آخر. وبدون العودة إلى ما صرح به وزير الداخلية السابق حول المؤامرات التي تحوكها أطراف متعددة ضد الشعب وانتفاضته الباسلة وما ذلك سوى جزء بسيط مما ينتظر الجماهير الشعبية فإننا نشير إلى أن هذه الحكومة مهما رفعت من شعارات براقة باسم الشعب فهي حكومة البرجوازية الكمبرادورية وكبار الملاكين العقاريين والمؤسسات الاحتكارية العالمية ومن هذا المنطلق فهي لن تخدم العمال ولا الشعب عموما وستعمل بكل الوسائل على إفراز قيادات سياسية بعد رحيلها ( هذا إن رحلت) تسير على نفس التوجهات والخيارات والمواقف. فما الذي تغير في تونس منذ توليها السلطة؟ إن البطالة متفشية أكثر مما عهدناها، والأسعار ترتفع يوما بعد آخر متسببة في مزيد تردي أوضاع الجماهير الاقتصادية والاجتماعية، والمجرمين الحقيقيين واللصوص لا يزالون طليقي الأيدي يخربون البلد وأجهزة القمع مكشرة عن أنيابها تهاجم النضالات الشعبية عملا بمقولة فرض هيبة الدولة. دولة من ؟ إنها دولة الأعراف، وفرض هيبة دولة الأعراف يعني فرض على الشعب القبول بالفقر والبطالة والبؤس والشقاء والعذاب والكبت والحرمان بواسطة مختلف أشكال القمع، يعني غلق الباب أمام أي شكل من أشكال الاحتجاج والتعبير الرافض لواقع العبودية هذا. ولذلك فان هذه الحكومة هي بصدد العودة بتونس إلى ما قبل 17 ديسمبر 2010 تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبية العارمة.
لماذا رفضتم الانضمام إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي؟
إن هذه الهيئة هي أداة الحكومة الحالية لتشريع وجودها وتزكية سياساتها ومواقفها وهي متكونة في جزء هام منها من أطراف لا علاقة لها بالشعب وبانتفاضته الباسلة( نذكر منهم التجمعيين والبوليس السياسي ودعاة التطبيع مع الكيان الصهيوني... وغيرهم). إن تشكيل هذه الهيئة من قبل الحكومة الحالية جاء ليجهض تجربة المجلس الوطني لحماية الثورة الذي أصدر بيانا في اجتماعه المنعقد يوم 28 فيفري 2011 قطع فيه مع حكومة المبزع /السبسي المنصبة باعتبارها تشكل امتدادا للسابق ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة تكون في خدمة الشعب، كما شدد المجلس الوطني لحماية الثورة في أرضيته على صبغتة التقريرية في إطار انجاز مهامه وعلى دوره في مراقبة الحكومة التي تتشكل على أساس اتفاق بين كل القوى المنحازة للشعب قولا وفعلا. إن هذا التوجه المنحاز للشعب الذي أراده المجلس لنفسه حتى يساهم في تحقيق أهداف الانتفاضة ومطالب الشعب الملحة شكل ولا يزال هيئة مناضلة ضد حكومة الغنوشي الموالية لبن علي والحكومة الحالية المنصبة مما جعلها تلتف عليه بتواطؤ في البداية من بعض الأطراف الرجعية والظلامية منها داخله في محاولة يائسة للقضاء عليه. إن المجلس الوطني لحماية الثورة الذي افلح في تطهير صفوفه من الانتهازيين بمختلف تلويناتهم يواصل نضاله بحزم ضد الحكومة الحالية اللاوطنية واللاشعبية واللاديمقراطية، وضد هيئة المبزع /السبسي العليا، هيئة الالتفاف على الانتفاضة وضد كل القوى الرجعية السائرة في ركابهم ليبرالية كانت أو ظلامية هدفه في ذلك التقدم بشعبنا وفي مقدمته الطبقة العاملة نحو تحقيق أهدافه في التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي.
هناك جمود غير معلن لنشاط جبهة 14 جانفي وأنتم طرف فيها، هل بدأت خلافاتكم قبل أن تنطلق التجربة؟
جبهة 14 جانفي تنظيم سياسي تقدمي يضم الفصائل اليسارية والقومية تشكل في خضم المسار الثوري الشعبي الذي اندلع منذ 17 ديسمبر 2011. والجبهة تعمل بانتظام من اجل تنظيم صفوفها ما أمكن وتوسيع دائرة إشعاعها وتأثيرها في صفوف القوى الديمقراطية والجماهير الشعبية عموما ومن أجل أن تبقى وفية لخط الانتفاضة ودم شهدائها ومنحازة للشعب. إن كل ذلك يتطلب كما هو الحال بالنسبة إلى كل عمل جبهوي تعميق النقاش حول القضايا المطروحة التي أفرزتها حركة الصراع الطبقي والنضال الوطني ومحاصرة بعض الإشكاليات التي قد تحدث من أجل فضها حفاظا على تماسك الجبهة ووحدتها أمام القوى الرجعية المتكالبة عليها. وقد أفلحت الجبهة إلى حد الآن بالرغم من وجود بعض الاختلافات في بعض المواقف والتكتيكات كالموقف مما يسمى بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة على وحدتها وهي ساعية لتطوير برامج عملها ومزيد تفعيل مواقفها النضالية الميدانية و تجذير تجربتها عموما. وإذا لم تتقدم الجبهة في انجاز المهام المناطة بعهدتها فسيكون هناك بالضرورة فرز للقوى على غرار ما تم في المجلس الوطني لحماية الثورة.
كيف تتعاملون مع الإسلاميين؟
نحن لا نتعامل مع القوى التي تستعمل الدين مطية للوصول إلى غايات سياسية معادية للشعب والثورة والحرية الديمقراطية والتقدم والحداثة. فنحن نفرق بين حرية المعتقد التي تبقى مسألة شخصية يجب احترامها والدفاع عنها وبين التوظيف السياسي للدين باعتباره سياسة انتهازية ديماغوجية مضللة للشعب. إننا نعتبر هذه القوى والحركات أطرافا رجعية تستغل الدين والشعور الديني السائد لدى عامة الناس وتوظف أماكن العبادة وتكيف نفسها ومطالبها حسب الظروف وموازين القوى في الحركة الجماهيرية محليا وعالميا من اجل الوصول إلى السلطة السياسية وفرض بديلها القروسطي المرتبط بالامبريالية والطبقات الرجعية وبالخصوص منها كبار الملاكين العقاريين. فانخراط هذه القوى في الصراع الدائر رحاه اليوم في تونس لا يهدف إلى تركيز نظام اجتماعي وطني يخدم الشعب ويطور المجتمع في اتجاه الجديد والأرقى والأفضل بل من أجل الوصول إلى السلطة السياسية ومن ثم العودة بالمجتمع إلى العصور المظلمة والمحافظة على أنظمة الاستغلال والتخلف والانحطاط.
هناك اتهامات عديدة لقيادة اتحاد الشغل، كيف تفاعلتم مع تلك الاتهامات؟
الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة نقابية جماهيرية تأسست في خضم النضال ضد الاستعمار الفرنسي ولذلك قامت ولا تزال بدور هام في النضال الوطني والاجتماعي ومن هذا المنطلق فان للعمل النقابي شاء البعض أو لم يشاؤوا بعدا سياسيا يمكن أن يكون ثوريا أو رجعيا حسب نوعية القيادة والمحتوى الذي تطرحه والقوانين المسيرة للمنظمة والدور الذي تقوم به الطبقة العاملة داخلها. و لقد خاض الاتحاد عبر تاريخه العريق نضالات ومعارك هامة ضد السلطة من أجل فرض استقلاليته والدفاع عن القضايا الوطنية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتحرير العراق وكل الأراضي العربية المحتلة وعلى مطالب العمال وساهم بالعديد من الإضرابات والتحركات في إسقاط بن علي وزمرته. إلا أن الاتحاد يشقه موضوعيا تناقض بين خطين متضادين: خط مناضل منحاز للعمال والشعب عموما وخط بيروقراطي لم يراهن على القواعد العمالية بل على السلطة مساهما في تمرير خياراتها ومن ورائها خيارات العولمة الامبريالية الناهبة. ونحن هنا لا نريد توجيه التهم لأحد أوالتجني على أي كان فهذا ليس من مبادئنا، ولكننا نشير إلى جملة من الحقائق التي لا يمكن أن ينكرها أحد من داخل الاتحاد ومن خارجه. فقيادة الاتحاد زكت ترشح بن علي في العديد من الدورات الانتخابية وانحازت في مرحلة أولى إلى حكومة الغنوشي المنصبة التي أسقطها الشعب، ثم إلى حكومة السبسي بعد أن اعتبرتها غير شرعية ودعت رسميا (بيان المجلس الوطني بتاريخ 28 فيفري 2011) إلى حلها والى اختيار وزير أول جديد بالتوافق والى تشكيل حكومة تتكون من أشخاص غير مورطين في السابق و لا يحق لهم الترشح للمجلس التأسيسي ، كما انخرطت فيما يسمى بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي أسست لضرب المجلس الوطني لحماية الثورة الذي كان الاتحاد أحد مؤسسيه. لقد أضر هذا الموقف بالانتفاضة وسهل مهمة الالتفاف عليها من قبل الحكومة وزبانيتها. أما فيما يخص الملفات الأساسية المحددة لمصير العمال كمجلة الشغل والتامين على المرض والبطالة والسياسة التعليمية والمفاوضات الاجتماعية والتفويت في القطاع العام وغلق المؤسسات والحريات العامة والفردية في البلاد فان قيادة الاتحاد لم تقف إلى جانب العمال والشعب متسببة في ضرر فادح للطبقة العاملة على جميع المستويات. إن الواقع المرير الذي يعيشه العمال وعموم الكادحين اليوم أكد وما يزال أن السياسة السائدة داخل المنظمة النقابية لا تخدم مصلحتهم، ولم تشكل وزنا مضادا للسلطة الرجعية مما فسح المجال واسعا أمام بن علي ليرهن تونس لمؤسسات النهب المالية والاقتصادية العالمية وأمام عائلته والمقربين منها ليعيثوا في البلاد فسادا.
يتهمكم خصومكم بأنكم غير قادرين على إدارة أي صراع إلا ضمن اتحاد الشغل وخاصة في علاقة بأطره النقابية؟ فلماذا الإصرار على النضال السياسي من زاويته النقابية لا غير؟
تمثل هذه الاتهامات تجنيا على الوطنيين الديمقراطيين (الوطد). فنضالنا هو بالأساس نضال سياسي ضد النظام القائم الرجعي، والمعارك التي خضناها ضده منذ أن تأسس الخط في أواسط السبعينات من القرن الماضي وما نزال هي معارك سياسية، وضد النقابوية والإصلاحية والانتهازية بمختلف تلويناتها. ولكننا نهتم أيضا بمختلف مجالات النشاط الأخرى النقابية منها والجمعياتية والثقافية وغيرها... دون أن نهمل النضال النظري الذي يحتل بطبيعة الحال صدارة النضالات الأخرى. ومن هذا المنطلق وقفنا دائما ضد تضييق العمل السياسي والخلط بينه وبين العمل النقابي وضد ما يسمى بحياد النقابات إيمانا منا بأن للعمل النقابي بعدا سياسيا، وكل من يرفض ذلك أو ينكره يسقط بالضرورة في الإصلاحية ويخدم بالتالي سياسة الطبقات الرجعية الحاكمة على حساب العمال والشعب الكادح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.