شهدت عديد مواد البناء خلال الأشهر الماضية ارتفاعا في أسعارها وندرة في وجودها في أغلب مدن وجهات الجمهورية مما شجع على الاحتكار وبروز السوق السوداء. وقالت عديد المصادر إن ارتفاع الأسعار ساهمت فيه عدة عوامل منها زيادة الطلب على مختلف مواد البناء نتيجة تهافت المواطنين على البناء واستغلال ظرفية الانفلات والفراغ الإداري وضعف المراقبة للبناء بلا رخصة اضافة إلى توقف بعض المؤسسات سواء نتيجة الاضرابات أو الاعتصامات والصيانة. انعكست كل هذه الخروقات القانونية والأمنية على ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء تحت وطأة الطلبات المتزايدة لهذه المواد مقابل تقلص ملحوظ في الانتاج بسبب شلّ العمل داخل المؤسسات المنتجة عرفت سوق مواد البناء من أسمنت وآجر وحديد كمواد أساسية ارتفاعا لأسعارها عند التفصيل وكانت على النحو التالي: الاسمنت : 6 دنانير خلال شهر جانفي وفيفري ومارس و6500 في أفريل و 8000 في ماي الآجر (12): 400 في جانفي و 450 في فيفري ومارس و500 في أفريل و 520 في ماي. الحديد (12): 12500 في جانفي و 13500 في فيفري و 15000 في مارس و 16800 في أفريل وماي. نلاحظ من خلال الجدول أن كل الأسعار قد نمت بنسبة تفوق 30 ٪ مع العلم في نفس الفترة من العام الفارط. لم تعرف هذه المواد تطورا في أسعارها وفي مستوى الانتاج تراجع انتاج الاسمنت ليستقر في شهر جانفي 2011 على انخفاض بنسبة 18٪ لعينة تشمل شركات الانتاج الكبرى مثل معمل الاسمنت بالنفيضة في ما عمدت شركات أخرى إلى غلق أبوابها مؤقتا. وسجلا شهرا فيفري ومارس عودة تدريجية في نسق الانتاج بلغت 2.5 ٪ و 16 ٪ تباعا. أما في ما يخص انتاج الحديد المعدّ للبناء والمصنف حسب القياسات التالية 6مم 10مم 12 مم فقد بلغ زيادة ب 10 ٪ في مجمله خلال شهر أفريل 2011 بعد أن عرف ركودا طيلة الثلاثية الأولى من نفس السنة. ونشير إلى أن أسعار البيع عند الأنتاج الصناعي أي الأسعار التي تخرج بها السلع من المصنع تخضع إلى عدة إضافات تستعر بها في سوق التفصيل تمثل القاعدة الأساسية في تكوين أسعار الاستهلاك النهائي وفي سجل نسق نموها استقرار في مستوى غالبية المواد وخاصة منها مواد البناء ماعدا تململا طفيفا أفرزته أسعار الآجر ما بين 3 ٪ و 8 ٪ لكل الأصناف في شهر فيفري 2011 لتركن منذ ذلك الحين إلى الاستقرار التام. ولعبت الظروف الأمنية الخاصة التي تعيشها البلاد دورا هاما في عدم توفير المعلومة الأحصائية الكافية التي تدعم مصداقية الأرقام المنشورة من طرف المعهد الوطني للاحصاء التي تمكننا من الوقوف على حقيقة الوضع في هذا القطاع. نجد وأن كل تصرف غير قانوني وفوضوي يولد ارتباكا وإخلالا بدرجات متفاوتة في كل قطاعات الانتاج ناهيك وأن الخدمات المسدية خاصة في قطاع البناء أضحت بتكاليف مشطة وصلت إلى ضعف ما كانت عليه نتيجة الطلب المتزايد لليد العاملة فالتصرفات الانتهازية والاشاعات والأنانية المفرطة الصادرة عن كل الأطراف كان لها دور فاعل في كل التجاوزات المسجلة من احتكار وخروقات في ظل غياب الإدارة وعدم قدرتها على تصريف الأعمال الموكلة لها. أن نمو الأسعار بنسق تصاعدي المسجل في مستوى قطاع البناء مرشح للأرتقاع إذا مالم يتم تفعيل الآلية الإدارية وخاصة البلدية وإدارة مراقبة الأسعار والأمن للوقوف على التجاوزات الميدانية وحدها سواء أكانت في البناء العشوائي أو غلو الأسعار والتحكم في آليات الانتاج ودعمها في هذا القطاع وتزويد السوق بانتظام. لذا وجب على كل الأطراف التحلي بالنزاهة والحفاظ على مكاسب الثورة وتحمل المسؤولية بكاملها والتصرف بكل حكمة في تعاملها مع الادارة وحرية الغير حتى لا يؤثر سلبا على نسق النمو الاقتصادي والاجتماعي ولتوفير مناخ ملائم للانتاج وخلق مواطن شغل ودعم الاستقرار في كل المجالات.