خاض أبناء المحرس معارك عديدة فمنذ انتصاب الحماية الى ردود الفعل الأولى والصدام التحريري لبناء الدولة الى التنمية الشاملة، كانت لهم مواقف ونضالات وأول المبادرات في الكفاح ضد التوسّع الاحتلالي الفرنسي عندما انضموا الى صفوف المقاومة لما أخذ المستعمر في مهاجمة جهات صفاقس وتكونت مراكز المقاومة بمناطق المحرس مثل منطقة الشفار ومنطقة ودران لمنع توغل المستعمرين، ومما يؤيد هذا ما نجده في روايات متناقلة عن شيوخ البلدة وعن بعض المؤرخين الذين تحدثوا عن ردود الفعل الأولى ضد احتلال مدينة صفاقسوقابس ومن بين المؤرخين نجد محمد المرزوقي في كتابه «صراع مع الحماية» الذي تحدث عن الدور الذي لعبه القائد علي بن خليفة عامل الأعراض الذي قاد مائتي فارس ضد جيش الاحتلال بصفاقس وأقام مراكز المقاومة بصفاقس ومراكز بالمحرس بمنطقة الشفار ونحن جيل الثلاثينات والأربعينات نتذكّر هذه المكامن والبناءات الضخمة التي كانت على شاطئ البحر بمنطقة الشفار والتي كانت تسمّى «بالروكازما» مكامن ضخمة من الاسمنت المسلح والحجارة هدّمت بالديناميت لتهيئة القرية السياحية في أواخر الخمسينات. كانت مراكز دفاعية ومحرسا آخر من منطقة المحرس التي كانت دائما على أهبة الدفاع والاستعداد خوفا من تسرّب العدو. ** مقاومة باسلة ويضيف الأستاذ الهاشمي بيبي في كتابه عن المحرس حضارة وجمالا: «وأقام علي بن خليفة هذا المحرس مريدا بذلك سدّ الطريق أمام الجناة من المستعمرين ومنعهم من التوسع فانضمّ إليه أبناء المنطقة وأبناء صفاقس وجهاتها كما انضموا إليه عندما ركز مركزا آخر للمقاومة بوادي ودران وهي بناية ضخمة ما تزال قائمة الذات تسمى بالبرج وهو مقر القيادة لهذا القائد». وشارك أبناء المحرس جنبا الى جنب في أواخر جوان وأوائل جويلية من سنة 1881 مع القبائل من نفّات والهمامة وجلاص وماجر والفراشيش وأولاد عيّار الخ.. ** قائد فذ كذلك نجد إشارة أخرى من المؤرخ أحمد القصّار في كتابه «تاريخ تونس المعاصر» عن هذه المعارك بجهات صفاقس يقول «وقد برز علي بن خليفة عامل قائد نفات بمظهر الزعيم الحقيقي فربط الصلة مع السلط التركية بطرابلس ونصّب مقر قيادته العامة في منتصف شهر جوان على مقربة من مدينة صفاقس التي تحولت ضواحيها الى منطقة يراقبها رجال قبيلة نفات وقد التحقت بهم بعد مدة قليلة قوات «جلاص» و»المثاليث» وأولاد عزيز من قبيلة الهمامة» ويعني بمراكز القيادة سواء العامة أو غيرها مراكز مناطق الشفار وودران والشعال من مدينة المحرس. ثم بصريح النص ذكر مركزين من القيادة، مركز «ودران» ومركز «الشعّال» عندما تحدث عن قادة هذه المعارك بجهات صفاقس وصولا الى قابس لمقاومة المحتلين «وكان علي بن خليفة يتحكم في ضواحي صفاقس منطقة ودران وبلاد الشعال» وهما مركزان من مناطق المحرس كما أيّد ذلك المرحوم محمد المرزوقي بقوله «وإثر احتلال صفاقس في 16 جويلية 1881 انسحب علي بن خليفة (1) مع أتباعه الى 50 كلم من المدينة في طريق قابس ثم تحول بعد ذلك الى جهة ودران والشعال في نفس الطريق حيث كانت هذه مناطق حماية». استقرّ بها علي بن خليفة وبقي على اتصال برجال جلاص الذين كانوا يدافعون عن القيروان ورجال الهمامة الذين كانوا يناوشون الفرنسيين بقفصة. توفي علي بن خليفة النفاتي يوم 14 نوفمبر 1884 ودفن بالزاوية الغربية قرب مدينة طرابلس ليبيا بعد أن التحق بليبيا في شهر فيفري 1882 وبقي يقاوم فرنسا خارج البلاد كما بقيت المقاومة على الحدود التونسية الليبية ولم تقف هذه المقاومة إلا في سنة 1890 عندما يئس المجاهدون من النجدة من قبل الخلافة العثمانية.