قررت تونس التخلص من المبيدات الفلاحية على مرحلتين... المرحلة الأولى تمثلت في سعيها منذ عام 2005 الى التخلص النهائي من مخزون المبيدات التالفة والتي يعود تاريخ بعضها الى خمسينات القرن الماضي. وترتكز المرحلة الثانية على الوقاية ضد تكوّن مخزون جديد سواء لدى الفلاح المستخدم لتلك المبيدات او لدى مروّجها... أما الخطوة الأبرز فهي نيّة تحويل وجهة الانتاج الفلاحي نحو الفلاحة البيولوجية مما يعني الاستغناء النهائي عن المبيدات. هاتان المرحلتان مثّلتا صباح أمس محورا لورشة عمل نظمتها وزارة الفلاحة والبيئة بالضاحية الشمالية للعاصمة تم خلالها استعراض ما تم انجازه في خطة التخلص من مخزون المبيدات وكذلك استعراض ما تم إعداده كمشروع استراتيجي للوقاية ضد تكوّن المخزون. يبلغ حجم مخزون تونس من المبيدات وفقا لأرقام وكالة التصرف في النفايات حوالي 1300 طن ويمثل هذا المخزون النسبة الأبرز (36 بالمائة) من مجموع مخزون النفايات الصناعية. وفي حديثه ل «الشروق» قال السيد ياسين بوسالمي مدير التصرف في النفايات الصناعية والخاصة ان «المبيدات التالفة نفايات خطيرة وأن عددا من المعاهدات الدولية ومنها معاهدة «بازل» لنقل المواد الخطرة تمنع تصدير النفايات الخطرة نحو الدول الأقل نموا وتسمح في المقابل بتصديرها الى الدول الغنية التي لها محارق معدة للغرض أي لإتلاف تلك النفايات»... مؤكدا ان مخزون تونس الذي يعود تاريخ بعض كمياته الى خمسينات القرن الماضي يتواجد حاليا إما في مخازن غير مهيئة او في العراء مما يشكّل خطرا على تلوّث التربة. وكانت تونس قد انطلقت منذ عام 2005 في تنفيذ البرنامج الافريقي لإزالة المبيدات على إثر إمضاء اتفاقية هبة بين الحكومة السابقة والبنك الدولي وحصولها على هبة ثانية من الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية... هذا البرنامج الذي يتواصل الى غاية عام 2012 شمل جردا للمبيدات التالفة وإزالتها والوقاية منها وتعزيز القدرات الوطنية في المجال والتصرف في المشروع بكلفة جملية قدرها 7.9 مليار دينار. وتفيد مذكّرة انجازات هذا المشروع أنه تم الى حد الآن تكوين عدد من المختصين في المجال بالاضافة الى جرد ما لا يقل عن 1280 طنا من المبيدات التالفة موزعة على 205 مواقع في كامل تراب الجمهورية... كما تم تعليب حوالي 30 طنا من مادة ال«دي.دي.تي» وتعليب حوالي 500 طن من هذه النفايات في انتظار تصديرها لاحقا الى أوروبا وذلك الى غاية شهر أفريل 2011. وأكد السيد جبران قرامي المنسق الوطني لهذا المشروع في تصريح ل «الشروق» ان الغاية منه هو إتلاف مخزوننا من هذا النوع من النفايات كخطوة أولى ثم ارساء استراتيجية للحؤول دون عودة تكون المخزون قبل موعد انتهاء المشروع المقرر عام 2012 كخطوة ثانية. وضع هذه الاستراتيجية انطلق عام 2008 عبر دراسة أشرف عليها 8 خبراء يعملون لمصلحة مكتب دراسات خاص. وانهى هذا الفريق إعداد الدراسة المذكورة في شهر فيفري 2010 وتوصلت الدراسة التشخيصية الى وضع خطة ترشيد استعمال واستهلاك وتخزين المبيدات التالفة. وقد شملت هذه الدراسة وفقا لتصريحات حسن الموري أحد الخبراء المشاركين في انجازها 5 محاور أساسية هي الإطار التنظيمي للمؤسساتي والقانوني والمبيدات التالفة ودورة حياة المبيدات والمعلبات الفارغة المتعلقة بالمبيدات وخطر المبيدات وكيفية مقاومتها والتشخيص والاستعمال والارشاد والتحسيس. وأكد السيد الموري ان غياب الرقابة مثل أبرز نقاط التحفظ التي توصلت اليها الدراسة مشيرا الى أن الخطة المقترحة للوقاية من تراكم المخزونات تتمثل بالأساس في دعم البحث العلمي في المجال وتفعيل الاجراءات للتخفيض من مخاطر المبيدات ودعم المراقبة والعمل على تعويض المبيدات بالمواد الأقل خطورة وهي الوسائل البيولوجية.