نحمد الله تبارك وتعالى على أن مد في أعمارنا وأنعم علينا حتى أظلنا شهر شعبان ذلك الشهر الكريم الذي أحاطه الله تعالى بشهرين عظيمين هما شهر الله الحرام رجب وشهر رمضان المبارك فينبغي للمسلم شكرًا لنعمة الله عليه اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة بالأعمال الصالحة مخلصًا لله تبارك وتعالى متأسيًا فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» وأن يضع في ميزان أعماله اليوم ما يسره أن يراه غدًا، قال الحسن البصري رحمه الله: «ما من يوم ينشق فجره إلا ينادي ويقول: يا بن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة» لقد حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا» وها نحن قد جاءتنا الفرصة الكبيرة والمنحة الجليلة، وأنعم الله علينا بمجيء شهر شعبان الذي اهتم به سلفنا الصالح اهتمامًا عظيمًا إذ هو كالمقدمة لشهر رمضان المبارك، ولذلك كانوا يقضونه كله في أعمال رمضان كالصيام وقراءة القرآن وغيرها من العبادات ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن. فيا من فرط في الأوقات الشريفة وضيعها وأودعها سيئ الأعمال وبئس ما استودعها مضى رجب وما أحسنت فيه وهذا شهر شعبان المبارك فيا من ضيع الأوقات جهلا بحرمتها أفق واحذر بوارك فسوف تفارق اللذات قسرًا ويخلي الموت كرها منك دارك تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبةِ مُخْلصٍ واجعل مدارك على طلب السلامة من صحيح فخير الناس توبة من تدارك وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم هذا الشهر أيما تعظيم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان». {متفق عليه} وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله ص: «لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان: قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم». {صحيح النسائي وأبو داود} وكان النبي يجتهد في شهر شعبان وذلك لأمور منها: 1) أنه شهر يغفل عنه كثير من الناس، ومعلوم أن العبادة في وقت غفلة الناس يحبها الله تعالى ويثيب عليها أكثر من غيرها ولهذا كان ذكر الله تعالى في الأسواق وقت اللغط والبيع والشراء له أجر عظيم، والصلاة في جوف الليل حين ينام الناس أفضل الصلوات بعد الفرائض، وكذلك كان الصبر في الجهاد حين انهزام الأصحاب له أجر عظيم، ومنه الصدقة مع قلة الزاد، ومن هذا الباب كذلك أن للمتمسك بدينه في زمان الصبر أجر خمسين من الصحابة، ومثل هذا كثير. 2) أنه شهر ترفع فيه الأعمال فكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام فيه، فالصوم لا مثل له وهو جُنَّة (وقاية) من عذاب الله وقد أجزل الله ثواب الصائمين وجعل لهم فرحة عند لقائه عز وجل. 3) أنه كالتمرين على الصيام حتى لا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة. مخالفات شرعية تتعلق بليلة النصف من شعبان وهكذا أخي المسلم الكريم ترى أن لهذا الشهر الكريم المبارك فضلا، فينبغي لك اغتنامه بالصيام وقراءة القرآن والصدقة والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقيام الليل وغير ذلك من العبادات والطاعات التي يحبها ربنا تبارك وتعالى، عسى أن يتقبلها سبحانه وتعالى منا.