قرار الحرب على العراق ليس قرارا متوافقا مع ميثاق الأممالمتحدة.. هذه حقيقة نعلمها جميعا.. وكم حاول العديد من الشرفاء في العالم تثبيت هذه الحقيقة قبل أن يقدم الأمريكيون على المحظور... لكن دون جدوى... قرار غزو العراق غير قانوني لتعارضه مع ميثاق الأممالمتحدة.. وهذه أيضا حقيقة ثابتة.. ولقد حاول عديد الصادقين في هذا العالم الغريب العجيب أن يثبّتوها حتى يُثنوا الأمريكيين عن اقدامهم على الحرب على العراق.. لكن دون جدوى. هذه الحقيقة كان يحتاجها العراقي الآمن الذي ارتضى عذاب الحصار على أن يفرّط في أرضه وعرضه.. واذا به يعاقب بين سجن «أبو غريب» وبقية الوطن السجين المكبّل.. ولا أحد له الحق أن يتكلم ويكشف الحقيقة... كان العراقي والعراقية يحتاجان الى مثل هذه الكلمات «الحقة» التي نطق بها السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة. ما صرّح به السيد عنان أمس الاول، جاء متأخرا.. لقد صدع «الأمين» على ميثاق الأممالمتحدة بالحقيقة بعد خراب «البصرة» وتدمير بغداد وحرق «الفلوجة» و»الموصل» و»الرمادي» و»كركوك». هل كان يجب انتظار كل هذا الوقت حتى نسمع من السيد الأمين العام للمنتظم الأممي أن الحرب على العراق كانت غير متوافقة كقرار مع ميثاق الأممالمتحدة؟ واذا كان الأمر كذلك نسأل هنا : ما العمل سيد عنان، وقد تحوّل العراق الى ساحة «دمار شامل» طبّقت فيها بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية سياسة الارهاب المنظم على بلد مؤسس للأمم المتحدة... عنان تأخر كثيرا في قول الحقيقة المتمثلة في أن الحرب على العراق ليست حربا قانونية، ونحن لا نعلم سرّ الوضوح الفجئي الذي كسى تصريح السيد عنان. فهل هي الانتخابات الأمريكية وأجواء الحملة التي وضعت كل طرف أمام مسؤولياته، فسارع الأمين العام الى توضيح موقف صادر عنه بقي طوال 18 شهرا يحمل الغموض بين طياته؟ أم هي صحوة ضمير لما تردى فيه العراق والعراقيون من معاملات سيئة وقسوة استعمارية ظنت البشرية أنها قطعت معها الى الأبد؟ على كل حال، المشهد العراقي لم يعد يخضع منذ برزت المقاومة المنظمة الى حسابات القائمين بالاحتلال ومعاونيهم بل إن الفاعل الأساسي الآن هي المقاومة التي نجدها تدافع عن ميثاق الأممالمتحدة المهدور، وعن المجتمع الدولي الذي ضُربت قيمه في الصميم... وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها التي فشلت القوى الاستعمارية في قبره بين رمال الصحراء المتحركة في العراق.