وجدت «السمكة السامة»، عافاكم الله، طريقها إلى الموقع الاجتماعي بقوة وشغلت التونسيين المشغولين عادة بأشياء أخرى كثيرة مثل المعارك والشتائم السياسية والفكرية والباكالوريا وآخر التهم الموجهة إلى جماعة النهضة وعودة «أزلام التجمع». ولقي البلاغ الذي أصدرته وزارة الفلاحة منذ أيام حول هذه السمكة انتشارا كبيرا في الموقع مرفوقا بصور واضحة لها. وفي الحين ظهرت عشرات المقالات والروابط على الشبكة لنشر أكثر ما أمكن من المعلومات عن هذه السمكة العجيبة، ومنها أن البعض في اليابان يدفع أموالا طائلة لتناولها رغم مخاطر التسمم نظرا لما ينسب لها دون أدلة علمية من فوائد صحية، وتضيف هذه المعلومات أن في اليابان عددا قليلا جدا من الطباخين المتخصصين والحاصلين على شهائد من وزارة الصحة يعرفون أسرار إعداد هذه السمكة وطبخها، أما غير ذلك، فإن الموت ينتظر كل من تسول له نفسه أكل هذه السمكة. كما تم نشر أخبار عن تسببها في قتل عدة أشخاص في اليونان ولبنان وتركيا. وكالعادة، فقد كشف التونسيون عن فضول طريف وولع بكل ما هو مخيف، وانشغل عدد كبير من رواد ال«فايس بوك» بمسألة هذه السمكة التي يسميها البعض «القراض» والتي جاءتنا من شرق المتوسط عبر قنال السويس. وفي هذا المجال، يملك التونسيون قدرة كبيرة على السخرية من أي موضوع حتى وإن كان قاتلا، فقد كتب أحدهم معلقا إن إخواننا المشارقة لم يكتفوا بأن يرسلوا إلينا السلفية فأضافوا إليها السمكة السامة، فيما قال آخرون إنهم في ظل الغلاء الفاحش وانفلات الأسعار نسوا ما هو السمك أصلا، باستثناء السردين في الأعياد الوطنية والدينية. ونظرا إلى أن السمكة قد مرت عبر قنال السويس وقبل ذلك سواحل العربية السعودية فقد كتب زميل معروف بمزاحه: «قالك السمكة المسمومة بعثتها ليلى بن علي شماتة في الثورة». وشبه كثيرون هذه السمكة وخطرها على الإنسان ببعض التيارات الفكرية في تونس أو بعض السياسيين وتم تحويل الموضع إلى المزاح والنقد السياسي. أما الجانب السيئ في هذه المسألة، فهي الإشاعات الغريبة التي يتداولها التونسيون على الموقع دون تثبت ومنها أن سمكة واحدة تقتل 100 شخص، مما جعل أحدهم يعلق مازحا إن هذه السمكة أقوى من المندسين والقناصة مجتمعين. كما كتب آخر إن بحارا في قليبية عثر على سمكة من هذا النوع في شباكه فتم تذكيره بأن بلاغ وزارة الفلاحة يحصر أماكن هذه السمكة في خليج قابس والبحار الدافئة. لكن بصورة عامة، نجح الموقع الاجتماعي في نشر التحذير على نطاق واسع، فيما نجح كثيرون في الترفيه عنا حتى بالأسماك السامة.