هل أصبح كل معروض في أسواقنا يتّخذ تسعيره من سعير جهنم الحمراء؟ وهل أصبحت التسعيرة تعني «التشعيلة» ما دام كل من تسأله عن الأسعار يقول بدون تردد «لاهبة» و«شاعلة» حتى احترقت كل الجيوب حروقا بليغة تفوق الدرجة الثالثة الى أن أصبح كل ذي جيب ينشد لجيبه العناية المركزة، وكل جيب في حالة إغماء وغيبوبة، تسأله فلا يجيب فارغ جامد لا يتحرك، ويتنفس بالقشة التي قصمت ظهر البعير؟ أليس لو لم يتنفس «الزكّار» من قشة «الزكرة» ما صاحت «زكرة» وما التوت أحزمة. وما اهتزت أرداف وبطون وصدور وأكتاف ولولا التنفس بالقشة ما صاح وناح وساح «مزود» وما زلزلت تضاريس الأجساد زلزالها وما هزّت الأرداف أثقالها وما غطّت الرعية أحوالها بالقش وبالقش تنفّست؟ عودوا معي أطال الله في أنفاسكم الى الأسلاف وارجعوا الى لسان العرب وابحثوا في لغة الضاد عن معاني سعر يسعّر سعرا وسعيرا ستجدون أن وزارة التجارة بفرقها لمراقبة الأسعار بمفردها لا تكفي ما لم تكن مدعومة بالجيش ما دام في نفس اللسان سعر يسعّر الحرب أي أوقدها وأشعلها وبفرق الحماية المدنية ورجال الإطفاء اذ سعر يسعر النار اي أشعلها وألهبها فتسّعرت، وبأطباء النفس ما دام الرجل يعني به غمّ أي أنه يتنفس بتلك القشة التي قصمت ظهر البعير، وما لم تكن مدعومة ايضا بقوافل صحية ما دام في نفس اللسان سعر القوم يعني ظهر فيه الجرب. وسعرت الناقة فهي مسعورة أي بها مس من الجنون. فكيف نحمّل وزارة التجارة بمفردها بمراقبة الأسعار المسعرة التي اجتمعت فيها ودلت عليها مفاهيم الغمّ والحرب والنار والجرب والمس من الجنون الذي يجعل المرء يتنفس بقشة في السوق وهو في غمّ، وكيف لا وهو يرى في التسعيرة سعير جهنم بدون «غمّان» ولا لف ولا دوران ليس عندي ما أضيف أولا وأخيرا سوى «آلو... 198... الدنيا شعلتْ».