حراك ثقافي وسياسي كبيرين تشهدهما تونس ما بعد ثورة 14 جانفي، ثورة الحرية والكرامة التي اندلعت من أجل اعادة بناء هذه الدولة على أسس ديمقراطية سليمة وقواعد صحيحة بعيدا عن عهد زائف أسّس للعنف والاضطهاد والخوف وقمع الحريات والتعدّي على الآخر ليكون البقاء للأقوى في نظام يحكمه قانون الغاب. إلا أن ثورة شباب تونس الواعي والمثقف وصاحب الشهائد والعاطل عن العمل. قضت على نظام بائد فبعثرت أوراق بن علي وحاشيته لتعيد ترتيبها من جديد ونحن اليوم من أحزاب سياسية ومثقفين ومجتمع مدني نعيش على وقع هذا الحراك السياسي والثقافي الذي يجمع بين المهرجانات الصيفية التي تنطلق عن قريب والحملات الانتخابية التي تتزامن مع هذا الحدث الذي يمرا على بلادنا كل صائفة. هذا العرس الذي تحتضنه جل المسارح التونسية هل سيكون له تأثير على عرس الانتخابات التي انتظرها الشعب التونسي طويلا، انتخابات قد تختلف عما عهدناه منذ 23 سنة... انتخابات مصيرية لشعب عاش الظلمات وأبى إلا أن يخرج الى النور... سؤال تطرحه «الشروق» ويجيبنا عنه بعض الفنانين. ظرف استثنائي تنطلق المهرجانات الصيفية يوم 1 جويلية 2011 وفي هذه الفترة بالذات تنطلق الحملات الانتخابية. حدثان هامان قد يكون الثاني هو الأهم لكن الاشكال هنا أنهما متزامنان وقد يؤثر الاول على الثاني او أنهما يخدمان بعضهما. وفي هذا الصدد تقول الفنانة سنية مبارك «الكل ينتظر كيف ستحقق تونس الانتقال الديمقراطي، ونحن اليوم نعيش وقفة تاريخية وانطلاقة حقيقية نحو الديمقراطية لذلك لا يمكن اضاعة هذه الفرصة ولا يجب أن ننسى الشباب الذي دفع دمه من أجل هذه الثورة. من مدنيين وأمن وجيش وطني، فالثورة اندلعت من أجل تغيير جذري في جل المجالات لذلك» تضيف الفنانة سنية مبارك «لا يعقل خلق فراغ فني فالمهرجانات لن تؤثر على الانتخابات، هذه سنة استثنائية وكل واحد عليه أن يجتهد في مجاله سواء فنان او سياسي او مثقف أو مجتمع مدني لكننا يد واحدة من أجل تونس،وهذه المرحلة» تؤكد سنية مبارك «تتطلب منا الهدوء والعقلية وخاصة الابتعاد عن العنف والتركيز على العمل وهذه المسؤولية يتحمّلها كل شخص يشعر بانتمائه الى هذا الوطن وخاصة المجتمع المدني الذي يمثّل الدور الكبير في انجاح المهرجانات او الانتخابات وفي نفس السياق تواصل سنية مبارك حديثها لتؤكد على ضرورة تبادل الاراء في مثل هذه الظروف بالذات مضيفة أن الرأي المخالف لا يفسد للودّ قضيّة بل يدفعنا للنجاح ومزيد التقدم اذا ما قطعنا مع المصالح الشخصية وأسسنا أفكار جديدة تقوم على مصلحة تونس قبل كل شيء مشددة على ضرورة التفاؤل، خاصة وان تونس كانت السبّاقة وهي ربيع الثوارات العربية وتاريخها يُكتب الآن. حركية وطمأنينة وبالرغم من ان المهرجانات الصيفية ستكون مختلفة هذه الصائفة الا ان الفنان محمد الجبالي يقول إنها لن تعيق سيرورة الحملات الانتخابية بل بالعكس سوف تخلق أجواء احتفالية في ظرف استثنائي تعيشه البلاد. مضيفا ان المهرجانات سوف تبعث الطمأنينة في نفوس الناس سواء في تونس أو خارجها حتى يتأكد الجميع ان البلاد آمنة ومستقرة وهو ما يشجّع أيضا على الحراك السياحي مؤكدا على ضرورة الاتحاد من أجل تونس رجالا ونساءً. فضاء للحوار وبحماسها المعتاد وعفويتها المعهودة تحدثت الفنانة أمينة الصرارفي عن ضرورة احياء المهرجانات لكن في اطار منظم، مضيفة ان الثورة اندلعت من أجل البطالة واذا ما تم إلغاء المهرجانات عشرات الفنانين يحالون على البطالة ممن لديهم التزامات عائلية وغيرها لذلك تقول الفنانة أمينة الصرارفي أن الحراك الثقافي ليس في قطيعة مع الحراك السياسي فهما يكمّلان بعضهما، مضيفة أن المهرجانات سوف تخلق نوعا من الحوار وتبادل الآراء واللحمة بين المواطنين لأن المسارح هي أكبر الفضاءات التي تجمع كل الشرائح الاجتماعية وهو ما يخلق نوعا من التقارب وفتح أبواب النقاش. هكذا إذن يرى بعض الفنانين أن عرس المهرجانات الصيفية لن يفسد عرس الانتخابات، بل سوف يكمّلان بعضهما ويخلقان حراك سياسي وثقافي لم تشهده البلاد من قبل.