اتّحاد الشغل يعلن عقد هيئته الإدارية ...هذا موعدها    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    ماكرون: لا يمكن أن يتقرر مستقبل أوكرانيا من دون الأوكرانيين    كرة اليد: منتخب الاصاغر يفشل في بلوغ الدور الرئيسي للمونديال    الليلة: سماء قليلة السحب على كامل البلاد مع ظهور ضباب محلي    سليانة: تواصل المجهودات للسيطرة على حريق جبل الفراشيش بين معتمديتي العروسة و قعفور    مستقبل القصرين يتعاقد مع متوسط الميدان علاء الدين كرتلي    تونس تدين قرار الكيان الصهيوني إعادة احتلال قطاع غزة    شنوة الفرق بين أنواع المياه المعدنية؟ وشنيا لازم تعرف قبل ما تشري    جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    الملح: القَتَالْ الصامت اللي يضرب صحتك...كيفاش؟    حركة تونس إلى الأمام "تدين الدعوة إلى تجميد وحل الاتحاد العام التونسي للشغل"    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    وزيرة الثقافة تدعو إلى اعتماد رؤية إبداعية مُتجددة خلال أيّام قرطاج السينمائية والمسرحية    الماريخوانا ما عادش خطيرة؟ ترامب يراجع القوانين    القصرين: اختيار 60 مشاركاً لتمثيل الجهة في التصفيات النهائية للبطولة الوطنية للمطالعة    افتتاح فعاليات الدورة 38 للمهرجان الصيفي بزغوان بفضاء معبد المياه    الترجي يفرض عقوبات مالية وتأديبية على المتأخرين عن بداية التحضيرات    ساقك فيها القلب الثاني... إهماله يسبب جلطات ومضاعفات خطيرة كيفاش؟    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    الشابة: القبض على مروج مخدرات    عاجل/ الأجهزة الأمنية الاسرائيلية ترفض احتلال غزة    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    الرابطة الأولى: تشكيلة نجم المتلوي في مواجهة النادي البنزرتي    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    إصابة 3 أشخاص بإطلاق نار في نيويورك    غوارديولا يستبعد مشاركة رودري بقوة في المباريات الافتتاحية للبطولة الانقليزية    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    غدا الأحد: غلق هذه الطريق بالعاصمة..#خبر_عاجل    وزير صهيوني يدعو إلى تهجير سكان غزة إلى ليبيا    إيران تعلن اعتقال 20 جاسوسا للموساد في طهران ومحافظات أخرى    نظام التبريد في السيارة وأهمية سائل الرادياتور ... حوار مع المختص في السيارات غازي بن صرْبَة    المناخ يأثر على النفسية: تحذيرات وهؤلاء هم الأكثر تضرّرًا    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    عاجل/ بينها مثلجات وأجبان وبيض: حجز كميات كبيرة من المنتجات الغذائية في 3 ولايات    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا التوافق... في غياب الشرعية: هل هو ابداع الثورة التونسية؟
نشر في الشروق يوم 16 - 06 - 2011

بقلم: الأستاذ نبيل بن فرج (بنزرت)
لما انتفض الشعب التونسي وقام بثورته المجيدة من أجل القضاء على نظام ظالم وفاسد، خلق حوله تصحرا فكريا وثقافيا فقد عقد العزم على القطع مع الأساليب القديمة البالية في العمل والتخطيط والتنظيم لمستقبل أراده شباب الثورة ناصعا ومشرقا ومدرا للخيرات ومؤسسا لإنسان جديد واع بنفسه وبمحيطه وبحجم ونقل رسالته.
فمطامح ثورة الشعب التونسي كانت جامحة وطوفانية في عفويتها لانعدام تأطيرها والتنظير لها من قبل أي من الأحزاب «الشرعية التقليدية» أو «السرية» (غير المعترف بها)، وهي لذلك تأبى المساس بحرمتها والالتفاف عليها من قبل الطامحين للسلطة لافتكاك نصيبهم من «الكعكة» التي لم يبدعوها، بتقمص أدوار ومهمات لم يكلفهم بها الشعب المنتفض وادعائهم تمثيله والتزامهم بتحقيق ارادته وتوقه الى الحرية والعدالة والكرامة وهي أطروحات وأفكار سياسية لا تخلو من برامج كل الأحزاب المتواجدة في الساحة والمتشابهة في نمطية مقلقة تكشف عن ارتباك وتحفز النخبة الى القيام بدورها الطبيعي والريادي في تمثيل الشعب وقيادة نضالاته بعد ابعادها وقمعها بشل حركتها والحيلولة بينها وبين ما يعد من سقف مطالبها السياسية الذي حققته لها فجأة جماهير كادحة ومعطلة عن العمل فاقدة لأدنى مقومات الكرامة فتجاوزتها حينئذ ولقنتها درسا في الشجاعة وتجاوز الذاتي والشخصي ومن ثمة تربعوا داخل مجلس «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح الديمقراطي» وباتوا ينظرون لمستقبل البلاد ويطعنون في شرعية الحكومة المؤقتة التي رخصت لهم بالتواجد القانوني وغاب عنهم بأن شرعيتهم مرتهنة بلا شرعية مؤقتة في ظل تجميد العمل بالدستور» ومرحبا بالثورة نجني ثمارها في ظل تململ واعتصامات واضطرابات شملت عديد القطاعات الحيوية ومظاهرات عمت الشارع التونسي تتسم بالمطلبية الملحة التي أحرجت الحكومة المؤقتة والذين بيدهم السلطة والقرار وأثبتت لهم بأن جذوة ثورة تونس لم تخمد كما أن رياح الحرية باقية بين منعطفات الشوارع والأزقة الحالمة وتذكي روح المبادرة الخلاقة وارادة الحياة بكرامة وفي دفئ الوطن.
وفي هذا الاطار فقد حتمت ضرورة الابقاء على الحد الأدنى من استمرار سلطة الدولة وضمان بقاء شكلي للمؤسسات حتى وان خلت من المضمون الثوري أو الاصلاحي ايداع وخلق نموذج سياسي لا يختلف كثيرا عن المدرسة «الدادانية» dadaisme في الفن التشكيلي التي تسعى على الاستعانة بأدوات وأشياء وملصقات مختلفة وغير متجانسة توضع على سطح اللوحة الزيتية الى جانب الألوان فتضفي جمالا وابداعا ورونقا يثير الدهشة والانبهار وكذلك الارتياح، وهو ذات الانطباع الذي يتجلى من تركيبة «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح الديمقراطي» في اطباق سياسية غير متجانسة وأشخاص غرباء عن الثورة وشخصيات «وطنية» مملة ومقرفة جيء بها لتأثيث جهاز ممثل للثورة «لا شرعية له»، هو في الواقع فسيفساء متشضات متناثرة تماما كما أبدع CHRISTIAN TZARA «خلال سنة 1916 مؤسس الدادانية» في تلمس طريقة حديثة وثورية في الرسم بالإيحاء لارباك المشاهد وحثه على التفكير.
وعلى شاكلة النمط الابداعي المذكور مكنت التركيبة الانتقالية للسلطة المؤقتة التي طبخت على صفيحة الفصل 56 من الدستور البائد من خلق «مجلس تحقيق أهداف الثورة» عوضا عن «لجان حماية الثورة» في مستوى الجهات التي تكونت بصورة لصيقة بالأحداث التي اعقبت غياب الأمن بناءا على المعرفة الشخصية بمكونات القوى الثائرة وتلتها «لجنة تقصي الحقائق ومقاومة الفساد»، «لجنة الاصلاح الدستوري»، تتركب من رؤساء وأعضاء غرباء عن حركية ونضالات الشارع التونسي ولا ندري وفق أية معايير تم تعيينهم؟ وبالتالي مدى شرعية المجالس التي ضمتهم؟ مما يجعل الملاحظ الفطن يشكك في صحة ووجاهة ما يحبك داخل تلك المجالس، وقد تم وضع قانون انتخابي يعتمد النسبية، ومبدأ الاقتراع على القائمات مع اقرار التناصف والتناوب... ما يجعله يكرس العمل الحزبي المنظم... الذي يقصي الأفراد والمستقلين والنزهاء الشرفاء المخلصين للوطن والغير والتناوب... ما يجعله يكرس العمل الحزبي المنظم... الذي يقصي الأفراد والمستقلين والنزهاء الشرفاء المخلصين للوطن وغير المنتمين الا للمصلحة العامة، أولئك الذين مجوا العمل الحزبي الضيق والمكبل للارادة الحرة على شاكلة ما أسسه حزب التجمع المنحل وما تخلل شريان النسيج الاجتماعي من تصدع وتعفن.
فالوضع يبدو محكم التنظيم باتفاق المتواجدين في صدارة الحدث الاخباري المرئي والمسموع والمكتوب ولنقل توافقهم على تقاسم السلطة المؤقتة بين رئيس مؤقت يحكم بمراسيم وحكومة مؤقتة تنازع الصلاحيات مع «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح الديمقراطي»، فبعد أن صمت الكل باسم التوافق الذي أوجدوه بينهم عن كيل الاتهامات والقدح والطعن بعدم الشرعية أصبحت الطريقة سالكة بين كافة الأطراف الموجودة بقوة على الواجهة السياسية بتقاسم السلطة واستنباط جميع السيناريوات الموصلة الى انتخابات «المجلس الوطني التأسيسي» وتحقيق النقلة النوعية والتاريخية وتحقيق الديمقراطية وقيام حكم الشعب بواسطة منتخبيه وممثليه بحق بعد تغييبه لمدة عقود ثمن ثمار معاناته ومكابدته ومن ثمة انتصاراته التي أشعت بنورها بعد ان انحسرت الشرعية الثورية وبرزت على السطح شرعيات دستورية وأخرى مزيفة «مفبركة» دون هوية أنشأها تواجد تلقائي ظرفي وانتقالي لزعماء وممثلي التيارات السياسية وبعض مكونات المجتمع المدني وبذلك هيمنت واستبدت بالمشهد السياسي شرعية توافقية مؤسسة على الاتفاق الظرفي والمؤقت على الخطوط العريضة التي سطرتها الثورة وتحقيق المرحلة الانتقالية برصانة وفطنة وتدبير لتأمين وصول هبة الشعب الى شاطئ السلامة وبأخف التضحيات بعد أن بدأت قوى الردة ومطامع الانتهازيين والثوريين الجدد تكشر عن أنيابها وتنبئ بالتقوقع والانتكاسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.