عادة تقام الثورة على الاوضاع البالية والمظالم المسلطة والجشع الهدام.. وفي تونس وبعد حوالي ربع قرن من الاوضاع البالية والحكم الظالم وطمع الناهبين والتسلط المخرب استفاق المحرومون والمعطلون والعاطلون.. وقدموا لمجتمعنا ما لم يقدمه غيرهم.. وثاروا وقاموا ينشدون العدالة والعدل.. والحق والأمان.. وكان ما كان. وفي جهة قفصة التي قاست في العهد البائد وعانت الى درجة التحطيم والتهميش والاقصاء واغتصاب خيراتها وذهبها الرمادي وتعطيل شبابها ونبذ جذورها لم يكن فيها للثورة المباركة طعم يستساغ. فالشباب الثائر أقصي.. وأبعد. العاطلون بقوا على عهدهم.. أوفياء للبطالة رغم أنوفهم. ومن كانوا يهتفون ويصفقون ويهرولون أصبحوا في مقدمة الفاعلين.. والمؤيدين ورافعي لواء الزعامة. «الشروق» التقت عديد المواطنين في مدينة قفصة حيث يقول المعلم عبد الحميد الكثير يتحدث ان العروشية هي التي أدت الى التناحر والقتل والإجرام وهذا غير مؤكد تماما. فالاختلاط البشري والانساني يوجد بربوع المناجم والمناطق الشمالية بالجهة منذ بداية التاريخ. وفي بداية نشأة المناجم كان الاجنبي الوافد من البلدان الغربية من مختلف الجنسيات وكذلك الأشقاء أصيلي البلدان المغاربية الذين زحفوا من بلدانهم هروبا من التسلط وظلم المستعمر الغاصب.. بحثا عن الخبز الكريم.. كل ذلك أدى الى الالتحام والتصاهر والتجاور والتآزر والاختلاط السليم انطلق خاصة بعد طرد المستعمر الغاصب.. وللأسف وفي عهد استبشرنا فيه بالاستقلال.. والحرية.. جاء الوبال والأدية. غياب المجتمع المدني يقول عبد الحميد كريمان وهو تاجر: «الأصولية.. والظلم.. والتسلط همش صفوف المجتمعات المدنية والسياسية والنقابية الشيء الذي أفرز فراغا في الإحاطة والتأطير.. وجعل من كل المؤسسات المدنية والاجتماعية أداة للفوضى والابتذال. القبلية والعروشية بريئة مما يقع.. فقط الانتخابات والاقتراع والتصويت هي التي أفرزت بعض الظواهر الاجتماعية.. مما أوجد السلبيات في الصفوف والحقد على المتزعمين والعاطل والثائر أقصوا.. وأهل المال تزعموا.. للعمل من أجل الزيادة». لا للعروشية... نعم للوطنية السيدة شهلة حناشي.. مربية تقول: «المؤكد ان العروشية هي تحديات قبلية ناتجة عن أمراض اجتماعية ونفسية منذ الزمن البعيد. بيد أن ما وقع أخيرا في المتلوي المناضلة والعريقة.. وما وقع قبلها بنفس المكان قبل أسابيع.. وكذلك ما وقع في المظيلة والسند وعليم (بنفس الجهة) وما وقع ايضا بمناطق شمالية (جندوبةسليانةالكاف) ليس ذلك كله من باب العروشية وانما هناك أياد خفية.. ذات مآرب ذاتية.. ولا يهمها الا مصالحها الشخصية. اذن لا بد من المحافظة على ثورتنا الهادفة ولابد من الاستفاقة والحرص على التمييز بين الخير والشر... واعتبار المصلحة العامة فوق الجميع.. وجعل الاحزاب المتكاثرة تأخذ ولو جزءا من دورها. المهم هنا في والختام ان البلاد والعباد في قفصة وضواحيها يعيشون اجواء «البلطجية» وتحدي القانون والانحراف وترويج الممنوعات.. وخوفا على سلامة البلاد ككل.. لابد من الحماية والرعاية.. والتأطير.. والاحاطة.