(المدرسة الصادقية تونس) في الواقع أتابع عن كثب وبانتباه شديد ما يكتب في تحليلات عبر مختلف صحفنا الوطنية العمومية والخاصة وما يذاع عبر أمواج الأثير هنا وهناك وما يبث عبر الشاشة الصغيرة من فضاءات ومنابر وملفات للخوض في ما يستجد من أحداث وتطورات في ما يتعلق بمفاهيم ومسائل اقتضتها الظروف الراهنة التي تعيش على وقعها بلادنا ورغبتي الشديدة في مواكبة ومتابعة كل وسائل اعلامنا وكيفية تعاطيها وتعاملها مع الشأن الوطني بمختلف تفاصيله ومستجداته ومتطلباته، انما هي نابعة من فضول وأسئلة حارقة لطالما راودتني حول مدى نجاعة ومردودية الأداء الاعلامي في بلادنا ما بعد الثورة واثر ذلك الانفلات والهستيريا التي وسمتا مختلف الفضاءات الاعلامية فبدى الارتباك والذهول والريبة والشك وتسرّب الهلع والفزع الى قلوب كل الاعلاميين لهول ما حدث في بلادنا من تغيرات جذرية أعود الى الأسئلة التي تستمد مشروعيتها من موقعي كمتابعة تستهلك كل ما يكتب ويذاع ويبث وعليه فإنه من الواجب الافصاح عنها والبوح بها: هل يشعر اعلامنا بالذنب عمّا جرى في ما مضى ويستيقظ ضميره ويعي بأهميته كسلطة رابعة ليست راكعة وقدرته على هذا الوضع الراهن على تضميد جراح التونسيين وتسكين أوجاعهم وتخفيف وطأة آلامهم؟ هل يستطيع اعلامنا ان يستعيد ثقته مجددا من الشارع التونسي بعد ان صدمه وخيّب أمله في ما مضى من خلال الصمت والخنوع؟ بعضهم فهم الامر وانسحب في صمت دون أسباب أو مبررات وبعضهم مازال تحت وطأة الصدمة ومازال يتحسس طريقه باحثا عن نفسه، بعضهم شعر بإحباط وخيبة أمل لهول ما حدث، بعضهم هاج وماج أما الآخرون فقد انصرفوا الى تصفية حسابتهم الشخصية مع من كانوا عقبة في طريقهم أو لاختلاف المواقف وانتشرت صحافة نشر الغسيل بشكل مثير للانتباه، أما الاعلام الفضائحي حدّث ولا حرج في الضفة الاخرى او في المقابل انتصبت المحاكم الشعبية في كل مكان وقد تمرد المتلقي على كل الوسائل الاعلامية وصار يتهمها بمناسبة ومن غير مناسبة في تقصيرها وينتقد آداءها بشكل لاذع حد القسوة. في الحقيقة مازلنا ننتظر من إعلامنا الوطني الكثير حتى يعيد إليه ثقة الشارع التونسي وحتى يكون كبيرا في أعيننا يجب أن تكون له هيبة ورسالة فنحن نعول على مختلف وسائلنا الإعلامية في أن تساهم بشكل فعال وناجع في عملية الانتقال الديمقراطي وتدعيم أسس العدالة الانتقالية التي ينشدها الجميع بعيدا عن كل إقصاء أو تهميش وإعلامنا مطالب في هذه الفترة الحاسمة إلى حسن الأصغاء إلى مشاغل المواطنين وتبليغها آجلا أم عاجلا للجهات المعنية قصد النظر فيها أيضا تبسيط المفاهيم السياسية بشكل يمكن للمتلقى البسيط فهمها وإستيعابها مع العمل على تعريف المواطنين ببرامج الأحزاب السياسية في مختلف المجالات والميادين إلى جانب التعاطي والتعامل مع الملفات الساخنه بكل حياد وموضوعية ننتظر من إعلامنا أن يحدث ثورة في عقول وأذهان الناس من خلال العمل على تغيير بعض العليات والأفكار التابعة من حماس فياض فضروري أن نبدأ بمحاسبة أنفسنا قبل أن نشرع في محاسبة ومحاكمة الآخرين فمن المسلم أن من عوامل إنجاح الثورة في بلادنا هو نجاعة ومردودية الاداء الاعلامي، ولعلني لا أبالغ حين أجزم بأن الاذاعة الوطنية بمختلف فضاءاتها الأثيرية تنزع نزوعا لا محدودا إلى الاستجابة لتطلعات المواطنين وهي تجتهد بما أتيحت لها من امكانيات متواضعة أن تجد الحلول المناسبة للقضايا العاجلة الواردة عليها من كل حدب وصوب بفضل حنكة وذكاء اطارها الإعلامي وهي لا تنتظر حتى ترد إليها الأخبار والمستجدات بل تذهب إلى موقع الحدث أينما كان لتغطيه وتنقله لنا بكل شفافية وموضوعية وأمانة كما أنها كانت منفردة في إعداد مادة اذاعية دسمه مزجت بين السياسة والثقافة والامتاع والمؤانسة والتوعية والتذكير دائما وأبدا بدقة المرحلة وبدعوة الجميع إلى الوقوف جنبا إلى جنب لتأمين عملية الانتقال الديمقراطي واستطاعت من خلال فضاءاتها ومنابرها الحوارية على الأقل أن تبث رسائل الاطمئنان والتفاؤل والأمل في صفوف كل المستعمين وهي تطرح أسئلة مهمة وحاسمة كما أنها أصبحت تنتقي وقد استضافت العديد من الأسماء اللامعة وأبرز النخب في مجالات مختلفة على غرار السياسة والثقافة وحقوق الانسان والقانون الدستوري والقانون الدولي والقانون العسكري.