بقلم : الحبيب بن مباركة (المكنين) بداية المقصود من هذا المقال ليس التجريح أو المحاسبة بل السعي الى التقييم لتكريس شعار من شعارات الثورة: إعلان وطني حر ونزيه ان المتتبع للمشهد الإعلامي قبل وبعد 14 جانفي 2011 ومحاولته اللحاق قبل فوات الأوان وتعديل توقيته مع الثورة يأسف لما وصلت اليه حالة إعلامنا المرئي والمكتوب والمسموع من تدجين وتسويف وتغريب وهو أمر مقصود من النظام السابق إذ فرض لغة التمجيد على الجميع والكذب وتلميع الصورة والتغطية على واقع مرير أفرز ثورة من أعظم الثورات في العالم وستبقى مرجعا يحتذى به. هذه الثورة أحدثت صدمة لإعلام انطوى على نفسه وذهب في سبات عميق بعيدا عما يجري وغير مواكب لما يحدث، فانبرت القنوات المرئية تنظم المائدة تلو المائدة وكثر المتحدثون والمحللون والسياسيون وتداولت مئات الوجوه والأصوات ، وسجلت الجرائد اليومية حضورها بكشف المستور عن بعض أفراد العائلة المالكة، هل هذا ما ينتظره الشعب? هل هذا ما يخدم ثورة بلغ شهداؤها 319 شهيدا ومجاريحها 500 جريح? أرى لزاما على اعلامنا العمومي والخاص أن يكون في مستوى الحدث ليس بالحوارات فقط أو بنقل وتصوير الأحداث بل بالمساهمة في البناء وبالتأطير وبالوقوف ضد السلبي وبغرس روح الوطنية من جديد وبالتحسيس بالمسؤولية ضمن ومضات وقصائد وأغان وكلمات ويخرج بذلك من الجري على هامش الثورة بل يجب أن يكون ضمنها ومعها يحميها ويؤطرها ويخدم مصالحها دون نسيان التقنيات الحديثة في إيصال المعلومة حتى لا يدخل الملل على المشاهد«القنوات التونسية ما تلقى فيها كان الحديث» جملة تتردد في المنازل والمقاهي هذه الأيام، ما ضر لو تم إعداد ومضات تحت روح المواطنة وإحترام الغير وتحمل المسؤولية والحث على البناء ومطالبة الجميع بالاضافة والصبر على الأقل هذه الأيام حتى ينتعش هذا المولود الجديد، حتى لا يكتب التاريخ أن الشعب التونسي قتل ثورته في المهد، هل بالإمكان أن تحل كل مشاكلنا الآن وفي طرفة عين? هل بالإمكان أن تكون لهذه الحكومة المؤقتة عصا سحرية لحل رواسب عقود مضت? هل بالإمكان الآن وهل تتوفر الامكانيات لنقضي على التفاوت بين الجهات والفقر والبطالة ونحل مشاكل كل عائلة في هذا الوطن الحبيب? هل في هذا التوقيت بالذات يمكن أن نحل مشاكل قطاعات كالأمن والتعليم وغيره? لا بد أن يكون لإعلامنا المرئي والمسموع والمكتوب دور في كل هذا: في التأطير والتوجيه وكذلك في إيجاد الحلول ما ضر لو فتح ملف الصحة وملف التعليم وملف الفلاحة... حينئد سنكتشف الأفكار ومعها الحلول لبطالتنا وفقرنا ونفتح باب الأمل على مصراعيه للأجيال القادمة... ماضر لو كرست هذه الوسائل حب الوطن ومحبة الآخر والصبر على حالة ظرفية بعد أن ضمنا خروج الطغاة والسراق وقطاع الأرزاق. هذا ما ننتظره من إعلامنا حتى يذكر له التاريخ أنه كان فاعلا وليس ناقلا وأنه شهد نقلة نوعية صورة وصوتا وكلمة وتقنيات وليس المرتد الى آليات وأبجديات عقود مضت.