إن إصدار بطاقة جلب ضد الرئيس المخلوع وزوجته قبل محاكمتهما امر ايجابي ولو ان عمل المحاكم قد سار في الحقيقة على محاكمة المتهم غيابيا اذا اتضح انه احيل عليها بحالة فرار غير ان اصدار بطاقة جلب من شانه ان يحقق شفافية المحاكمة واصدارها قبل المحاكمة من شانه ان يدحض محاجة الحكم الذي سيصدر في القضية بخرق قاعدة اجرائية تمس بمصلحة المتهم الشرعية وفق احكام الفصل 199 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي جاء به: تبطل كل الاعمال والاحكام المنافية للنصوص المتعلقة بالنظام العام او للقواعد الاجرائية الاساسية او لمصلحة المتهم الشرعية . والحكم الذي يصدر بالبطلان يعين نطاق مرماه . علانية محاكمة المخلوع وزوجته وسير الجلسات : للدلالة على ان «المخلوع» وزوجته وكل من قد يحال معهم بالجلسات القادمة قد تمتعوا فعلا بمحاكمة عادلة وشفافة يجب ان تكون الجلسات علانية ولمن شاء ان يحضرها من العموم او وسائل الاعلام وفي ذلك ضمانة اكيدة لشفافيتها وعلامة دالة على نزاهة المحكمة، وذلك من شانه ان يؤمن احترام اجراءات التقاضي والمحاكمة بصفة قانونية، ولقد ورد بفقه القضاء في ذلك: لئن كانت الإجراءات الجزائية في معظمها إجراءات إستقرائية ينكمش فيها، مبدأ الحياد في مفهومه الفني وتنصرف يد الباحث إلى جميع الأماكن التي قد توجد بها أشياء تساعد على إظهار الحقيقة إلا أن مرحلة المحاكمة، وعلى خلاف طور التحقيق، تكون الإجراءات فيها إدعائية تقف عند حد المواجهة والشفاهية والعلانية فلا يمكن للحاكم أن يبني حكمه إلا على حجج قدمت أثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم. كما تقدم ووفقا لاحكام الفصل 143 من (م ا ج) تكون المرافعات علنية وبمحضر ممثل النيابة العمومية والخصوم الا اذا رات المحكمة من تلقاء نفسها او بناء على طلب ممثل النيابة العمومية اجراءها سرا محافظة على النظام العام او مراعاة للاخلاق الحميدة وينص على ذلك بمحضر الجلسة». ومحاكمة الرئيس المخلوع وزوجته في جلسة علنية وشفوية من شانه ان يؤكد نزاهة القضاء، فحضور الجمهور جلسة المحاكمة شهادة على براءة المشتبه به ان صرح بها وكذلك شهادة على ادانته اذا نطقت المحكمة بذلك. ويحتم مبدا شفوية المرافعة على المحكمة سماع كل اطراف القضية وشهودهم واهل الخبرة عند الاقتضاء وكذلك ممثل النيابة العمومية . وكما هو الحال في الاستدعاء الموجه للمظنون فيه للحضور لدى السيد حاكم التحقيق فان الاستدعاء او بطاقة الجلب التي توجه له للحضور لجلسة المحاكمة يجب ان تتضمن ما يلي : بيان المحكمة المتعهدة بالقضية ومكان وساعة وتاريخ الجلسة . بيان الفعل الواقع من اجله التتبع والنص القانوني المنطبق عليه . وخلال المحكمة المتعهدة بالنظر في التهمة باجراءات استدعاء المظنون فيه يعد انتهاكا للضمانات التي يجب ان يتمتع بها . ولقد أبدت محكمة التعقيب تشددا بخصوص وجوب تبليغ المظنون فيه الاستدعاء للجلسة قبل محاكمته، اذ تقول: اذا لم يشعر المتهم بيوم الجلسة وصدر الحكم ضده فذلك يعد من قبيل خرق القانون والاخلال بحقوق الدفاع مما يؤدي حتما الى النقض. كما ورد بقرار اخر في السياق نفسه: جذر الاستدعاء الخالي من امضاء المستدعى ومن التنصيص على سبب ذلك مع عدم علمه بجلسة الحكم يكون به الاستدعاء باطلا وينقض من اجله الحكم . ولقد عدت محكمة التعقيب اخلال المحكمة باجراءات استدعاء المتهم للحضور لديها مساسا بمصلحته الشرعية موجبا لنقض الحكم المعقب. وهو ما يحتم كما سلف تحقق المحكمة المتعهدة بالقضية المحال فيها المخلوع من انه تم التنبيه عليه بالحضور للجلسة بكافة الطرق المنصوص عليها كما سلف بنص القانون. أهمية احترام اجراءات استدعاء المخلوع وزوجته للحضور لجلسة بالدائرة الجنائية ان احترام المحكمة المتعهدة بالقضية المحال فيها المخلوع وزوجته اجرءات تبليغها استدعاء الجلسة ضمانة اكيدة لحقوق دفاعهما وذلك هو الشرط الاول لامكانية كساء الحكم الذي سيصدر خارج البلاد التونسية صيغته التنفيذية اذا صدر بالادانة والتغريم وهو امر اجرائي من النظام العام فالمحكمة الاجنبية بالبلد المراد اكساء الحكم بصيغته التنفيذية ان يقضي بعدم الاكساء خاصة انها ستنظر في مدى احترام اجراءات الاستدعاء لحضور المحاكمة وان اتضح لها انه وقع الاخلال بها فستقضي برفض طلب الاكساء وهو امر على غاية من الخطورة ولا اعتقد ان ذلك امر سيفوت الدائرة الجنائية المتعهدة بالقضية ويجب الاشارة الى انه بتحقق بلوغ الاستدعاء للمخلوع وزوجته فان المحكمة ستباشر بذلك اجراءات المحاكمة والبت في التهم المحالين بها. يتبع بقلم الاستاذ مصطفى صخري (محام لدى التعقيب ومدرس جامعي بالمعهد الاعلى للمحاماة وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس)