والحالة على ماهي عليه. هل أن الفلاحين في حاجة إلى هؤلاء المرشدين الفلاحيين؟ أم أن المرشدين أنفسهم في حاجة إلى أن يرشدهم الفلاحون؟ وهل مازال الفلاح محتاجا لمن يرشده ويقول له لا تزرع قبل الحرث. ولا تسلخ قبل الذبح؟ أم من الحكمة أن يصبح الفلاح مرشدا للحكومة وحكماء الحكومة وأعوان الحكومة يا حكومة؟ قسما بالزرع والضرع لولا الحياء وصلابة حبل الصبر الذي به يعتصم الفلاح على هم الزمان لانفجر من زمان احتجاجا على غبنه ومعاناته لا من فساد الخنزير الوحشي للمزروع. ولا من ضرر البزويش في المزارع. ولا ممّا يتلفه الزرزور ولا.. ولا.. ولا... فذاك أهون على الفلاح من شناعة صورته في ما يسمى بالارشاد الفلاحي عند المرشدين الذين غاب رشدهم ولم يبلغوا سن الرشد الى ذات الساعة، إذ أنهم يجعلون من الفلاح في حملاتهم التوعوية الفاقدة للوعي «كاراكوزا» في لباسه. وهيئته ونطقه ومخرج حروف خطابه. ويختارون له من المظاهر أكثرها توغلا في البداوة وأقصاها عمقا في الأمية والبلاهة. فيبدو في صورة لا وجود لها حتى في الأرشيف الوطني اللّهم إلا صورة عسكر زواوة من حيث «التأخر في الربح والتقدم في الخسارة» يموتون جوعا وهم يجمعون المجبة لباي الأمحال مقابل رغيف من مخلفات علف خيول «المحلّة». ولا أحد يدري السر في علاقة وزارة الفلاحة بمرشدي القرون الوسطى؟ ولا الغاية من وراء تمسكها بطرائقهم الارشادية؟ ولا متى ستدعو الفلاحين لتوعية وارشاد مرشديها أنفسهم ما دام عكس الآية بات ضرورة متأكدة وملحة وعاجلة حتى يعرف من ضاع رشدهم خاصة في الومضات التلفزية أن في مزرة الفلاحين الدكاترة والأساتذة والمهندسين. والباحثين العلميين. وأهل التجارب والخبرات والفنيين والتقنيين والعارفين المطلعين على ما يجري في دنيا الفلاحة وراء الحدود. وكلهم يعرف «العلّة وبنت العلّة وجحش القاضي باش مات»، لا بمرض اللسان الأزرق ولا بالحمّى القلاعية ولا بالدّبرة ولا بالشمّة وإنما بأنفلونزا الارشاد الفلاحي في التلفزة.