من المتوقع ان يتم قريبا التوقيع على اتفاقية حول الهجرة المنظمة مع دولة قطر وقبلها سيتم الاعلان عن نتائج مناظرات الوظيفة العمومية خلال الشهر الجاري. وفي انتظار ذلك تتواصل أزمة البطالة. مثّل فشل ملف التشغيل المسمار الاخير الذي دقّ في نعش سياسة الرئيس السابق بن علي... فوجود أكثر من عاطل حامل لشهادة عليا في الاسرة الواحدة أجّج الاحتقان ضدّ سياساته وكان فتيل اندلاع الانتفاضة الشعبية التي دفعته لمغادرة البلاد. وبعد 6 أشهر من تنحي بن علي وتواتر ثلاث حكومات مؤقتة تستمر أزمة البطالة وربّما تفاقمت... اذ سجّل عدد العاطلين خلال الأشهر الماضية ارتفاعا ملحوظا من 13,7 بالمائة نهاية 2010 الى حوالي 20 بالمائة خلال هذه الفترة وفقا لارقام وزارة التشغيل حوالي الربع منهم من حاملي الشهائد العليا... وتسجّل ولايات قبليوقفصة وسيدي بوزيد وجندوبة وتطاوين نسبة بطالة في صفوف الشباب تفوق 40 بالمائة. أرقام قد لا تسمع ولا ترى وسط هذه التخمة من الحراك السياسي على حد قول عاطلة من ولاية قفصة حاملة لشهادة تقني سامي في الاتصالات والعاطلة منذ أكثر من عام هاتفتنا غاضبة تشتكي من خوفها من أن تزيد مدة بطالتها عام اضافي. ويرى بعض المختصين في التشغيل أن وضع حلول آنية وعاجلة للتخفيف من مأزق البطالة حاليا يظل أمرا صعبا خاصة وان الاقتصاد لم يسترجع بعد نسق نشاطه العادي. ورغما عن ذلك تم اعداد مخطط انتدابات، انطلقت الحكومة المؤقتة في تنفيذه، سيضمن توفير أكثر من 75 ألف موطن شغل جديد... منها 20 ألف فرصة انتداب في الوظيفة العمومية سيتم الاعلان عن نتائج المناظرات الخاصة بها خلال شهر جويلية الجاري و20 ألف موطن شغل في القطاع الخاص يجري اعداد الصيغة التي سيتم اعتمادها في الانتدابات و20 ألف موطن شغل سيوفرها الجيش الوطني والأمن بالاضافة الى مواطن الشغل التي ستوفرها المشاريع النموذجية طويلة المدى والمقدرة بحوالي 10 آلاف موطن شغل وتلك التي ستوفرها الجمعيات والمنظمات المقدرة بألفي موطن شغل. كما «توقّع» برنامج التشغيل الذي تم اعداده صلب وزارة التشغيل توفير بعث المشاريع الخاصة ما يقارب 5 آلاف موطن شغل بالاضافة الى مساهمة الهجرة في توفير مواطن شغل لألفي عاطل عن العمل. هذه الارقام تظل غير كافية مقارنة بالعدد الجملي للعاطلين والمقدّر بحوالي 750 ألف عاطل اذا ما تم احتساب العائدين من ليبيا والمتخرجين الجدد من الجامعات وفاقدي الشغل بسبب الاضرار التي لحقت بالمؤسسات خلال الثورة وبعدها والمهددين بفقدان مواطن شغلهم بسبب أزمة القطاع السياحي... والمتأمل في الارقام يلاحظ أن برنامج التشغيل لن يوفّر سوى ما يقارب حوالي 10 بالمائة من فرص التشغيل اي حوالي تشغيل 75 ألف عاطل من مجموع 750 ألف عاطل عن العمل. وتستمر وزارة التشغيل في البحث عن حلول طويلة المدى لفك مأزق البطالة منها البحث عن تحيين اتفاقيات الهجرة المنظمة او توقيع اتفاقيات جديدة من ذلك الاتفاقية التي من المنتظر توقيعها مع دولة قطر لتنظيم الهجرة ولتصدير الخبرة التونسية في مجال التكنولوحيات الجديدة ومجال الصناعة الغذائية وقد تكون هذه الاتفاقية ثمرة الزيارة التي أداها وزير التشغيل سعيد العايدي مؤخرا لدولة قطر مرفوقا بوفد تجاري تونسي. كما تسعى الوزارة الى تذليل الصعوبات أمام الباعثين الشبان من ذلك مساعدتهم ماديّا على مستوى توفير التمويل الذاتي والذي يعطّل على الأقل 250 مشروعا في ولاية القصرين وحدها وفقا لما نشرناه سابقا نقلا عن ممثل لديوان وزير التشغيل. كما تسعى الى اطلاق حملة تحسيسية لتحسيس العاطلين بأهمية دورهم في الحصول على شغل. لكن هل تكفي مجهودات الوزارة وحدها لحل أزمة لثقلها أطاحت بالرئيس السابق بن علي وما تزال الشوكة التي ستنغرس في حلق الحكومة القادمة؟ لماذا لم تقدم الاحزاب بعد أي مشروع لها حول فك أزمة البطالة؟ أم أن السياسيين تناسوا العاطلين؟ أي مشروع للجمعيات والمنظمات لهؤلاء العاطلين من يعجز بعضهم خاصة من متساكني الارياف عن الوصول الى مكاتب التشغيل للاطلاع على فرص التوظيف نظرا لضيق الحال؟ أليس من الأجدر توجيه الاموال لتوظيف العاطلين بدل تمويل خطب سياسية كره الاغلبية الاستماع اليها؟ أسئلة يرددها العاطلون... ونرددها معهم.