قال أحد المحامين العراقيين أن الرئيس صدّام حسين لن يواجه عقوبة في صورة ادانته من طرف المحكمة الخاصة تتجاوز 15 سنة على اعتبار أنه سوف يحاكم انطلاقا من بنود ومواثيق معاهدة جينيف ومعاهدة روما. وهي لا تحتوي لا على عقوبة الاعدام ولا على عقوبة بالسجن تتجاوز ال15 سنة. فذلك أقصى حكم يمكن أن تصدره محكمة في مثل القضايا والتهم المنسوبة للرئيس الشرعي للعراق صدّام حسين. وذكر هذا القانوني أنه في مثل هذه الحالة يصبح تمنّي الاعدام لصدّام سرابا ويصبح القرار القاضي بإعادة العمل بعقوبة الاعدام في العراق الذي ألغاه بريمر وأعادته حكومة علاوي حتى يطبّق على الرئيس بلا معنى. وأتى هذا التصريح في اطار ما كشف عنه علاوي من جديد حول المحاكم التي قال أنها قد تتم خلال الشهر القادم. وكان علاوي صرّح من قبل أن محاكمة صدّام لن تتم الا في ظل حكومة شرعية منتخبة أي منطقيا بعد شهر جانفي 2005 وذلك حتى تكون المحاكمة شرعية وقانونية، كما قال في الأول ثم تراجع عن ذلك هذه الأيام. وهذا ما يضع السؤال حول خلفية هذا التراجع والمقاصد منه؟ إن السبب يعود اضافة الى تخبّط هذه الحكومة في كل قرار لها الى تلهية الشعب العراقي والرأي العام الدولي عما يحدث وسيحدث في العراق خصوصا أن الحديث عن قرب عن المحاكمة تزامن مع ما كشفته «النيويورك تايمز» حول اعداد خطة أمريكية عراقية لهجوم كاسح ونهائي على المناطق المتمردة في العراق وتطيهرها نهائيا من المقاومة وهو ما سيكلف العراقيين مرة أخرى الكثير من الدم والكثير من الخراب وهو ما يحتاج بدوره الى تغطية وستر ومواراة. فمحاكمة صدام في ظل هذه الخطة ستمثل تلهية عن جريمة كبرى أخرى يعد لها علاوي الذي كثرت جرائمه وتعددت مذابحه للشعب هناك. ولربما يظن العلاوي أن محاكمة صدام في عهده سوف تزيد من عدد المساندين لحكومته وسوف تمثّل انجازا لحكومته التي لم تنجز شيئا عدى عن ذبح وقتل العراقيين في الأنبار والفلوجة والنجف وكربلاء والبصرة والحلّة والناصرية والكوت وسامراء والموصل وغيرها من المدن العراقية. وها هي مذابحه توجه منذ مدة للقرى العراقية ولسكانها المدنيين العزل! إن هذا الانجاز في ذهن العلاوي سيحسب في رصيده وشعبيته وشرعيته المفقودة خصوصا أنه فشل على طول الخط في كل شيء حتى في مسألة المؤتمر الوطني الذي بعثه بعد بعث الحكومة وليس قبلها كما وعد من قبل، ثم طعّمه بأعضاء الحكومة كلهم فيما هو مطالب أي المؤتمر ان يكون رقيبا عليها كما وعد أيضا وكما يقول المنطق. إن هذا الفشل السياسي الذريع في ترتيب أبسط مسألة والتخبّط في قرارات هي الاسهال جعلت رصيد علاوي لا يتجاوز الصفر هذا بالاضافة طبعا الى فشله في اقرار الامن واعادة الاعمار واقامة علاقات طبيعية سواء مع دول الجوار او دول العالم الاخرى. وحتى الموقف الذي صدر مؤخرا عن وزراء الخارجية العرب الذين يدعم حكومته ويندد بالارهاب فإن علاوي يعلم ان ذلك مجرد كلام لن يغيّر من الواقع شيئا ولن يرتد على الداخل العراقي الا كصدى لكلام وبيانات عربية شهيرة بنهاياتها وبدلالاتها التي لا تعني شيئا في الأخير! وواضح أن العلاوي يبحث عن انجاز ما، أي انجاز وواضح أيضا أنه فشل في كل الاستحقاقات. وإذن فلماذا لا يجرّب مرة أخرى اللعب بورقة محاكمة صدّام تلهية وبحثا عن انجاز! وتقول الحقائق أيضا أنه لا يمكن لعلاوي أن يقدم على هذه الخطوة بدورها بدون أن يكون هناك طرف خارجي أوحى له ووافق على هذا الأمر. وتذهب الظنون مباشرة صوب شريكه جورج بوش الذي يعاني من أزمة مصداقية لكل سياساته الخارجية وخصوصا لحربه على العراق الشيء الذي ستكون له تأثيرات على مستقبله السياسي وعلى نتائج الانتخابات الأمريكية التي ستتم خلال شهر نوفمبر القادم لذلك قد لا يكون صدفة أن يختار علاوي الشهر الذي قبله (أكتوبر) لمحاكمة صدام، اذ قد تُحسب هذه المحاكمة أيضا كإنجاز للرئيس الأمريكي بدوره. وليس صدفة أيضا ان يدعى الى زيارة أمريكا في هذا الظرف بالذات. فهناك سترتّب العملية ويقع تحديد فصول مسرحية المحاكمة في جوانبها القانونية والدعائية على وجه الخصوص. اذ هي تحتاج الى اخراج والى «بروبا غندا» تتجاوز عقل وقدرات رئيس حكومة العراق المؤقت واللاشرعي. وفي هذا الاطار يأتي التراجع عن تاريخ المحاكمة وتبرز ضرورات التلهية بها!