في البداية، امتلأ الموقع الاجتماعي بصور من المسيرة التي شارك فيها الكثير من الأحزاب والمنظمات ووجوه المجتمع المدني، ورفعت فيها شعارات يغلب عليها التمسك بحرية الإبداع وبرفض العنف خصوصا ضد المثقفين والمفكرين. كما تم نشر مقاطع فيديو عن المسيرة وعن غيرها من التظاهرات التي تأتي في نفس الإطار مثل الكلمة التي ألقتها الفنانة جليلة بكار وتتحدث فيها عن احتمالات سيطرة العنف السلفي على الفضاء العام. وبعد ذلك بقليل، تحركت أصوات أخرى، تسخر من المسيرة، ومن الشعارات المرفوعة، حيث كتب أحدهم «المسيرة لم تخرج لمحاسبة الحكومة أو المطالبة بمحاكمة الفساد، بل لدعم من يسب الإسلام والجلالة ويسخر من مقدسات الشعب التونسي». وفي هذا المجال، تحملت صفحة الثورة التونسية التي تضم أكثر من 180 ألف منخرط أثقال هذه المعركة، ونال المشرف على الصفحة النصيب الأوفر من الشتائم والتهجم لأنه سمح بنشر مقالات تسخر من المسيرة ومنظميها، خصوصا وقد بلغ الأمر حد شتم بعض الشخصيات المعروفة في المسيرة. هذا رغم أن المشرف أو المشرفين على الصفحة يذكرون بأنها فضاء عام للنقاش. وكتب ناشط معروف ردا على هذه الهجومات: «كانت مسيرة ضد العنف ولاشيء آخر، ليست مسيرة ضد الإسلام أو النهضة، المشرف على الصفحة، هذا الرأي لا يعجبك أنت وبعض النهضويين، أتساءل لماذا تتمسكون بالعنف وعلى تقسيم الشعب التونسي». من الناحية العددية، كان الهجوم على المسيرة ومنظميها أكثر حضورا، وقال ناشط حقوقي معروف في صفحة أخرى إن «كتائب النهضة» قد تحركت بكثافة في الموقع للهجوم على الحقوقيين. وفي الحين عادت الردود والتعاليق عنيفة، مستندة إلى عشرات المسيرات التي تم تنظيمها في العاصمة وداخل البلاد للوقوف ضد أي مس من مقدسات الشعب التونسي. وكتب ناشط إسلامي: «حرية المعتقد ليس أن تمس الديانة والرسل وربي سبحانه. هذه هي الحرية التي تنادون بها؟ عاد والله كنا مرتاحين ومحترمين قبل»، مع الإشارة إلى أن هذا التعليق تضمن كلاما يمنع نشره لما فيه من شتائم ضد المخرجة نادية الفاني وتهديدات يعاقب عليها القانون. أما من باب الطرائف، فقد عثرنا على صور نشرها منتقدو المسيرة لبعض المشاركين فيها، ومنها صورة لإمرأة تحتضن كلبا من نوع يربيه الأغنياء واستغلوا الصورة للمقارنة بين من ينفق أموالا طائلة على كلب، ومن يناضل من أجل الماء الصالح للشراب في هذا الصيف القائظ.