لم تفلح الدعوات الصادقة لإخماد الفتنة في سيدي بوزيد، وتناقلت الصفحات التونسية على الموقع صور المباني والمؤسسات المشتعلة في المدينة، وأخبار إيقاف العشرات من الأشخاص ثم إعلان حظر الجولان، من يلعب بالنار في سيدي بوزيد ؟ يجب أن نذكر هنا أننا عثرنا على وثيقة خطيرة إنما مجهولة المصدر يتم تداولها يوم أمس في الموقع الاجتماعي، فيما كتب أحد سكان سيدي بوزيد إن ثمة من يوزعها على شباب الجهة، وبدت الوثيقة مليئة بالمغالطات الخطيرة والتحريض تتوجه إلى سكان ولاية سيدي بوزيد بعبارة «يا شعب سيدي بوزيد الأحرار» ويزعم كاتبوها أن الجهة تتعرض إلى حملة تشويه من النخبة السياسية والإعلام. ومحتوى هذه الوثيقة خطير ويدعو إلى الفتنة الجهوية بشكل واضح، لكن لا أحد يعرف مصدرها. ومنذ صبيحة الأمس، رفعت مئات الصفحات التونسية عناوين مثل «انكشفت خيوط اللعبة»، وتحدث كثيرون عن تهم يوجهونها لبقايا التجمع المنحل. ناشطون حقوقيون بكوا مدينة بوزيد منذ صبيحة الأمس، وبعضهم نشر قصائد مرتجلة في الحث على مواجهة الفتنة، وتم تناقل شعار «سيدي بوزيد في القلب يا أولاد...، والغريب أن صفحة معروفة نشرت أسماء سبعة أشخاص من سيدي بوزيد تنسب لهم تحريك الفتنة. بعض الناشطين تجاوزوا التهم العامة إلى نشر صور أشخاص بهوياتهم كاملة يتهمونهم بالتورط في التحريض على الفوضى والعنف وإضرام النار في سيدي بوزيد، فيما تساءل ناشطون كثيرون عن سبب عدم إيقاف هؤلاء أو على الأقل دعوتهم للتحقيق ما دام الجميع يعرفهم ؟. ولأن العنف لم يتوقف، فقد استمرت النداءات الصادقة للهدوء وبرز العديد من الحقوقيين بمحاولة تبديد الشكوك والإشاعات التي كانت وراء اندلاع هذه الأحداث. وعند منتصف نهار أمس، أجمعت أغلب الصفحات على أن السيد الهاشمي الحامدي هو أصل هذه البلية، خصوصا حين ادعى في إحدى الإذاعات أن كاتب عام حركة النهضة قد أهانه وأهان أهالي سيدي بوزيد، بالإضافة إلى ما روجه بعض أصحاب الأسماء المجهولة على الموقع من إشاعات تزعم أن إلغاء بعض قوائم العريضة كان حربا غير معلنة على أهالي سيدي بوزيد. بالتوازي مع ذلك، تم تداول مقال ممتاز للمفكر عدنان المنصر يقدم فيه قراءة جيدة للأزمة التي تسبب فيها السيد الهاشمي الحامدي الذي يسميه «أحد أشهر متحيلي ما وراء البحار». وجاء في هذا المقال أن السيد الحامدي الذي لم يتوقع أن تعرض عنه النهضة «يريد أن يحرق الأرض بمن عليها باستعمال نفس الأدوات التي استغلتها العريضة في حملتها الانتخابية: إثارة التعاطف مع قضيته، تعميق الشعور بالظلم، التشكيك في نزاهة الهيئة المستقلة للانتخابات، وإثارة الفوضى باستعمال العناصر التجمعية التي نجدها اليوم (مرة أخرى) في مقدمة أعمال الحرق والتدمير. ولكن الأهم من كل ذلك هو إجبار إخوان الأمس على التفاوض معه، خاصة وأن الرجل بدأ في تسويق صورة المؤامرة ضد شخصه وكذلك ضد كل الفقراء الذين يفترض أنه يمثلهم». ولقي المقال إعجاب الكثيرين، وتعاليق جيدة، فيما كتب يساري معروف بعدائه الشديد لحركة النهضة: «الطريف في سيدي بوزيد أن الناس يتظاهرون للدفاع عن بقايا التجمع المنحل، والشرطة أصبحت تدافع عن النهضة»، فيما كتب مناضل نقابي متأسفا: «يا للعنة، العركة في لندن، والتكسير في سيدي بوزيد كالعادة، من يخرجنا من هذه المتاهة ؟». ك. الشارني