للإشارة فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أصدرت تعليمات للجزائريين المقيمين بالبلاد التونسية حتى يرسموا أسماءهم في قائمات المتطوعين للقيام بالأعمار المقررة من طرف الحكومة التونسيةببنزرت19. ومن خلال هذا البيان نستشف أن الحكومة الجزائرية كانت تعتبر أن المعركة مع الاستعمار هي معركة واحدة ولا تخص شعبا معينا وتدعو إلى تضافر الجهود لهزمه وطرده وفي الآن نفسه تعبر عن تضامنها ومساندتها لكفاح الشعب التونسي لتحرير بنزرت من الاحتلال الفرنسي. وقد عبر الرئيس بورقيبة «عن شكره وامتنانه للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ورئيسها فرحات عباس الذي عرض علينا قبول المتطوعين وأننا مستعدون لقبولهم خاصة أن الإخوة الجزائريين المدربين على حرب العصابات والذين لهم خبرة برجال المظلات وحربهم ويريدون أن يتعاونوا مع الشعب التونسي في نطاق تضامن المغرب العربي فتكون هذه خطوة عملية حساسة في طريق تكوين هذا المغرب الكبير وتدعيمه وإخراجه من حيز الفكر إلى حيز»20. وفي هذا السياق وجه الرئيس بورقيبة برقية إلى الرئيس فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية هذا نصها : «لقد تأثرت شديد التأثر للبرقية التي تفضلتم بتوجيهها إلي باسمي الخاص وباسم الحكومة والشعب التونسي أعبر لكم عن أحر تشكراتي لتضامنك. معنا في المعركة التي نخوضها لتحرير كامل ترابنا الوطني وتنظم هذه المعركة إلى المعركة التي يخوضها الشعب الجزائري المظفر21». وفي هذا الإطار اتصل مندوب الديوان السياسي للحزب الحرّ الدستوري بالقصرين صباح يوم 24 جويلية 1961 بممثل جبهة التحرير الجزائرية برسالة أعرب فيها اللاجئون والمتطوعون الجزائريون بالقصرين عن تأييدهم الكامل لإخوانهم التونسيين في معركة الجلاء وتضمنت هذه الرسالة قائمة للمتطوعين الجزائريين وتلقى ممثل مندوب الحزب بتالة أيضا رسالة مماثلة مصحوبة بقائمة المتطوعين الجزائريين بهذه المدينة وفي صفاقس اتصل وفد من جبهة التحرير الجزائرية بمندوب الحزب وعبر له تضامن الجزائريين مع تونس في كفاحها من أجل تخليص التراب التونسي من الاحتلال الأجنبي22». وهذا الموقف يعبر عن كرم الإخوة الجزائريين واعترافهم بالجميل الذي قدمته الحكومة والشعب التونسي لإخوانهم وأن المعركة مع المستعمر الفرنسي سواء بالجزائر أو تونس معركة واحدة لهذا هب المجاهدون الجزائريون لنصرة إخوانهم وأن المعركة مع المستعمر الفرنسي سواء بالجزائر أو تونس معركة واحدة لهذا هب المجاهدون الجزائريون لنصرة إخوانهم التونسيون وعلقت جريدة «المجاهد» الجزائرية على العدوان الفرنسي على بنزرت من طرف الجيش الفرنسي قائلة» بسبب مساندة. تونس للثورة الجزائرية وقد أراد دي غول أن يخنق الثورة ويعرقل مفاوضات أيفيان الثانية وقد أعلنت الحكومة المؤقتة الجزائرية استعدادها الكامل لوضع جميع إمكانياتها من رجال وعتاد تحت تصرف تونس لصد العدوان الفرنسي على بنزرت»23. وعقد كريم بلقاسم نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ندوة صحفية بجنيف وتطرق فيها إلى العدوان الفرنسي على بنزرت جاء فيه «أن هذه الحوادث قد أقامت الدليل على أن الاستعمار الجديد لم يلق السلاح لا في الجزائر فحسب ولكن في إفريقيا الشمالية جمعاء». وفي إطار تضامن الشعب الجزائري الشقيق مع الشعب التونسي في محنته قام وفد من الحكومة المؤقتة الجزائرية بزيارة المنذر بن عمار كاتب الدولة للصحة ويتركب من الاستاذ عبد الحميد مهري وزير الشؤون الاجتماعية والثقافية والاستاذ بوزيد مساعد رئيس البعثة الجزائريةبتونس والاستاذ أحمد بؤنا رئيس الهلال الأحمر الجزائري وقدم الوفد لكاتب الدولة للصحة تبرعات الشعب الجزائري. وتمثلت في تقديم الأدوية والمواد الغذائية والألبسة الموجهة لجرحى ولاجئي بنزرت وأدى الوفد الجزائري أيضا زيارة مماثلة إلى كاتب الدولة للصحة الفرجاني بالحاج عمار24. وقد هبت الحكومة الجزائرية لتقديم المساعدات والإسعافات للتونسيين بعد العدوان الفرنسي على بنزرت للتعبير عن تضامنهما مع الشعب التونسي. وفي هذا الإطار أيضا قام وفد من جبهة التحرير الوطني الجزائرية بزيارة لوالي القيروان يوم 7 أوت 1961 للتعبير عن تضامن الشعب الجزائري والحكومة الجزائرية مع الشعب التونسي وقدم له مبلغا قدره مائة دينار تبرعا لفائدة ضحايا العدوان الفرنسي الغاشم على بنزرت 25. يتبع (19) العمل، ع1786 ، 21 جويلية 1961، فرحات عباس يبرق إلى الرئيس بورقيبة ص5 (20) العمل، ع1787، 22 جويلية 1961، خطاب الرئيس بورقيبة، ص3 (21) نفس المصدر، ع1788 ، 23 جويلية 1961، برقية الرئيس بورقيبة إلى الرئيس فرحات عباس، ص2 (22) نفس المصدر، ع،1790، 25 جويلية 1961، المتطوعون الجزائريون ص 2 (23) المجاهد ، ع، 101، 5 نوفمبر1961، العدوان الفرنسي على بنزرت، ص3 (24) نفسها، ع1798، 02 أوت 1961، الحكومة الجزائرية تقدم مساعدة لجرحى وللاجئي بنزرت، ص 5 (25) العمل، ع1803، 08 أوت 1961، تبرعات من ممثلي جبهة التحرير الجزائرية. بقلم : الحبيب حسن اللولب (رئيس جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي)