التشكيل له عدّة معان عند العامة والخاصة وأهمها وأبرزها تشكيل الدواب وفي طليعتها الخيل وهو قيد الدابة من سيقانها الأربع بربط كل ساق الى الأخرى اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى لكي لا تتحرك الا بمقدار زهيد جدا حتى يتاح التحكم فيها بسهولة والمسك بها عند الحاجة الى الركوب عليها وتحميلها أعباء راكبها. هذا النوع من التشكيل ما كنت لأتوقف عنده لو لم أر له شبيها شكلا ومضمونا. وشكلا وإعرابا ومشكلة واشكالات أقامت الدنيا على وثيقة قرطاج الأولى وأقعدتها على وثيقة قرطاج الثانية وأعني به تشكيل الحكومة. وأكاد أجزم قطعا أنه لنفس الاغراض تماما إذ كل يفتل ويبرم من وثيقة قرطاج الشكال والعقال وكل عينه على الحكومة وكل يريد تشكيلها حتى لاتتحرك الا بمكيال يسهل معه المسك بها عند الحاجة الى الركوب عليها وتحميلها حمولة أعبائه أكاد أصبح وأضحي وأمسي على قناعة من أن تشكيل الحكومة من تشكيل الدواب كلاهما مبني على قاعدة «أربط تلقى ما تحل» في عقلية المشكلين. وهو ما جعلهم منقسمين بين شقين شق يريد تشكيل الحكومة وشق ينادي بحل الحكومة ولا خلاف بينهم لا على أمهات القضايا الوطنية ولا على حلها وإنما على حل الحكومة وتشكيلها. وفي ما عدا التشكيل والحل أظن أن ما في وثيقة قرطاج 2 مجرد حلول شكلية عند من يمسكون بزمام الحل والربط في تشكيل الحكومة يبقى الفارق أننا نرى عند تشكيل الدواب بعضا منها يقطّع الرباط في حين لم نر في تشكيل لحل الحكومات ولا واحدا منها قطع لا الشكال ولا العقال ولا الرباط ومضى خطوة الى الأمام اسألوا الشاهد كشاهد لماذا لم نره يتقدم لا أظن عنده جواب سوى التشكيل هو المشكل. إذن ما بين مربط الفرس وبيت القصيد: حكومة مشكّلة ودواب سائبة