إنّ أسباب القلق كثيرة لكن نذكر أهمها : ضعف الإيمان: فالمؤمن قوي الإيمان لا يعرف القلق. قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النحل 97). والخوف على مستقبل الأبناء فكثير من الأولياء يبالغون في الخوف على مستقل أبنائهم ولا يفارق القلق تفكيرهم وينعكس سلبا على معاملاتهم وتصرفاتهم فبعضهم يقسم الإرث في حياته على أبنائه ظنّا منه أنّه بهذه العملية يضمن وحدة أبنائه بعد موته، وشقّ آخر تراه ملهوفا على جمع المال وشراء العقارات والأراضي من حلّاله وحرامه مع ذلك يسيطر القلق على فترات حياته وإذا سألته لماذا هذا القلق؟ يقول بيقين أنا خائف على مستقبل أولادي، إنّ هؤلاء وأمثالهم لم يقرؤوا قول الله تعالى {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا} (النساء 9). كما يتسبب الخوف على الرزقفي قلق البعض ويصيبه الأرق وكأنه ما قرأ قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات 58) ولم يسمع قول الله تعالى {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا} (هود 6) حتى النمل في جحره يرزقه الله تعالى، ولا يعني ذلك أن يجلس الإنسان في بيته ينتظر أن تمطر السماء ذهباً، بل يسعى وبفعل الأسباب امتثالاً لقوله تعالى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك 15) ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال الله تعالى في الحديث القدسيّ: يا ابن آدم تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنا وأملأ يديك رزقا يا ابن آدم لا تباعد منّي فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا. (الترمذي وأبو داود) وعلى المسلم أنّ يعلم أنّ هذه الدنيا دار الامتحان وابتلاء فمن صبر نال ما تمنى من خيري الدنيا والآخرة، فكلّما حلت بالمسلم مصيبة يصبر عليها ويتذكّر قول الله تعالى {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 51) فمهما كان الغمّ فلا يمكن أن يكون أكبر من الغمّ الذي أصاب سيّدنا يونس وهو في بطن الحوت، فيكفي أن تقول بيقين وتدعو ربّ العالمين {أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء 87) فيأتي الفرج من الله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (الأنبياء 88) وإذا ألم بك حزن فلا يمكن أن يكون أكثر ممّا حلّ بمحمد صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فقال {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران 173).... فكانت النتيجة {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} (آل عمران 174) ومن أحاطت به المكائد فليقل كما قال الرجل المؤمن من آل فرعون {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} (غافر 44) فتأتي الحماية الإلهية {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} (غافر 45).