مهنة «بوطبيلة» هي عادة تجمع أغلب الدول العربية ويشتهر بها شهر رمضان، لكنها من العادات التي بدأت في الاندثار أمام التطورات الحديثة،، لكن بعض المناطق لا تزال حريصة على الحفاظ على هذه الذاكرة الجميلة.»بو طبيلة" هو شخص لم يشرف على تعيينه أحد بل نصب نفسه بنفسه، "منبها"، لإيقاظ الناس في موعد السحور، وانتشرت هذه الشخصية في البلدان العربية لكنها اليوم بدأت تتلاشى شيئا فشيئا مع تطور نسق الحياة وبداية الاعتماد على وسئال حديثة بديلة لهذا الرجل، إلا في مناطق قليلة جدا. الطبلة والعصا عرف "بوطبيلة" في تونس بطبلته وعصاه اللتين يحملهما وبزيه التقليدي الذي يرتديه وينطلق داخل الأنهج والأزقة قبل آذان الفجر، مرددا جملته الشهيرة "قوموا تسحروا"، لتنار الأضواء داخل المنازل، فالكل يستعد لتحضير وجبة السحور. هكذا يظل "أبو طبيلة" طيلة شهر رمضان يجوب بين البيوت من دون أجر لكنه ليلة العيد، يطوف على البيوت لآخر مرة ليتلقى مكافأة عمله. وفي العيد يستقبله الناس بالترحاب ويتبادلون معه التهاني، ويغدقون عليه العطايا والهدايا، ومن عطاياهم تكون زكاة فطرهم. وفي السابق، وحسب بعض الذين عايشوا فترة انتشار هذه العادة كان "المحرك" وهو العمدة حاليا هو من يقوم بمهمة بوطبيلة بنفسه وفي بعض الأحيان يكلف رجلا آخر ليتولى مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور ويدفع له أجرا معلوما مقابل هذه الخدمة الاجتماعية. وكان حين يشارف الليل على الإنقضاء يسير بوطبيلة بين الأزقة والأنهج ناقرا بعصاه على طبل صغير الحجم، ومن عاداته أيضا أنه ينادي ببعض أسماء أصحاب المنازل من متساكني المناطق الشعبية أي باب سويقة وباب الجزيرة، وغيرها على خلاف قلب المدينة العتيقة قرب "بطحة رمضان باي" التي يسكنها علية القوم من الطبقة البرجوازية، لذلك كان بوطبيلة يكتفي بالنقر على طبله تفاديا للإزعاج وإقلال راحة أفراد هذه الطبقة الاجتماعية. غير أن صوت بوطبيلة تلاشى شيئا فشيئا بسبب اتساع المدن وتفكك البنى التقليدية وزوال العائلات الممتدة والإتجاه نحو أسر صغيرة تقطن مدنا تشقها شوارع واسعة يعيش معظم أهلها في عمارات مرتفعة لا يكاد يعرف بعضهم بعضا.