«طبال السحور» او بوطبيلة في القيروان من أبرز العادات الراسخة التي حافظت عليها الجهة بفضل تضحيات من يتصدرون لهذه «المهنة» الشاقة وصبرهم لقاء جائزة ينالونها آخر شهر رمضان. وتتكامل مع مدفع رمضان الذي عاد هذا العام بعد انقطاع دام سنتين. طبلة وخشبات يصنعان ايقاعات مميزا لا يخرج عن الذوق السليم. دقات الطبلة تخفي وقع قدميه المتورمتين من المشي يجوب الشوارع والأنهج وهي عادة متواصلة تعيد الى الأذهان ذلك التقليد القديم الذي عاشه الأجداد في ظل غياب ساعات تحدد وقت الاستيقاظ لوجبة السحور التي ورد فيها الحديث النبوي «تسحروا فإن في السحور بركة». وتعود جذور هذه المهنة الى قرون خلت، غير انه لا توجد مراجع تاريخية تحدد بدقة متى وفد هذا التقليد الى المدينة غير ان التلاقح الحضاري الذي كان يصل القيروان بالشرق والغرب الاسلامي قد يكون مكن من نقل هذه التقاليد ذات الجذور المشرقية عن طريق الفاطميين.
تقاليد راسخة تتغيّر
ويقول الشاب شاكر داود عن هذه التجربة: «يقتضي عمل «طبال السحور» قرع الطبلة بصفة مستمرة وذات إيقاع يحاكي ايقاعات الأغاني الشعبية (دوم تاك دوم) اثناء تجوله بين أحياء المنطقة المحددة له ويمرّ على خبب (مسرعا قليلا). وينطلق عمله بداية من الساعة الثانية فجرا الى غاية آذان الفجر المعلن عن الامساك. الا ان تقاليد هذه المهنة تغيّرت حيث ان دور «طبال السحور» كان اجتماعيا بالأساس فكان ينادي كل رب عائلة باسمه «يا سي فلان قوم تسحر الله يباركلك»... ويطرق الباب فكان الجميع يستجيب له ثم يلتقي الجميع في المسجد ومعهم «طبال السحور» ولكن اليوم أصبحت العملية روتينية الى درجة ان البعض أصبح لا يريد سماع طبلة السحور وخصوصا العائلات التي لديها أطفال رضع. كما ان طبال السحور العصري يمر بين الانهج العصرية صامتا. علاوة على تغيّر عادات الناس في السهر والاستيقاظ فمعظم الاسر تسهر اليوم على التلفزيون والانترنات وغيرها وقد لا تحتاج الى تنبيه «المسحراتي».