يحتفظ التاريخ الفني للمطربة الراحلة فتحية خيري إنشاؤها لصالة الفتح ودورها الكبير في ذلك ولذلك أطلق عليها صاحبها أحمد الغربي اسم «الفتح». ولا غرابة أن تكون فتحية خيري في رمضان 1944 نجمة متلألأة في رحاب هذه الصالة التي كان لها دور إيجابي في بعثها، حيث كانت تحيي السهرات الغنائية على امتداد أيام شهر رمضان المعظم إلى جانب المطرب الفكاهي صالح الخميسي. وفتحية خيري واسمها الحقيقي خيرة اليعقوبي من مواليد مدينة الدهماني بالشمال الغربي التونسي انتقلت إلى العاصمة بعد وفاة والدتها لتدخل عالم الغناء والتمثيل وهي صغيرة السن إذ شاركت في السهرات الفنية المتنوعة التي كان يحتضنها ربض باب سويقة في ليالي رمضان بدرجة أولى وهي لم تتجاوز بعد الرابعة عشرة من عمرها، وأطلق عليها الشاعر والكاتب المسرحي عبد الرزاق كرباكة اسم فتحية خيري، وأول ظهور فني شبه رسمي لها كان سنة 1932 حينما شاركت في الاحتفال بعودة الوفد التونسي المشارك في مؤتمر الموسيقى العربية الأول المنعقد بالقاهرة وفي سنة 1941 انضمت إلى فرقة «شباب الفن» التي كان من أبرز عناصرها قدور الصرارفي وعلي السريتي وإبراهيم صالح واشتهرت بأداء أغنيات أم كلثوم واسمهان ومنيرة المهدية وحذقت أداء فنّ الأدوار فصارت رمز ا للغناء الشرقي، وفي 1942 التحقت بالرشيدية ليذيع صيتها بأدائها المتقن لأغنية زعمة يصافي الدهر، وفي 1944 بادرت وساهمت في إنشاء صالة الفتح التي أصبحت نجمتها الأولى في رمضان على وجه الخصوص. ويحفظ التاريخ الفني أيضا لفتحية خيري مشاركتها سنة 1958 في الحفل الغنائي لفرقة الإذاعة التونسية فور انبعاثها غداة الاستقلال. وبخصوص صالح الخميسي فهو من عائلة ذات جذور أندلسية، اشتغل في النقش على الخشب وصناعة آلتَي العود والناي، انضمّ إلى الرشيدية سنة 1938 ليتعلم العزف على الناي بإشراف علي الدرويش الحلبي القادم من سوريا وخلفه محمد التريكي الذي سرعان ما ضمّه إلى الفرقة عازفا وفكاهيا بارعا في المعارضات الغنائية وتقليد ا لفنانين والمذيعين. وفي السنة نفسها التحق بالإذاعة حيث توطدت صلته بأشهر الأدباء والشعراء من جماعة «تحت السور». وفي 1944 كان له حضوره البارز في سهرات رمضان بصالة الفتح إلى جانب فتحية خيري ليكون بذلك أحد نجوم شهر رمضان بلونه الغنائي المرح والطريف والظريف.