تونس «الشروق» امتداد الخلاف السياسي الحاصل بين النداء والنهضة إلى صراع بين كتلتي الحزبين. وعدم الفصل بين المسار السياسي المبني على «التوافق» واختلاف الموقف من الحكومة الحالية سيتسبّب في حالة شلل كلّي للبرلمان. محورية البرلمان في النظام السياسي الجديد تجعله مفترق طرق يلتقي فيه كل الفرقاء ونقطة أساسية لبداية أو نهاية كل الخلافات، هذا ما يُفسّر تسارع الحركة في أروقة البرلمان في الفترة الاخيرة إرتباطا بالازمة السياسية التي تعيشها تونس، وهي أزمة منطلقها «القصبة» مخاضها في «قرطاج» وتأثيراتها في «باردو». تأزم العلاقة تأزّم العلاقة بين حركة نداء تونس وحركة النهضة على خلفية الصراع حول بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد من عدمه أولى ارتداداته كانت في البرلمان، فالحرب الكلامية التي اندلعت منذ فترة بين قيادات الحزبين كانت أولى إنعكاساتها في الجلسة العامة الأخيرة حيث قرّر حزب نداء تونس عدم المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالسلامة الصحية وجودة المواد الغذائية وأغذية الحيوانات. حزب النداء تعلّل بعديد الحُجج التقنية لعدم المصادقة على النص، وفي الأخير خيّر النهضة بين إعادة مشروع القانون الى لجنة الفلاحة (يترأسها نائب عن حركة النهضة)، أو الى وزارة الصحة (يقودها قيادي من حركة النهضة) وهذه العملية هي بمثابة لي ذراع مع حركة النهضة وإبراز أنها لن تتمكن من تمرير قوانين الحكومة بمفردها. في الاخير تقرّر إعادة النص إلى اللجنة، ثم تغيّرت لغة الخطاب بين الحزبين لتصبح اداة للدفع الى ضرورة المحافظة على التوافق مراعاة للمصلحة الوطنية واستكمالا للمسار السياسي. تواصل الخلاف بين حركة نداء تونس وحركة النهضة يمكن أن يتسبّب في حلاة انسداد وشلل كلي في علم البرلمان فحركة النهضة لا يمكنها بمفردها المصادقة على النصوص التشريعية التي تقدمها الحكومة، وحتى ان تحالفت مع بعض الكُتل والنواب المقربين من يوسف الشاهد فإنها لن تقدر على تحقيق النصاب (109 نائبا بالنسبة للقوانين الاساسية). تصدير الخلافات للدولة نائبة حركة نداء تونس في البرلمان ورئيسة لجنة التحقيق في شبكات التسفير الى بؤر التوتر هالة عمران أكّدت أن حركة نداء تونس صوّتت في بعض المرات ضد حركة النهضة وكان ذلك في سياق عدد من مشاريع القوانين او القرارات التي تناقضت فيها وجهات النظر. وأضافت هالة عمران أن الامر يتعلق بتقدير المصلحة الوطنية، وشدّدت على ضرورة عدم تمرير ما يحدث من خلافات ومشاكل الى الدولة، وأوضحت ان تصويت حركة نداء تونس بشكل منسجم مع حركة النهضة أو بشكل مختلف يعود أساسا الى التوافقات داخل اللجان. أما نائب حركة النهضة ورئيس لجنة الحقوق والحريات نوفل الجمالي فشدّد على ضرورة فصل المسار السياسي عن المسار الحكومي، واعتبر ان القوانين لا ترتهن الى الحكومة وإنما للدولة ولكل التونسيين، وأشار الى ضرورة ان تتوفر روح وطنية في التعاطي مع النصوص التشريعية حتى لا تتعطل أشغال البرلمان. وأضاف الجمال ان قضية اسقاط الحكومة او الابقاء عليها لم تدخل البرلمان بعد، في شكلها التقني حيث مازالت محل نقاش سياسي ولم تطرح مسألة حجب الثقة على مجلس نواب الشعب، وأشار الى ضرورة أن تتوضح الرؤية ويُحل الخلاف القائم في أقرب وقت، واعتبر ان أول جلسة عامة سيتم خلالها المصادقة على قانون أساسي ستكشف حقيقة المشهد. خطورة ما يمكن ان يواجهه البرلمان من عجز في التصويت على النصوص التشريعية تكمن في أن هذه المؤسسة التشريعية عانت على امتداد سنوات عملها من ضعف الحضور وسقوط بعض القوانين والفصول بسبب عدم توفر النصاب، وكان ذلك في فترة ذروة التوافق بين النهضة والنداء. فكيف سيكون الحال في ظل الخلاف الحاصل بين الطرفين. النصاب يفرض التوافق حسابيا لا يمكن لكتلة حركة النهضة (68 نائبا) أن تمرّر أي مشروع قانون أساسي بمفردها (يتطلب 109 صوتا). كما لا يمكن لحركة نداء تونس (56 نائبا) أن تمرّر أي مشروع قانون أساسي وهو ما دفع الى ضرورة «التوافق» بين الكتلتين، خاصة وان باقي الكتل تعتبر ضعيفة من حيث التمثيلية والثقل ويجب على النداء أو النهضة جمع أكثر من كتلتين لتحقيق النصاب القانوني إن اراد كل طرف منهما الانفصال عن التوافق.