يجب تقييم أسباب فشل «قرطاج 1» حتى لا تتكرر هكذا يمكن إلزام الحكومة بتطبيق ما ورد في الوثيقة تونس – الشروق – في انتظار ما سيُفرزه مسار «قرطاج 2» من حلول للانقاذ الاقتصادي وفي انتظار ان تعطي اصلاحات الحكومة أكلها، يزداد الوضع الاقتصادي صعوبة من يوم إلى آخر وتتأكد حدّة المخاطر التي اصبحت مُحيطة بالبلاد وتستدعي التعجيل بالانقاذ. تتعقد الوضعية الاقتصادية والمالية للدولة من يوم إلى آخر بدليل ما أصبح يعيشه المواطن من معاناة يومية في مواجهة غلاء المعيشة. فمرحلة الضعف والهشاشة التي دخلها الاقتصاد الوطني منذ بضع سنوات بلغت اليوم ذروتها وأصبحت ذات انعكاسات خطيرة وتهدد بانهيار الدولة في ظل المستوى غير المسبوق الذي بلغته أغلب الارقام والمؤشرات (التضخم – المديونية – سعر صرف الدّينار - تغطية الواردات بالصادرات..). مرحلة صعبة تدفع الى التساؤل عن كيفية الخروج منها خاصة في ظل التقلبات الدائرة حاليا وما يتردد عن تحوير الحكومة وعن امكانية استئناف اجتماعات وثيقة قرطاج 2. اصلاحات.. لكن تقول الحكومة انها بصدد تنفيذ اصلاحات بعضها أتى اكله وتحسنت بفضله المؤشرات الاقتصادية في انتظار مزيد من التحسن في قادم السنوات. بينما ترى بعض الاطراف ان الدور الاصلاحي للحكومة مازال محدودا خاصة في ظل تواصل الوضع الصعب بالبلاد من مختلف النواحي على غرار ارتفاع الاسعار (التضخم) وارتفاع البطالة وانخفاض نسب الاستثمار لذلك وقع التوجه نحو خيار «وثيقة قرطاج 2». ويتمثل في تعديل وثيقة قرطاج الاصلية التي تطبقها الحكومة منذ 2016، واعداد نسخة جديدة من الاجراءات والاصلاحات تحت مسمى «وثيقة قرطاج 2» تتضمن 64 نقطة موزعة بين مجالات الاقتصاد والوضعين الاجتماعي والمالي واصلاح الإدارة والمنشآت العمومية ومنظومة الدعم والشأن السياسي. اليوم، وفي انتظار استئناف مسار قرطاج 2 (بعد اعلان رئيس الجمهورية تعليقه اثر خلاف بين الاطراف في الاجتماع الاخير) تتجه الأنظار إلى هذه الوثيقة عساها تكون منقذا وتساعد الحكومة على الانقاذ وعلى ايقاف نزيف المخاطر الاقتصادية والمالية للدولة. التزام الحكومة يطرح المتابعون عدة تساؤلات ذات علاقة بهذه الوثيقة. ويتساءل الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي هل ستكون للوثيقة القوة السياسية اللازمة حتى تلتزم بها الحكومة خصوصا بعد اتهامها بعدم الالتزام بوثيقة قرطاج 1. واقترح في هذا الصدد ان تتدارس الأطراف المعنية في مرحلة أولى اسباب فشل وثيقة قرطاج 1، رغم أنها كانت متكاملة وقوية من حيث المحتوى، وان تقدم الحكومة والاطراف الموقعة عليها وجهات نظرها حول الفشل وأسبابه ويقع تضمينها بالوثيقة 2 حتى يقع تفادي تكرارها مستقبلا. كما اقترح ان يقع عرض الوثيقة 2 على لجنة المالية بالبرلمان قصد مراجعتها وتدقيقها باعتبارها الأكثر إلماما بقدرات الحكومة وبامكاناتها المالية وبارتباطاتها الخارجية وايضا بالوضع الداخلي. وضع دولي من جهة أخرى شدد محمد صالح الجنادي على ان تكون وثيقة قرطاج 2 مواكبة للتطورات العالمية وأن تأخذ بعين الاعتبار خاصة نمو الاقتصاد العالمي والوضع في الدول الشريكة والصعوبات التي تواجهها وكذلك تواصل ارتفاع سعر البترول وتواصل تراجع سعر صرف الدينار التونسي وارتفاع الديون الخارجية للدولة. فإذا كانت تنصيصات الوثيقة خارج سياق هذه الاعتبارات فان الحكومة ستجد صعوبة في تطبيق ما ورد فيها. وعلى الصعيد الداخلي اعتبر المتحدث انه يجب ان تأخذ الوثيقة ايضا بمتطلبات قانون المالية 2018 وأيضا بما قد يقع اقراره في قانون المالية التكميلي في صورة اتخاذه وبالمنظومة القانونية المتوفرة حاليا وبامكانات الدولة المالية والبشرية واللوجيستية لتنفيذها. كما دعا ايضا الى ضرورة التنسيق والتناغم بين الاصلاحات التي شرعت فيها الحكومة وبين الاصلاحات المقترحة في هذه الوثيقة حتى لا يحصل التداخل وتتعطل الاصلاحات الحقيقية. ونبه المتحدث أيضا إلى ان تحقيق بعض الاصلاحات الواردة في هذه الوثيقة قد يتطلب اجراء تحوير وزاري في القطاعات التي تشهد فيها الاصلاحات الى اليوم تعطيلات كبرى. وقال ايضا ان الوثيقة يجب ان تتضمن ارقاما ومؤشرات تلتزم الحكومة بتحقيقها بعد ان تتبنى هذه الوثيقة في إطار برنامج عملها للفترة القادمة، وليس مجرد كلام فضفاض وسطحي لا يلزم الحكومة في شيء.