الطرق الصوفية هي في نهاية المطاف طرق لذكر اللّه وللتقرّب إليه بالتضرّع وبالدعاء، هي مقاربة إيمانية يرى فيها البعض جوانب فلكلورية تبتعد بالمريد عن عبادة اللّه مباشرة... ويراها آخرون طريقة للتعمّق أكثر في دنيا الإيمان والغوص في بحورها العميقة تقرّبا الى اللّه... فالإنسان عندهم يسمو بذوبانه في اللّه وفي بحثه عن أعلى وأرقى الدرجات الإيمانية. والتصوّف عند سيدي ابراهيم الرياحي هو من الصنف الثاني. الصنف الذي ينبذ كل ما يمتّ للشعوذة بصلة. والصنف الذي يركز على السعي الدائم للمريد للتعمّق في حبّ اللّه وفي عشق كل ما يقرّب إليه وكل ما يدعم الإيمان به وكل ما يساعد الروح على الارتقاء في حبّ اللّه وفي حبّ طاعة اللّه. التصوّف عند سيدي ابراهيم وهو ما تنضح به آثاره وأشعاره وكتاباته ورسائله هو تهذيب للنفس وللروح وهو مناجاة لخالق الكون بطريقة يسعى فيها المريد أن يتخلّص أكثر ما يمكن من الدنيا ومن همومها ومن شجونها... كما يسعى فيها الى التقرّب أكثر ما يمكن من اللّه ومن كل ما يقرّب الى اللّه من ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم ولخصاله وشمائله ومن أدعية ومعان مستمدّة من كتاب اللّه ومن سنّة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وقد درّب سيدي ابراهيم الرياحي نفسه منذ الصغر على هذه «الرياضة الروحية» إدراكا منه لعظمة اللّه ولعظمة الكون الذي خلقه اللّه ولعظمة الرسالة المحمّدية ومآثرها على البشرية جمعاء، لذلك كان منذ البداية من مريدي الطريقة الشاذلية نسبة الى سيدي أبي الحسن الشاذلي، حيث أخذ أسرار ومفاتيح الطريقة عن شيخه سيدي البشير الزواوي المشيشي الذي ينتهي نسبه الى سيدي عبد السلام بن مشيش شيخ سيدي أبي الحسن الشاذلي... وحتى تحوّله من الشاذلية الى التيجانية فقد كان يندرج في نفس الإطار... إطار البحث عن المزيد من السمو الروحي ومزيد الذوبان في حبّ اللّه... وهو أمر لا تناقض فيه لأن كلتا الطريقتين تعودان في الأصل لمشائخ أجلاء ولأقطاب من المغرب الأقصى أولا... ولأن كلتا الطريقتين وإن اختلفتا في الأذكار وفي بعض التفاصيل فإنهما تلتقيان في حبّ اللّه وفي حبّ التقرّب لله حدّ الذوبان في كل معاني وأبعاد الربوبية... وكذلك استكشاف المزيد من الأسرار والمفاتيح التي تساعد على مزيد تهذيب الروح والنفس والغوص في ثناياهما واستخراج كل ما يقرّب الى اللّه وييسّر طاعته. وبهذه الروح وبهذا التفاني في البحث عن أسرار الطرق المقرّبة الى اللّه والمدعّمة للإيمان سوف يغوص سيدي ابراهيم الرياحي في ثنايا وتفاصيل الطريقة الصوفية بعد أن أخذ مفاتيحها من القطب سيدي أحمد التيجاني... وسوف يعمل صحبة جمع من المريدين على نشرها داخل تونس وخارجها. وإلى حلقة أخرى