إطلاق لقب العلاّمة على الشيخ ابراهيم الرياحي لم يكن من قبيل المجاملة أو المداهنة، بل إنه جاء لتوصيف حالة قائمة ولتتويج علم شامل ولإنصاف رجل جمع فأوعى وعمل بجدّ واجتهاد لتحصيل ثقافة موسوعية في شتى صنوف العلوم والمعارف، من الدين الى الفقه الى المذاهب الى القضاء والقواعد الشرعية الى الإلمام بخفايا السياسة وخيوطها الى نظم الشعر. والشعر عند سيدي ابراهيم الرياحي ليس عنوان قريحة فيّاضة منسابة فحسب، بل هو عنوان تفوّق ونبوغ، فقد عرف عنه سرعة البديهة وغزارة النظم، كما جعل الشيخ ابراهيم الرياحي من الشعر عنوانا لعبقريته الفذّة حيث مزج فيه كل الأغراض الدنيوي منها والروحي، فهو يقول شعرا في حضرة سلطان المغرب فيقنع ويفحم ويقول شعرا في الدفاع عن شيخه القطب أحمد التيجاني فيبدع ويجلّي الأرواح ويكتب في شؤون القضاء والسياسة فيستعرض معارفه وقدراته بشكل يجلب له كل الاحترام والتبجيل. فقد وصلنا من أشعاره المنشورة والمجموعة حوالي 2050 بيتا. وقد تنوّعت قصائده من القصائد القصيرة جدا الى القصائد المطوّلة، فقد كتب قصائد من بيت واحد حمّله لبّ المقال وكتب القصيدة ذات الطول المتوسط من 85 بيتا كما كتب المنظومة النحوية ذات ال188 بيتا. وقد توزعت قصائده في أغراض المدح والتوسّل والرثاء وطلب الغوث وشكوى الظلم والتبرّم من الفساد علاوة على التحاليل العلمية التي كانت كثيرة من حيث العدد لكنّها قصيرة. ويشهد كل الدارسين للموروث الشعري لشيخنا ابراهيم الرياحي أن أشعاره الصوفية تتفوق على باقي الأغراض التي كتب فيها. فقد كتب حين كان على الطريقة الشاذلية: يا من يجيب دعوة المضطرّ * أبدل إلاهي عسرنا باليسر الحمد لله المجيب من دعا * وفاتح الباب لعبد قرعا الى أن يصل الى مدح سيدي محرز بن خلف وسيدي بن عروس في سياق مناجاته للخالق وتوسله إليه بقوله: سألتك اللّهمّ بالمختار * وآله وصحبه الأخيار ومحرز ذاك الإمام بن خلف * من جاء في التقوى على هدي السلف وبن عروس عبثية الأسرار * ذي الحِكم الساطعة الأنوار وحين بدأت روحه تتوق الى فيض الطريقة التيجانية كتب قصيدة مؤثرة في مدحه والتبرّك به وقد جاءت القصيدة عبارة عن إنشاد محبّ هائم بمن يحب. قال في مطلعها: كرم الزمان ولم يكن بكريم * وصفا فكان على الصفاء نديمي وأفاض من نعم عليّ سوابغا * للّه يشكرها فمي وصميمي وإجمالا فإن أشعاره كانت عبارة عن شاهد على العصر، فقد سجلت علاوة على الأغراض العادية للشعر أحداثا سياسية وإنجازات رآها مهمة من قبيل مدائحه لأحمد باي ويوسف صاحب الطابع حين أنشأ السقاية في سيدي أبي سعيد الباجي. كما أرّخت قصائده لأحداث شخصية جدّت في حياة الشيخ من قبيل مرثياته إثر فقدان ولديه. ويسجّل التاريخ للشيخ انه لم يهج إلا في 8 أبيات ولم يفخر إلا ببيتين.