خرج الصليبيون من بيت المقدس ومن عكا وغيرها من البلاد تحت حماية القوات الاسلامية الى مدينة صور بعد ان تعهدوا بعدم الرجوع الى الحرب وعدم نقض العهد، ولكن الصليبيين نقضوا عهودهم واخلوا بها وقطعوا كل ذمة اعطوها لصلاح الدين . فما ان اجتمعت الفلول الصليبية اللاجئة الى مدينة صور حتى اغراها اجتماعها وكثرتها على نقض العهد والرجوع في ما عقدوا من اجله المواثيق . لهذا توجهوا الى مدينة عكا ونصبوا عليها الحصار وضيقوا عليها الخناق وقطعوا الامدادات التي كانت تصلها واستعانوا بالامدادات التي كانت تصل المسيحيين من اوروبا بحرا . وكان لحصار عكا دوي في التاريخ نظرا لطوله الزمني الذي استمر عامين بسبب الشجاعة والبسالة والاقدام التي اظهرها كل من الطرفين المتحاربين سواء المسلمين او الصليبيين . فحين قدمت الجيوش الصليبية الى عكا في رجب 585 هجري 1890 ميلادي وضربها للحصار البري والبحري عليها وصلت الجيوش الاسلامية وحاصرت القوات الصليبية من ناحية البر . ونصب صلاح الدين خيامه على تل كيسان وانطلقت بين الجيشين المعارك والمناوشات وكان الامر يشتد كل يوم بعد ان بادر صلاح الدين الى طلب الدعم واعلان النفير العام من اطراف المملكة يحث المسلمين على التحرك والجهاد وكذلك فعل الصليبيون الذين ظلت تتورد عليهم الامدادات من اوروبا التي ضجت لنبأ استيلاء صلاح الدين على بيت المقدس . وبينما كان الصليبيون يحاصرون مدينة عكا كانت ممالك اوروبا تستعد لحرب صليبية ثالثة اثر الانتصارات الباهرة التي سجلها المسلمون ضد حملتهم الثانية . وقد امتازت الحرب الصليبية الجديدة بمشاركة ملوك على رأس جيوشها مثل امبراطور المانيا فريديريك بربروس وملك فرنسا فيليب اوغسطس وملك انقلترا ريتشارد قلب الاسد . اما الامبراطور الالماني فقد سار في جيش كبير يقارب مائة الف محارب مخترقا بلاد المجر في اتجاه القسطنطينية وافزع هذا الجيش العرمرم امبراطور بيزنطة اسحاق لانج فلم يجد الالمان من الامبراطور البيزنطي مساعدة ولا استبشارا . وبلغ الامر بالامبراطور البيزنطي ان ابلغ صلاح الدين بمجيئه واعلمه بانه سوف لن يمدهم بأية اعانة، فاضطرت الجيوش الالمانية الىالعبور الى اسيا الصغرى ولما وصلوا ارمينية وجدوا من الارض خير مساعد لهم في التوسع والاستيلاء على القرى والبلدات الا ان غرق الامبراطور الالماني بربروس وموته بنهر سالف في جبال ارمينية جعل الجيش الالماني في تشتت واضطراب ورجع غالبه الى المانيا وخير البقية ركوب السفن والالتحاق بالجيوش الصليبية في عكا وصور بقيادة فردريك دواسواب ابن الامبراطور الالماني السابق ولكن هذا الابن ايضا مات في ظروف غامضة اثناء الطريق ولم يصل الى عكا من الالمان الا عدد قليل من الجيش العرمرم الذي لو وصل تاما لكان له اثر كبير في النزاع بين الصليبيين وصلاح الدين . يتبع