كان قرار محمد الدغباجي حاسما.. وهو الرافض لكل أساليب القمع والهيمنة والاستبداد والاستعباد التي تمارسها القوات الفرنسية ضد الأهالي في كامل ربوع الجنوب التونسي.. اختار محمد الدغباجي الانتصار للوطن السليب والانحياز الى صف المقاومين... فكان ان قرر صحبة خمسة من رفاقه الفرار من الجيش الفرنسي والالتحاق بصفوف الثوار جنديا بسيطا ينفذ معهم هجوماتهم للحصون الفرنسية بالحدود ويعود الى مركز قيادة خليفة بن عسكر بنالوت. ... برز محمد الدغباجي بشكل كبير وأظهر حرفية عالية، حيث كان يتسلل ليلا عبر الحدود التونسية الليبية مع مجموعات صغيرة فيتصل بالسكان في جبال تطاوين وغمراسن ومطماطة وكان محمد الدغباجي دقيقا في الرماية وهو ما جعله ينال حظوة خاصة لدى القائد خليفة بن عسكر. تفطنت السلط الاستعمارية الى تحركات محمد الدغباجي حتى أصبحت تطارده الى جبال قفصة الا ان محمد الدغباجي اتصل بالثائر البشير بن سديرة الهمامي وهو ايضا من الفارين من الجندية وانتقلا معا منذ بداية 1919 الى قابس وحوصرا ب«خنقة عيشة» وحدثت معركة بين مجموعة الدغباجي والفرقة الفرنسية من فرسان الصبايحية كان فيها النصر حليف محمد الدغباجي ورفاقه وقد غنموا كميات كبيرة من السلاح الى جانب أربعة من الخيل. ويحفظ التاريخ للثائرين محمد الدغباجي والبشير بن سديرة الاشتراك في بعض المعارك من أشهرها معركة «خنقة عيشة» المشار اليها سابقا ومعركة جبل بوهدمة سنة 1919 التي انتصرا فيها بعد مصادمات دامت ثلاثة أيام مع جنود الحماية الذين التحقوا بهما في موقعتين «خلوة بورملي» و«جهة السقي» بين بقفصة ونفزاوة فتمكنا من الفرار وشاركا في عدة معارك أخرى مثل معركة «سيدي عيش» و«جبل العنف» و«جبل القطار» و«جبل أولاد بوسلامة» و«ماجل بلعباس» غير ان أهم هذه المعارك هي «معركة المحفورة» (1919) وهي مكان يقع بجهة قفصة. وشهد ماي 1919 اغتيال الثائر البشير بن سديرة من قبل أحد المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي وهو بلقاسم الأقرع... اغتيال كان له تأثيره السلبي على نفسية محمد الدغباجي الذي فقد بذلك أحد أنصاره ومعاونيه والمجاهدين الى جانبه... غير ان ذلك لم يفل في عزمه حيث واصل رسالته في النضال والكفاح ضد الاحتلال الفرنسي من خلال معارك عديدة كان فيها محمد الدغباجي الصوت الهادر في مقاومة المستعمر. يتبع